بلدتي، مسقط رأسي
سالم بن ناصر المجرفي
البليدة: قرية صغيرة الحجم، كبيرة التأريخ، تتلألأ على أشعة الشمس لتعانق جبالها الشُمّ، ونخيلها الشاهقة، تقع شمال محافظة الظاهرة بين سفوح الجبال، ومنابع الأودية، يقطنها المجارف جمع “المجرفي”، عدد سكانها يفوق ال 2000 نسمة، تكسوها المزارع المختلفة من كل صَوب كالنخيل والمانجو والعنب والليمون والرمان والزام والبيذام والسفرجل وغيرها، ناهيك عن الأعلاف الحيوانية كالقتّ والعلف ومختلف أنواع الحشائش.
وإذا ذكرنا البليدة، يعرج بنا الفؤاد إلى الجزائر بلد المليون شهيد، حيث يوجد اسم البليدة هناك كمحافظة أو ولاية، إضافة إلى البليدة الموجودة في بعض من ولايات السلطنة، كالمضيبي وشناص، ولعلّ اسم البُليدة تصغيراُ من البلدة، يعود لصغرها أو لموقعها المتحجر بين الجبال الشاهقة التي جعلت من البليدة تتراءى للناظر وكأنها صغيرة فأُطلِق عليها اسم البليدة.
وفي البليدة تأريخ يشهد على عراقتها وقِدمها، فبيوت الطين ما زالت قائمة، تحكي للزائر مدى عراقتها وأصالتها بين البلدان، كذلك بها عدد من الأبراج والمساجد الأثرية والمقابر القديمة والأفلاج وغيرها.
ويوجد في البليدة ما يقارب ستة مساجد أثرية قديمة شيّدها الآباء والأجداد، تختلف مسمياتها، فهناك مسجد الجامع، ومسجد الغربية، ومسجد القرطة، ومسجد اللمبقة، ومسجد العبيسية، ومسجد الزوباء، ناهيك عن المُصلّيات الموجودة فيها، إضافة إلى المساجد الحديثة التي شُيّدت في عصر النهضة المباركة وعددها ستة مساجد، بالجملة هناك أحد عشر مسجداً في البليدة، بعضها من تاريخية قديمة، والبعض من منجزات النهضة المباركة.
ويوجد في البليدة أربعة أفلاج، تختلف مُسمياتها بحسب موقعها ومكانها، منها فلج البليدة والذي سُمّي على اسم البلدة، يروي معظم النخيل والمزروعات فيها وهو الفلج الأمّ، إضافة إلى فلج الزوباء، والذي يروي الحيل المسماة بالزوباء، وفلج حيل محلة ويروي الحيل نفسها، إضافة إلى فلج الحلتي، والذي يروي معظم النخيل والمزروعات الواقعة على ساحل الوادي.
البليدة يوجد بها واديان يرويان البليدة والقرى المجاورة لها، وهي وادي البليدة وهو الأقوى والأكبر، ووادي العربين.
وفي عهد النهضة المباركة الحديثة والتي شيدها مولانا جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم طيب الله مضجعه، حظيت البليدة بنصيب وافر من المنجزات، فرُصِفت الطُرق، وجُمِّلت الشوارع، وتوفرت خدمة الإنترنت، وأُنشِأت محطات لتقويتها، وكذلك محطات لتقوية الإذاعة والتلفزيون.
والتعليم في البليدة قديم عهد، حيث توجد مدرسة لتعليم القرآن الكريم وتحفيظه، وتعليم القراءة والكتابة، وقد تم تشييدها وإعادة ترميمها بالبناء الحديث.
إذن، جملةً وتفصيلاً، البليدة تأريخ عريق، وحاضرٌ مُشرق، من يزورها مرّة سيتمنى زيارتها لمرّات، لمكانتها وموقعها الجغرافيّ المتميز بين التضاريس، وهي باردة جداً في الشتاء، ومحافظة على برودتها صيفاً، ذات جوّ معتدل وطقس لطيف.