متابعة – عبدالله الجرداني
تحتفي سفارة الجزائر اليوم الخميس برأس السنة الأمازيغية ينّــــــاير ( أو نّاير ) ، وهو الشهر الأول من السنة والذي يتزامن حلوله مع اليوم الثاني عشر من بداية السنة الميلادية (جانفي) من كل عام وبداية التأريخ بالسنة الأمازيغية الذي يعود إلى تسعمائة وخمسين سنة قبل الميلاد، وعلى ذلك فإن السنة الأمازيغية هذا العام الميلادي 2023 توازي سنة 2973 ويتبادل المحتفون بهذه المناسبة التهنئة بعبارة ” أسقاس أمقاز “.
وأوضح سفير الجزائر المعتمد بسلطنة عمان سعادة فيلالـي غوينـي بأنّ مقرّ السّفارة سيستقبل بهذه المناسبة أعضاء الجالية الجزائرية المقيمة بسلطنة عمان وسيتم الاحتفال من خلال تقديم فقرات عبر برنامج أعدته السفارة بمشاركة ممثلين عن أعضاء الجالية الوطنية يتضمن نشاطات متنوعة منها: مداخلات تعرّف بالموروث الثقافي الجزائري وتستعرض أهمّ المظاهر الاحتفائية المتعلقة بيناير ، مع تخصيص فضــاء من ثلاثة أقسام ، القسم الأوّل لـــعرض كـــتـب ومطبــــــوعات عن التنوـّع الثقافــي في الجـــــــزائــــر و مؤهلاتها السياحية ، وآخر لعرض أطباق وحلويات جزائرية تمثل مختلف مناطق الجزائر ، وثالث لعرض أزياء وملابس تقليدية تعكس تطور الحرف والمنتجات اليدوية خاصة في الأحياء الشعبية العتيقة و كذا في الأرياف والقرى الجزائرية لإبراز تاريخ وأصالة المجتمع الجزائري، و تختتم الاحتفالية بتكريم بعض الأطفال المشاركين المتوّجين في مسابقة الرّسم التي نظمتتها السفارة بذات المناسبة.
وقد عمدت الجزائر إلى ترسيم هذا التاريخ كيوم وطني وعطلة رسمية مدفوعة الأجر ابتداء من تاريخ 12 يناير 2018.
أصل التسمية ومظاهر الاحتفال
يناير هو كلمة مركبة من “ين” وتعني واحد و”ير” وتعني الشهر الأول، وبالأمازيغية “يناير” هي “إخف أوسقاس”، والمقصود بها كذلك أول شهر في الرزنامة الفلاحية حسب التقويم الأمازيغي القديم.
وتتنوع مظاهر الاحتفال ببداية السنة الأمازيغية في الجزائر وتختلف من منطقة إلى أخرى ، كلّ حسب عاداته وتقاليده حيث يأخذ الاحتفال نكهة خاصة لدى كل منطقة ، ويتم إحياؤها بنشاطات مميزة وعادات تعكس البعد الأمازيغي في الهوية الجزائرية ، حيث يعد طبق الكسكس أو “الطعام” (بسكون الطاء)، وهو طبق تقليدي يحضر من السميد والخضروات واللحم أو الدجاج) إحدى الوجبات الهامة في ذلك الاحتفال والذي تختلف مكوناته باختلاف المنتجات السائدة بكثرة في كل منطقة، كما تختلف تسميته من منطقة إلى أخرى، ومع هذا تحرص العائلات على طهيه مع 7 خضراوات و7 بهارات مختلفة، تفاؤلا بسنة خير وبركات، وتتميّز العائلات الجزائرية في مختلف المناسبات بتحضير أطباق أخرى كالبركوكس ، الدوبارة ، الثريدة ، اللتليتلي ، الزفيطي ، الحريرة ، الشخشوخة ، الشوربة فريك والالدولمة والطاجين وغيرها من الأطباق التي تتفن المرأة الجزائرية في اعدادها ، ما جعل المطبخ الجزائري يُصنّـــــــف الأوّل عربيا وأفريقيا والــ34 عالميا .
كما يحافظ الجزائريون على زيهم التقليدي باختلاف المناطق ، فلا يزال البرنوس و القشابية (من الوبر أو من الصوف ) ، القندورة ، الدراعة، عند الرجال والقفطان ، الجَبـــّـــــــــة ، الكاراكو ، الملاية ، الملحفة وغيرها من الملابس عند النساء الحاضرة بقوة في مختلف المناسبات والأفراح الجزائرية .
في مناطق أخرى من الجزائر يضع الرجال عصيا طويلة من القصب في المزارع والحقول حتى تكون غلال السنة الفلاحية الجديدة وفيرة، فيما يقطف الأطفال الزهور والورود ويضعونها عند مداخل المنازل، ويرتدون ملابس جديدة ويحلق الصغار رؤوسهم لأول مرة، وتملأ الأمهات أواني فخارية بكل أنواع المكسرات والحلويات، وتنثرها على رؤوس صغار العائلة.
إضافة إلى ذلك تخرج بعض العائلات إلى الحقول والمزارع والغابات ويجمعون مختلف أنواع الأعشاب البرية لإعداد “الكسرة” (وهو خبز تقليدي مُعدّ من السميد ومحشو بعدة أعشاب برية)، فيما تحضر النساء العشاء لجميع أفراد العائلة وسط أجواء من الفرح والغناء وتوضع الحناء للأطفال.
في حين جرت العادة بغرس بعض أنواع الأشجار والنباتات في الحقول لإبعاد الطفيليات والقيام أيضا بطلاء جدران البيوت وتغيير بعض الأثاث للتفاؤل بالأخبار السعيدة والجديدة، وفي بعض المناطق يقوم السكان بتغيير الموقد التقليدي المتكون من الأحجار والرمال التي يطهى عليها الأكل، وبعد العشاء تقوم العائلات بتنظيم سهرة خاصة بحضور المكسرات والشاي على الطاولة.
كما أن هذه المناسبة تعتبر فرصة لارتداء الملابس والحلي التقليدية على غرار الفضة المرصعة بالمرجان.
ومن الطقوس كذلك أن تقوم ربات البيوت حسب التقاليد بنشر بعض الحبوب الجافة والفتات ونثره بالخارج للحشرات والطيور وفي كل زوايا المنزل التي يصعب الوصول إليها، وهي حركة رمزية للتأكد من عدم بقاء أي مخلوق جائعا في يوم يناير.
