جمعه بن طالب الشكيلي
يقال إنك حينما تحب شخصًا وتصل لدرجة حبه فإنك ستكون نسخة من تصرفاته وسلوكه، وهذا بعض الأحيان ليس بإرادتك وإنما عن طريق برمجة أدخلت معلوماتها لعقلك فخزنها وبدأ بتفعيلها، وهناك طريقة أخرى قد تكون نتيجة أحداث متكررة سواء كانت سلبية أو إيجابية وتسمى بالتراكمات، فما هو الفرق بينهما؟.
البرمجيات تتلخص في هذه المقولة “العلم في الصغر كالنقش على الحجر”، فالبعض منا يبرمج نفسه كلًا حسب رغبته، وفي بعض الأحيان دون دراية منه؛ فالعقل الباطن هو المخزن لتلك البرمجيات سواء كانت إيجابية أو سلبية، ولذلك الحرص في تعليم أبنائنا منذ الصغر البرمجيات الإيجابية تنشأ جيلًا مختلفًا ومتنورًا ومثقفًا، وللأسف البعض منا في كبره يدخل برمجيات سلبية في عقله، وأفكارًا قد توصله للوهم والطريق الخاطئ، أما التراكمات فالمقصود فيها خبرات الإنسان على مر الزمن؛ فهو من يحدد إن كانت سلبية فتصبح عالة عليه أو إيجابية فتكون معينة له، بمعنى أن التراكمات نتجت عن طريق تراكم المعلومات، فإذا كنت تجمع معلومات خاطئة فتكون المحصلة خبرة خاطئة والعكس صحيح؛ لذلك وجب التنبيه بعبارة أو بأخرى “أنت من يحدد اختيارك”.
ومن منطلق هذان المصطلحان وما نراه اليوم لهو أمر غريب، فمع وجود التطور والتكنلوجيا إلا أن البعض يتجه نحو الخطأ في استخدامها ولا يترك مساحة للعقل في اختيار المفيد لهم، والأبشع أنهم إما أن يبرمجوا أنفسهم للسلب أو يقذفوا أنفسهم في غيابات التراكمات السلبية، والضحية الجيل الذي يأتي من بعدهم، وهناك مئات من الأمثلة ومن واقع معايشتي لبعض الأمثلة، وفضلت عدم البوح بالتفاصيل كلها سوى المرور بالرابط الأساسي للموضوع المطروح؛ ألا وهو تميز بعض الأبناء بمزاجية أنانية غرورية فوق المعدل الطبيعي، وبأفكار تجردت في بعض الأحيان من الإنسانية، وبعضهم الآخر اتجه لعلاقات المصلحة الإستغلالية التي وصلت لمرحلة الإجرام بشخصية الكاريزما الطيبة، وبعضهم يدعي أنه الفاضل المميز في الكون أجمع وهو لا يعرف حتى نفسه وغيرها وغيرها الكثير من الأمثلة.
فالخلاصة والرسالة التي أود أن أوجهها لكل الأباء والأمهات وأولياء الأمور وحتى المسؤولون؛ فأنتم راعون وكلكم مسؤول عن رعيته، فالبرمجيات والتراكمات التي يجب أن تزرعوها، إحرصوا كل الحرص على نقاوتها وجودتها؛ فمن زرع حصد، واجعلوا بذوركم تستقي أجمل ما عندكم حتى تتمتعوا بما زرعتم وتكون لكم خير سلف لتبدأ رحلة جديدة ويكونوا خير خلف.
