كتاب وأدباء جنوب الشرقية تنظم ندوة علمية أدبية
صور : النبأ
في إطار الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية .. نظمت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء ممثلة بلجنة كتاب وأدباء محافظة جنوب الشرقية ندوة علمية أدبية تحت عنوان (واقع تعليم اللغة العربية في المؤسسات التربوية والجامعية).
رعى فعاليات الندوة المكرم الدكتور عبدالعزيز بن عامر بن حمد الصواعي عضو مجلس الدولة بحضور سعادة الدكتور يحيى بن بدر بن مالك المعولي محافظ جنوب الشرقية والشيخ أحمد بن محمد البوسعيدي نائب والي صور والمستشار فهد الشهري من سفارة المملكة العربيةالسعودية بسلطنة عمان وعدد من مديرو العموم والمؤسسات الأكاديمية بالمحافظة والدكتور ناصر بن سعيد العتيقي رئيس لجنة كتاب وأدباء محافظة جنوب الشرقية وعدد من المهتمين بالأدب واللغة العربية.
وقد شهدت الندوة التي أقيمت بقاعة فرع غرفة تجارة وصناعة عمان بولاية صور جلستا عمل، قُدمت خلال الجلسة الأولى ثلاث أوراق عمل وأدارتها الدكتورة فاطمة بنت ناصر المخينية، حيث قدم الدكتور سالم بن سعيد العريمي ورقة عمل بعنوان تقنية التكرار وأثرها على الذاكرة ومهارة التحدث بالفصحى أشار فيها بأن اللغة تعتمد في معرفتها الذهنية على الترميز ثم البقاء في الذاكرة ثم الاسترجاع ساعة الاحتياج إليها، ويشير اللغويون القدماء والمحدثون إلى الفصاحة على أنها مهارة يمكن للإنسان أن يكتسبها من خلال تقنيات مختلفة، موضحاً بأن التكرار يلعب دورا فاعلاً في اكتساب هذه المهارة، حيث إن التكرار له مفهوم إدراكي وانفعالي يؤثر حتما على قدرة الطالب على الحديث والكتابة والقراءة أيضا، كما أنه نوع من الإلحاح المنظم على الذاكرة لتبقى المعرفة حية بها، ولتبقى الطريقة في الحديث محتفظة ببلاغتها وفصاحتها وفق قواعد نحوية وصرفية وبلاغية يستطيع من خلالها الطالب أن يعبر بها على أفكاره ومشاعره وأحاسيسه في لغة سليمة متقنة.
فيما قدمت الدكتورة فايزة بنت محمد الغيلانية ورقة عمل بعنوان تعليم اللغة العربية في سلطنة عمان (الواقع والتحديات) تطرقت محاورها حول واقع تعليم اللغة العربية في سلطنة عمان ومدى توافق منظومة معايير مادة اللغة العربية مع المراحل التعليمية المختلفة والمؤشرات التي تظهرها نتائج الطلبة في مادة اللغة العربية في المراحل الدراسية المختلفة وتحديات تدريس مادة اللغة العربية في سلطنة عمان والحلول المقترحة لتحسين تدريس مادة اللغة العربية في سلطنة عمان.
واشارت الدكتورة فايزة في محاضرتها بأن اللغة العربية تحظى بإقبال متزايد على تعلمها في شتى أرجاء العالم مثل كوريا الجنوبية وفنلندا والسويد وفي العديد من الدول الأوروبية الأخرى وتركيا كما نجد اهتمامًا خاصا وواضحًا باللغة العربية في بعض الدول الآسيوية ومنها ماليزيا وأندونيسيا. أما في أفريقيا، فإنّ بعض الدول الأفريقية (مثل غامبيا) تحاول ترسيم اللغة العربية بدلاً من الإنجليزية. وفي السنغال والتشاد وإيريتريا، وإثيوبيا التي طلبت مؤخراً مساعدة من بعض الدول العربية لدعم تدريس اللغة العربية، وإنشاء بعض المراكز المتخصصة في ذلك. أما في العالم العربي فهناك تفاوت كبير في نسبة إتقان اللغة العربية بين أبناء الشعب العربي، مبينةً أنَّ الأمية، والفقر، والحروب المتتالية أدت إلى تدهور قدرة متحدثيها على الكتابة أو التكلم بها. إضافة إلى اللهجات المحلية، أو اللغات الأجنبية التي هيمنت بشكل ملحوظ في العديد من البلاد العربية، فأصبحت اللغة الإنجليزية أو الفرنسية أهم من اللغة العربية للحصول على فرص عمل، أو حتى لدراسة الفروع العلمية في معظم الجامعات العربية، إضافة إلى الطريقة التقليدية المعتادة في تدريس مادة اللغة العربية في المدارس التي أدت إلى الكره أو الملل من مادة اللغة العربية وربطها بالتعقيد والأدب والدين فقط، وفصلها عن كل ما له علاقة بالأمور العلمية والتكنولوجية الحديثة.
واختتمت ورقتها قائلةً : في سلطنة عمان فإنّ اللغة العربية تدريسا واستخداما تتأثر بالمعطيات الحديثة التي سلبتها مقامها الحقيقي، ومكانتها المستحقة في الاستخدام الشعبي والرسمي على حد سواء، وتعاني من وجود الكثير من التحديات التي يمكن إيجاد الحلول لتذليلها من خلال الالتفات إلى المقترحات التي تعزز دورها، وتؤصل وجودها في الواقع الشعبي والرّسمي.
أما الورقة الثالثة من الجلسة الأولى فقد قدمتها زكية بنت علي الهاشمية تضمنت ملخص بحث بعنوان امتلاك معلمي اللغة العربية لكفايات تكنولوجيا التعليم في التعليم ما بعد الأساسي قالت فيها : إنَّ هدف البحث هو التعرف على درجة امتلاك معلمي اللغة العربية كفايات تكنولوجيا التعليم في التعليم ما بعد الأساسي بسلطنة عمان من وجهة نظر المشرفين التربويين، وسيتم استخدام المنهج الوصفي التحليلي، والاستبانة ومن المتوقع التوصل إلى النتائج الآتية وهي معرفة مدى امتلاك معلمي اللغة العربية لكفايات تكنولوجيا التعليم في مدارس التعليم ما بعد الأساسي والوصول إلى أهم الكفايات التكنلوجية التي يمتلكها معلمي ومعلمات التعليم ما بعد الاساسي ومدى استخدامها في عمليتي التعليم والتعليم، بالإضافة إلى معرفة وجود الفروق ذات الدلالة الإحصائية في امتلاك معلمي اللغة العربية لكفايات تكنولوجيا التعليم تبعا لمتغير سنوات الخبرة والمؤهل التعليمي.
أما الجلسة الثانية فقد شهدت ورقتا عمل وأدارها هاشم بن علي البرزنجي حيث قدم خلالها الدكتور ناصر بن حمود الحسني من جامعة الشرقية الورقة الأولى بعنوان مستقبل اللغة العربية في الواقع التعليمي – رؤية استشرافية أوضح من خلالها بأن اللغة (أية لغة) تُعد جوهر الاتصال بين البشر، بها تستمر الحياة وتتحقق الغايات، واستعمال الجهاز اللغوي في الاتصال يشبه التنفس للإنسانية، وكلاهما يسعى إلى بناء الإنسان وتشييد العالم، ولكن الكلمات من وجهة نظر أحد المؤرخين ،” لزقة والأفكار لزجة” ولا يوجد إنسان يعني كل ما يقول؛ لأن إنتاج الكلام لا يولّد معاني مكتملة، ولا ينتج حقيقة يقينية مستقلة عن الذات الإنسانية المجردة من فعل الجوارح والانفعالات ولما كان البشر يتمايزون في استعمال اللغة وبالتالي في فهم العالم وتأويله، لأن اللغة وطرائق تصريفها على مناحي متعددة ومتنوعة لا شك أنها تختلف في مقاصدها باختلاف قائليها وأهدافهم، ومقامات التلفظ وسياقاته المخصوصة. وقد أرسى إمام البلغاء وزعيم الخطباء أبو عثمان الجاحظ أسس علم الكلام وشروط التلفظ ليبلغ الحديث مداه ويبلغ محتواه، بأن يدبج بالإنصات، ويوشّى بالبيان وفصاحة اللسان.
مختتما ورقته بان اللّغة العربيّة رغم كلّ المشكلات التي تعيشها على امتداد أكثر من قرن من جرّاء محاولات الاستعمار لطمسها ثم المخاضات التي عرفتها الكثير من دولنا بعد الاستقلالات فإنّها ظلت لغة وجود للمجتمعات العربيّة وهو ما ُيؤكّد قوّة اللّغات الأمّ وصمودها رغم الهزّات التي يمكن أنْ تعرفها المجتمعات التي تستخدم تلك اللّغة موضحا بأنّ مختلف الجهود العربيّة في هذا المنحى ما زالت تحتاج إلى توحيد الجهود واعتماد مشروع عربيّ تربوي موحّد وواضح الأهداف والاعتناء بجانب التّرجمة لما تمثّله من انفتاح للغة العربيّة وفتح لآفاقها ، فمن شأن الاعتناء بالتّرجمة أنْ يكون لها دورٌ فعالٌ في بلورة رؤية استشرافيّة للغة العربيّة خاصّة في ظلّ تنامي التكنولوجيا وتطوّرها، لذا وجب على المهتمين باللغة العربيّة أنْ يكونوا “على بينة من مختلف التطوّرات التي تحصل في العالم ومحاولة مواكبتها خدمة للغة العربيّة وتطويرًا لمناهجها وأساليبها.
بعد ذلك قدم علي بن سويلم الهاشمي الورقة الثانية بعنوان السبل الناجعة للنهوض بالعربية والمحافظة عليها تطرق من خلالها بأن اللغة تشكل هوية المتحدث، فهي الوعاء الذي يحمل الفكر، ويحمل المعرفة، وهي وسيلة للتواصل مع الآخرين؛ لذلك فإنَّ المحافظة عليها يعتبر محافظة على بقاء هوية وتاريخ الأمم متطرقا في ورقته على المحاور الخمسة لبيان السبل التي يمكن أن تسلك في سبيل الارتقاء باللغة لدى أبنائها، فالمحور الأول هو الدور السياسي فالسياسة تلعب دورا هاما في توجيه حياة الفرد في مختلف شؤون حياته، واللغة جزء من هذه الجوانب التي تؤثر فيها السياسة وكلما وجهت بعناية نحو خدمة اللغة استطعنا أن نتجاوز التحديات بسهولة فيما يتناول المحور الثاني دور المسجد والحاضنة القرآنية لا يغيب عن الأذهان، ومن واقع التجربة المشاهدة، أن حفظة القرآن يتصدرون في المؤسسات التعليمية، وما ذلك إلا لأن القرآن سطع بنوره في أفئدتهم، وطوَّع اللغة لديهم وهي مفتاح لكل معرفة، وبوابة لكل علم وأما المحور الثالث فيتمثل في دور المؤسسات التعليمية فاللغة مرتبطة بموقعها في خارطة التعليم، وكلما زاد الاهتمام بها، كان المردود أعلى وأرقى؛ لذلك لابد أن يحرص أصحاب القرار في التعليم داخل هذا البلد على مراجعة كل ما يتعلق بالعملية التعليمية، سواء فيما يتعلق بالمناهج ومحتواها، أو الكفاءات التدريسية، أو طبيعة التعليم نفسها والمحور الرابع فيتمثل في دور المؤسسات الثقافية المجتمعية حيث يكمن دورها في تسليط الضوء على الجوانب اللغوية، كالمسابقات والبرامج التطويرية للجوانب المهارية في اللغة، من خطابة وإلقاء، وغيرها والمحور الخامس هو دور الإعلام فالإعلام له دور كبير في صناعة المجتمع، وصياغة عقول أبناء الأمة؛ لذا ينبغي الحرص على بث برامج تخدم اللغة العربية، وفرض اللغة الفصحى على مقدمي البرامج، بما يتناسب مع المقال والمقام، وتوجيه القطاع الخاص لصناعة أفلام كرتونية تحافظ على القيم واللغة كهوية حضارية.
وفي الختام قام راعي الندوة بتكريم مقدمي أوراق العمل ورؤساء الجلسات واعضاء لجنة التنظيم ثم قدمت هدية تذكارية لفرع غرفة تجارة وصناعة عمان بمحافظة جنوب الشرقية لإستضافتهم فعاليات الندوة وقدم الدكتور ناصر العتيقي هدية تذكارية للمكرم الدكتور عبد العزيز بن عامر بن حمد الصواعي عضو مجلس الدولة راعي الندوة.