الدراسة بعد الاختبار
بقلم الكاتبة : سالمة بنت هلال الراسبية
باحثة وكاتبة بجنوب الشرقية
وجد القرار الوزاريّ الذي أصدرتْهُ وزارة التربية والتعليم مؤخراً، بخصوص استكمال الطلاب في الدوام الرسميّ حتى بعد انتهاء الطالب للاختبارات الفصلية، موجةً من الاستياء على وسائل التواصل الاجتماعيّ، منها تويتر والاسنتغرام، في الحسابات الإخبارية، رغم أنه لم يتم تطبيقه بعد بشكلٍ فعليّ في الميدان.
وأخذ بعض المعلمين وأولياء الأمور على وسائل التواصل الاجتماعي يهاجمون القرار بأنه غير مدروس وليس له أي داعٍ، ويبرّرون ذلك بأن الطالب بعد الاختبار يحتاج للعودة للمنزل وأخذ قسطٍ من الراحة، والبدء في استذكار المادة التي سيختبرها في اليوم التالي، كما أن البعض قال:
إن المعلمين لن يستطيعوا التوفيق بين الشُّعَب في حصة أو حصتين، أمّا عن رأي بعض المعلمات، فكان سؤالهن: هل ستطبق مدارس البنين القرار؟ ففي نظرهنّ أن القائمين على مدارس البنين لا يبالون بمثل تلك القرارت وسيسمحون للطلبة بالخروج بعد الاختبار.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن هجوم المغردين على القرار هو بمثابة رفضٍ تامٍّ لتطبيق الفكرة، بل ووأدِها في المهد.
وفي حقيقة الأمر، فإن الوزارة لم تزد وقت الدوام الرسمي، فالطلبة يُختبرون، وبعد ساعتين أي في الساعة (12) ظهراً ينصرفون من المدرسة، فيمكن استغلال تلك الساعتين في تقوية الطالب دراسياً للاختبار اللاحق.
ثانياً: لم تُجبِر الوزارة المعلمين على خطة معيّنة، بل وضعت الأمر بيد إدارة المدرسة والمعلمين ليطبقوا خطة تدريس مرنة و مناسِبة، يتمّ فيها تقوية الطالب في المادة التي سيخترها لليوم التالي. وأخيراً، ففي العام الماضي وما قبله، لاحظ الكثيرون من أولياء الأمور أن غالبية الطلاب بعد الاختبار لا ينتظرون الباصات لتقلّهم إلى منازلهم، بل يضيّعون وقتهم فيتّجهون إلى المحلات والمطاعم المجاورة من باب الترفيه عن أنفسهم بشراء الوجبات والمشروبات الغازية وغيرها، والتي هي ممنوعة في الجمعيات المدرسية، كما وأن البعض يقطعون الشارع العامّ، مسبّبين لأنفسهم ولغيرهم الخطر من سائقي المركبات.
ومن المؤسف حقيقةً، في العام الماضي انتشار مقاطع لمشاجرات بين الطلبة داخل الحرم المدرسي وفي الصفوف، ممّا يعكس صورةً غير مرغوبة عن المجتمع المدرسي، وقد تحدث أموراً خافية نحن كأولياء أمور نجهلها، وهذا ما سبق ليس تبريراً للقرار، بل إنها مجرد ملاحظات قد يتفق البعض وقد لا يتفق الكثيرون معها، ولكنها تبقى في النهاية أمورٌ تحتاج لعلاج جذري.
ومن باب الإنصاف للجهود وإحقاقاً للحقّ، فإن ثمّة مدارس بدأت بتنظيم آلية عمل تتماشى مع القرار وتستفيد منه من أجل مصلحة الطلبة في التعليم، فوضعت خطة دراسية لتقوية الطالب، تقوم المعلمة على إثره بوضع ملخص عام للوحدات الدراسية، وتمرّ على الصفوف، الصف تلوَ الآخر، وتعمل على توصيل المعلومات غير المفهومه لهن، والبعض قام بتنظيم الطالبات على شكل مجموعات دراسية تُشرف عليهنّ إحدى المعلمات.
إن وجود وسائل تعليمية تقنية وفّرت الوقت والجهد للمعلم، وساهمت في تبسيط الأمر.
وإذا جئنا إلى لغة الحسابات، ففي مقالٍ بجريدة عمان نُشر بتاريخ (2 يناير 2022) وذُكر فيه أن حصة وزارة التربية والتعليم من الميزانية العامة للدولة بلغت مليار و237 مليوناً و689 ألف ريال، بما يقترب من 29% من ميزانية باقي الوزارات، وتخصيص هذا الرقم الكبير من نسبة الميزانية لقطاع التعليم يؤكد حرص الدولة على دعم التعليم والارتقاء به عالياً،
فالمدرسة الواحدة قد تُكلّف مليون ريال عمانيّ،وملايين الريالات الأخرى على رواتب العاملين والسائقين وتكاليف صرف الكتب وطباعة الاختبارات والمبالغ الإضافية على لجان مراقبة الاختبارات وغيرها.
وقياساً على ذلك، فإن أهالي الطلاب يبذلون جهدهم ويصرفون الكثير من الوقت والمال ويقضون غالبية أعمارهم ليعيش أبناؤهم في رفاهٍ من العيش، كما أنهم يتضايقون عندما يرون أن أبناءهم يتركون الحقيبة والاستذكار ويضيّعون وقتهم في الهاتف مثلاً.
وبين هذا وذاك، عيون الآباء والأمهات وأمالهم تتجه نحو كل ما يجعل العمل في المجتمع المدرسي والمنظومة التعلمية أكثر مرونةً وتيسيراً، وفي ذات الوقت يخدم مصلحة العمل ومصلحة أبنائهم الطلبة الذين هو محور العملية التعليمية.