تدشين القارب التقليدي “زينة الساحل” موروث زان احتفالات البلاد بالعيد الوطني المجيد
النبأ – سعيد بن خميس الهنداسي
ونحن نعيش في هذه الأيام النوفمبرية، دشن ابناء الغليل بولاية السويق أكبر قارب تقليدي (شاش) على مستوى السلطنة اليوم الجمعة الموافق ١١نوفمبر ٢٠٢٢م، تزامناً مع احتفالات السلطنة بالعيد الوطني الثاني والخمسون المجيد، حيث رعى الاحتفالية سعادة الشيخ/ سعيد بن حمد السعدي نائب رئيس مجلس الشورى ممثل الولاية، واشتمل حفل التدشين على فعاليات شعبية وإلقاء القصائد الشعرية ومسابقات تراثيه بحرية، ومما لا شك فيه إن هذه النوعية من القوارب التقليدية، رافقت مسيرة الاجداد سابقاً وتعد الان تراثا عريقا ومنذ بزوغ فجر النهضة المباركة تطورت مثل هذه الصناعات واستبدلت قوارب السعف (الشاش) بالقوارب الخشبية وقوارب الفيبر، والجدير بالذكر أن وشارة الشاش فيها تفاصيل كثيرة، وقد استغرقت صناعة هذا القارب ثلاثون يوم عمل متقطعة، بتمويل من الفاضل/ جميل بن مصبح الهنداسي، وقام على صناعة هذه الشاشة شابين عمانيين هما: الفاضل/ خميس بن علي الهنداسي والفاضل/ خالد بن سالم الهنداسي وبمعاونة الاباء، ويبلغ طولها ١٢ متر وعرضها ٢ متر وارتفاعها متر ونصف، وبتكلفة فاقت الثلاثة الالف وخمسمائة ريال عماني وتتسع لأكثر من ٢٥ شخص، وبهذا تكون أكبر شاشة عرفها أهل السلطنة وعلى المستوى الإقليمي.
فمع تنوع تضاريس السلطنة بين جبل وسهل وبحر ، فإن شاطي البحر وساحله وخلجانه لا تعد مجرد بقعة جغرافية عادية في تفاصيل المشهد العماني الجميل فقط، بل هي حكايات وقصص وروايات كثيرة لحاضرنا وماضينا الاصيل، رواها البحر وحبات الرمل وبحاره سامروا النجوم والقمر في اعماق البحار، وصنعوا من ظلام الليل ووحشة البحر صداقات حتى لا يغدر بهم، وصاحبوا الشمس واشعتها لتنير لهم الطريق وتعتصر بجبينهم مشقة الحياة ليفوح من اجسادهم عرق الكفاح، ويعطروا به لحظاتهم القاسية بروائح زكية في واقعهم ليعيشوا بكرامة بين اقرانهم ويبنوا جيل المستقبل، ومن ثم تمضي الحياة بكل ما فيها من جبروت ومصاعب حتى تصل بهم وبمجتمعهم لشاطئ الامان، وقد قيل؛ من ليس له ماضي فليس له حاضر ولا مستقبل.
ومن هذا المنطلق، روض اهالي البحر وخاصة بحارة الغليل روضوا أمواج البحر لسفنهم وقواربهم سعيا لطلب الرزق، حتى تعينهم في صيد الأسماك، كما طوعوا جريد النخل أو ما يسمى محليا بالزور طوعوه لصناعتهم، فصنعوا منه قوارب الشاش التي تعتبر اقل كلفة من سفن الخشب، كما انها اخف وزنا ويمكن لشخص أو اثنين من نقلها من اليابسة للبحر والعكس بطريقة اللف أو السحب، وهناك أنواع من قوارب الشاش فمنها الصغير والمتوسط والكبير، أو كما تسمى ام اربع وأم خمس وأم سبع، وربما صنعوا اكبر من ذلك حتى إن اخر ما تم صنعه حسب المتداول لا يزيد عن خمسة امتار، وهذه النوعية تستخدم لنقل شباك الصيد والدوابي، حيث أن لها وزن وتحتاج إلى مجموعة من الناس لسحبها من وإلى البحر لتشق عباب البحر اما بالتجديف أو بالشراع، وفيما بعد تم تجهيز الشاش بالمكائن .
فالاهتمام بالتراث البحري العريق هو غاية أهل هذه المنطقة واحياء التراث يعيد الذكريات للأجداد، وهاهي الايام تعيد نفسها من جديد فالجيل الحالي يرث كنزا ثمينا من ابائهم واجدادهم وشيابهم، واليوم يردد الشباب بحناجرهم اهازيج البحارة وهم يرفعون الشراع ويجدفون قاربهم “زينة الساحل” ليعيدوا ماضي الاجداد وطموحهم أن يحلق علم السلطنة عاليا.