علاج أكثر من عشرة ألاف نخلة مصابة بسوسة النخيل حتى يوليو الماضي بمحافظة الظاهرة
عبري – صلاح بن سعيد العبري :
أوضح المهندس خالد بن خميس بن سعيد الشماخي، مدير دائرة التنمية الزراعية بالمديرية العامة للثروة الزراعية وموارد المياه بمحافظة الظاهرة أن سوسة النخيل تعتبر من الحشرات الغازية، حيث أن الموطن الأصلي للحشرة هو دول جنوب شرق أسيا، مشيراً إلى أن أول تسجيل لظهور الحشرة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي كان في عام 1983 عن طريق استيراد فسائل نخيل الزينة من دول جنوب شرق أسيا مما أدى لدخول الحشرة إلى دول شبه الجزيرة واستيطانها لنخيل التمر لتكون عائلا لها وتكاثرها بين نخيل التمر منذ ذلك الوقت لتصل إلى ولايات سلطنة عمان في منتصف تسعينيات القرن الماضي، حيث تبنت وزارة الزراعة والثروة السمكية وموارد المياه منذ ذلك الوقت منظومة الإدارة المتكاملة لمكافحة حشرة سوسة النخيل الحمراء وللحد من انتشارها.
وأشار الشماخي إلى أن سوسة النخيل الحمراء لا تغزو نخيل التمر فحسب، إنما تغزو معظم أنواع النخيل كنخيل الزيت ونخيل الزينة ونخيل الواشنطونيا ونخيل الكناري إضافة إلى أمكانية تعرض نخيل جوز الهند للإصابة بأفة سوسة النخيل إلا أنه لم يتم تسجيل إصابة بالحشرة فيما يخص نخيل جوز الهند حيث أن الإصابات المرصودة من قبل وزارة الزراعة والثروة السمكية وموارد المياه تتركز في محافظات شمال سلطنة عمان.
وفي محافظة الظاهرة، أوضح الشماخي أن أول ظهور لحشرة سوسة النخيل في المحافظة كان في قرى ولاية ينقل في عام 1998 حيث تم القضاء على وجود الافة، ولكن في عام 2004 ظهرت الإصابة مجدداً في عدد من قرى ولاية ضنك لتنتشر بعدها إلى قرى الولايات الاخرى في المحافظة نتيجة نقل الفسائل بين مختلف المناطق مع تهاون بعض المزارعين بخطورة هذه الممارسة ودورها الكبير في انتشار الافة بين مختلف المناطق بالرغم من وجود الحملات التوعوية التي تبنتها الوزارة.
وأشار المهندس خالد الشماخي أن الوزارة لا تألوا جهداً في مكافحة هذه الافة الزراعية إلا أن القضاء التام على هذه الحشرة يتطلب جهد مشترك بين الجانب الحكومي وبين المواطنين والمزارعين لنجاح استئصال الافة، حيث أن التهاون في نقل الفسائل بين منطقة وأخرى يمكن أن يشكل ضرر بالغ للمناطق السليمة، كما أن عدم الاهتمام بالفحص الدوري للنخيل يمكن أن يؤدي إلى تكاثر الحشرة واستفحال تواجدها في جذع النخلة مما يجعلها مصدر لتكاثر الحشرة وتأثيرها فيما بعد على النخيل المجاورة في المزرعة والمزارع المحيطة.
وأضاف الشماخي أن عمليات الفحص الدوري التي تضطلع بها المديرية في المحافظة تعمل بشكل مكثف من خلال الفرق الميدانية المتوزعة والفرق الأهلية المتعاونة في مختلف قرى ولايات المحافظة من أجل فحص وكشف المناطق المتأثرة في وقت مبكر مما يسهل عملية القضاء على أماكن التكاثر ولحماية باقي النخيل السليمة.
وأكد الشماخي أن مديرية الزراعة وموارد المياه بمحافظة الظاهرة قد تمكنت منذ بداية هذا العام وحتى نهاية شهر يوليو الماضي من رصد 12249 نخلة مصابة بسوسة النخيل، حيث تم إزالة 1912 نخلة شديدة الإصابة والتي يصعب علاجها، بينما تم علاج 1337 نخلة متوزعة في 100 قرية بمختلف ولايات عبري وينقل وضنك، موضحا أن إزالة النخيل شديدة الاصابة والتي يتعذر علاجها بسبب استفحال إصابتها وتجوف جذعها وتأكلها بسبب الحشرة يتطلب الكثير من الجهد، حيث أن النخلة المصابة لا تزال خضراء وجذوعها رطبة ويصعب حرقها ولذلك يتم تقطيعها وحفر حفرة بعمق ثلاثة أمتار ودفنها بعد ذلك لضمان عدم خروج الحشرات واليرقات المتبقية بداخلها.
وأشار إلى أن المشكلة التي تكمن في سوسة النخيل أن هذه الحشرة تقضي معظم دورة حياتها وأطوارها في داخل جذع النخل، الأمر الذي يحول دون اكتشافها أو ملاحظتها في بعض الأحيان بالرغم من أن شكل النخلة من الخارج يوحي بأنها سليمة وغير مصابة ومحملة بالثمار، مؤكداً على الدور الرقابي للمزارع في الرقابة المستمرة للنخيل ليس فقط في بيئة المزرعة وإنما أيضا يمكن أن تكون الإصابة في النخيل التي في المنزل، حيث أن هناك عدد من الأعراض التي تشير إلى لإصابة النخلة مثل خروج السوائل من النخلة نتيجة ووجود النشارة على النخلة وسهولة نزع وسقوط السعف وموت الفسائل من حول النخلة التي تكون أحياناً مؤشر للتعرف على الإصابة.
وفيما يخص الجانب الوقائي للحد من انتشار آفة سوسة النخيل، أوضح الشماخي أن برنامج الوقاية يشتمل على عدة محاور مثل المكافحة التشريعية من خلال سن القوانين والتشريعات للحد من انتشار الافة ولضمان سلامة مزارع المواطنين من خلال حظر نقل الفسائل بين مختلف المناطق للحيلولة دون انتقال الحشرة للمناطق السليمة، إضافة إلى إلزام الحجر الخارجي من خلال منع استيراد الفسائل من الدول المصابة على داخل سلطنة عمان، إلى جانب المكافحة الزراعية التي تعتمد على الرش الوقائي للنخيل وتقليم وإزالة الفسائل التي تنمو حول النخلة مما يسهم في تسهيل اكتشاف الإصابة في حالة حصولها.
وأضاف أن المصائد الفرمونية تساهم أيضا في الوقاية من أصابة النخيل السليمة والحد أيضا من تكاثر أعداد حشرة سوسة النخيل، حيث تقوم هذه المصائد على جذب الحشرات بواسطة نشر الروائح الفرمونية والتي عادة تقوم أجسام هذه الحشرات بإفرازها وتعتبر ذات كميائية معينة تعمد إلى جذب واستجابت أفراد الصنف ذاته من الحشرات، مما يجذب الحشرة إلى داخل المصيدة التي تكون عادة ذات عمق معين يحول دون مقدرة الحشرة على الخروج من المصيدة، حيث تم نشر 1000 مصيدة فرمونية مخصصة لصيد حشرة سوسة النخيل في قرى محافظة الظاهرة الأمر الذي نتج عنه اصطياد أكثر من 34 ألف حشرة خلال السبعة شهور الأولى من هذا العام، الأمر الذي حال دون تفاقم تكاثرها وانتشارها، حيث أن أنثى سوسة النخيل تقوم بوضع ما بين 150 إلى 300 بيضة أثناء فترة التبويض ما يجعلها مصدر خطر قائم يهدد محاصيل نخيل التمور.
وتطرق الشماخي أن النخيل المصابة يتم التعامل معها لعلاجها بواسطة العلاج بالحقن حيث يتم ثقب المكان الذي تخرج منه العصارة نتيجة الإصابة ويتم حقن المبيد بداخل جذع النخلة والذي بدوره ينتشر بداخل النخلة وبالتالي يقضي على أطوار الحشرة الموجودة بداخل الجذع، مع الاخذ بالاعتبار أن هذا النوع من العلاج يجيب أن يكون بعد إزالة ثمار النخلة تحسباً لوجود متبقيات من المبيد الحشري في الثمار.
جدير بالذكر أن الحملات الدورية في مختلف قرى المحافظة مستمرة على مدار العام ضمن خطط وجهود وزارة الزراعة والثروة السمكية وموارد المياه في القضاء على آفة سوسة النخيل والحد من انتشارها في مختلف محافظات سلطنة عمان، إضافةً إلى توفير المعدات والأدوية والمصائد الخاصة لمكافحة هذه الأفة.