حمود بن علي الطوقي
تتعالى الأصوات وبإلحاح هذه الأيام بأهمية إشهار جمعية للمتقاعدين؛ حيث إنه آن الأوان أن يتحرك الطلب الذي يقبع في أدراج وزارة التنمية الاجتماعية منذ سنوات، لينتقل الطلب إلى الإسراع في أخذ الموافقات الرسمية بغية الإعلان الرسمي لتأسيس جمعية مجتمع مدني عُمانية ترعى مصالح المتقاعدين، فهذا المطلب أصبح ضروريًا، بل واقعيًا في ظل وجود قرابة مائة ألف متقاعد من الجنسين يمثلون القطاعين العام والخاص، بخلاف المتقاعدين من القطاعات العسكرية المختلفة.
إنّ إشهار جمعية للمتقاعدين سوف يعمل على إيجاد إطار عام للاستفادة من هذه الشريحة المهمة من أبناء المجتمع العماني، ففي هذا الإطار نجدد الدعوة لإشهار هذه الجمعية، وذكرت ذلك في تغريدة على حساب تويتر الخاص، “ظل تقاعد عدد كبير من الكفاءات الوطنية من موظفي الخدمة المدنية والدبلوماسيين وكذلك العسكريين. فهم يعتبرون منجمًا من ذهب، فأقترح تأسيس بنك للكفاءات الوطنية، بحيث يستفاد من تجربتهم في تجويد العمل الإداري ونقل خبراتهم للجيل الحالي ليتمكن من أداء دوره بشكل أفضل حسب متطلبات المرحلة القادمة ومواكبة الثورة الصناعية الرابعة”. وهذه التغريدة حظيت بردود متباينة حول هذا المقترح للاستفادة بخبرات القيادات التي عملت طوال السنوات في الأجهزة الإدارية، وتملك رصيدًا فكريًا يجعلها تتربع مكانة كبيرة في مساعدة الأجيال الحالية التي تشق طريقها في العمل الحكومي. وهناك من علق قائلًا: إن الجيل الجديد في غنى عن خدمات هؤلاء المتقاعدين؛ فقد تجمدت عقولهم، ولا مجال لهم على العطاء، فقد أدوا أدوارهم وآن الأوان لمن يكمل المشوار.
التجاذب في النقاش سمة جميلة خاصة إذا كانت تنصب في مصلحة البلد وأن أبناء الوطن يدلون بدلوهم في طرح آرائهم وأفكارهم بكل أريحية؛ مما يجعل الحوار هادفا وماتعا في نفس الوقت.
أستحضر هنا أن هذا المقترح التقطه الزميل والصديق، سالم الرحبي معد ومقدم البرنامج الحواري في تلفزيون سلطنة عمان ( أخباركم ) للحديث عن هذا المقترح (بنك الكفاءات الوطنية)، وبصحبة المدرب في تنمية الموارد البشرية الأستاذ عبدالناصر الصايغ.
الحلقة بمجملها كانت جميلة، وطرحت العديد من الأفكار والمقترحات حول مرحلة ما بعد التقاعد لموظفي الجهاز الإداري للدولة والمتقاعدين من القطاع الخاص.
كنت ألح على أهمية دعم المتقاعدين، والأخذ بأيديهم نحو مرحلة أفضل؛ بحيث ينعم هؤلاء بالمميزات، واقترحت في هذا الصدد على أهمية إصدار بطاقة تسمى “البطاقة الذهبية للمتقاعدين”؛ بحيث إنّ حامل هذه البطاقة يتمتع بحزمة من المميزات الخدمية والخصومات في مختلف الأنشطة.
أعود على مقترح إنشاء البنك للكفاءات الوطنية، وأعتقد أن هذا المقترح مهم خلال هذه المرحلة؛ نظرًا لتقاعد عدد كبير من منتسبي الأجهزة الحكومية والعسكرية، ويمكن أن يكون هذا البنك بمثابة قاعدة للبيانات لكل متقاعد حسب تخصصه، ويمكن الاستفادة من خبراتهم، وهذا سيجعل عجلة الدوران مستمرة لخدمة هذا البلد، فما زال المتقاعد يتوقد منه الطاقة والحيوية والنشاط الذهني) الأمر الذي يجعل منه إضافة للمنظومة الإدارية في الجهاز الحكومي والقطاع الخاص على حد سواء.
فما يثلج الصدر أن هناك اهتماما كبيرا من قبل مختلف الأجهزة الحكومية لتطوير الكوادر الوطنية، ولكن هناك حاجة ماسة لتوحيد هذه الجهود لتكون تحت مظلة واحدة وجهة مركزية تستطيع أن تقود القاطرة باقتدار، وتضع الأطر المنظمة من حيث التخطيط للبرامج والدورات المستهدفة لتنمية الموارد البشرية الوطنية وتأهليها وربطها بسوق العمل، فلا بد من وجود جهة محددة مهامها التخطيط السليم لما يحتاجه سوق العمل، وأجزم أن وزارة العمل بعد تشكيلها الجديد ستضع هذا الملف ضمن أولوية اهتماماتها.
فجميل أن تتكاتف الجهود والاهتمام بتنمية الموارد البشرية، وتكون هناك منصة واحدة، ويمكن أن تركون فكرة تأسيس بنك للكفاءات الوطنية إحدى أهم مطالب تجويد العمل الإداري المؤسسي في المستقبل؛ ولتحقيق هذا التوجه؛ فلا بد من تطوير المنظومة التعليمية لتتمكن من أداء دورها في المستقبل بشكل أفضل حسب متطلبات المرحلة القادمة، والتي تناطح ما يسمى الثورة الصناعية الرابعة.
فما ننشده ونشد إليه هو أهمية الاسفادة من خبرات الكفاءات الوطنية، فدورهم مهم خلال المرحلة القادمة، ولعلَّ إنشاء جمعية للمتقاعدين سوف يعزز هذا الدور ويرسم ويعطي للمتقاعدين ميزة جديدة من خلال استمرار مسيرتهم في العطاء. فهل سيُلتفت لهذه المقترحات؟ أتمنى ذلك !! وأن نسمع أخبارًا سارة ومفرحة بالإشهار الرسمي لهذه الجمعية المنشودة، وستكون أكبر جمعية مجتمع مدني على الإطلاق ينضوي في عضويتها قرابة مائة ألف متقاعد.