الاكتئاب (2)
د. إنعام بنت محمد المقيمية
عندما تكون مصاباً بالاكتئاب، فإنه يمتلكك شعورٌ طاغٍ بالحزن، وأنه لا شيء يبدو مثيراً أو باعثاً على السعادة في الحياة.
قصة أرنبة هي قصة تتجول في محطات مختلفة نحو أعماق الذات، تروي حكايتها وسط مزيج من المشاعر المتذبذبة.
فعندما كان يسحبها ظلام الاكتئاب والحزن واليأس، كانت تحاول أن تجد لها شعاع ضوء تتمسك فيه.
ففي أحد الأيام شعرت بالتعب والإرهاق، وبثقلٍ جسديّ يمنعها النهوض من السرير، فأرسلت إلى رئيس عملها برغبتها بتقديم إجازة لمدة ثلاثة أيام، ونسيت أنه كان يحاول أن يبحث عن زلّاتها، فعقلها مشوّش ومشاعرها سلبية، وجسدها لا يساعدها على الحركة وكأنها شمعة وانطفأت، أرادت أن تعزل نفسها عن العالم الخارجي لتشعر بالأمان.
بعد عودتها من الإجازة لاحظت أن جهاز تسجيل الحضور يرفض اسمها، ظنت في بداية الأمر أن الجهاز معطل، ولكن بعد أن توجهت إلى مكتبها وجدت ورقة استدعاء من المكتب القانوني لتغيّبها عن العمل دون موافقة مسبقة من الثعلب رئيس القسم.
لم تكن تقوى على شيء، كانت تشعر وكأن قوتها استُنزفت، ذهبت إليه لتستوضح الموضوع، قالت له:
ما هذه الورقة؟ قال: واضح ما كتب عليها. قالت له:
لكني أخبرتك، قال:
لم أردّ بالموافقة. قالت له: اعتدنا سابقاً أن نرسل لك عند الاستئذان وكنتَ تقول: إذا لم أردّ فلا مانع عندي، ولأنك تعلم مدى تعاون الزملاء وهم يعرفون بأني سآخذ إجازة. قال: لا يوجد ما يثبت كتابةً.
علم زملاء أرنبة ما وقع عليها من ظلم، تأسفوا كثيراً، لكنهم تعلموا درساً في التعامل مع هذا الرئيس.
أما أرنبة في ذاك الوقت فلم تستطع الذهاب إلى القسم القانوني وهي في حالة من الضعف، توجهت إلى قسم الموارد البشرية لتقديم إجازة الوضع، لأنه لا يمكن لرئيس أن يرفضها، بعد إجازة الوضع تبعتها إجازة رعاية.
ولأكثر من سنة ونصف لم تعد أرنبة للعمل، وانتقلت لمنطقة بعيدة عن منطقة عملها، تاركةً خلفها كل الآلام والإحباطات والأحداث السلبية، هربت إلى عالم آخر، عالم تبحث فيه عن الأمان والسلام، عاشت في جحر صغير لا ترى فيه غير عائلتها.
لم تنتهِ حكاية أرنبة بهذا القدر، كان لديها إيمان قويّ بأنها ستنهض يوماً ما، وستشرق شمسها وستتبدد غمام الظلام بعزمها وطموحها، للحديث بقية.