السباق إلى المجلس البلدي
سالم بن سيف الصولي
تواصل حاليا وزارة الداخلية تحضيراتها لانتخابات المجلس البلدي للفترة الثالثة على التوالي، ومن ناحية أخرى المترشحون بعد أن اطمأنوا عقب إصدار معالي وزير الداخلية قرار بتحديد موعد تقديم مستنداتهم وأوراقهم الثبوتية لكل محافظة؛ حيث اقتصرت هذه الدورة على اثنين لكل ولاية، بحيث تكون حصة كل محافظة اثني عشر عضوا، وهذه الدورة لا شك بأنها من الدورات المهمة، وستشهد منافسات قوية بين الأعضاء، والحراك الداخلي، وهي لا تقل شأنا عن ما تشهده الدورات السابقة لمجلس الشورى، فالكل يستعد على ما يبدو لجمع الأصوات، والتحرك كلٌّ في محيطه؛ وذلك لاستخراج الموافقات من البلديات المختصة لوضع اللوحات الإعلانية، والصور، والسير الذاتية على الطرقات والشوارع العامة إن سمح القانون بذلك، وذلك لتعريف الجمهور بالمترشح. لا شك أن عملية التواصل الاجتماعي لها أيضا دور فعال في توصيل رسالة المترشح للجمهور، ففي حقيقة الأمر كنت أتطلع وأتمنى أن تكون هذه الدورة على أن يكون لها معايير نموذجية أفضل من غيرها، ومعايير معقولة تواكب التطور الفكري للمواطن العماني، ونظم علمية صارمة أفضل مما كانت عليه؛ وذلك لتقليل الأعداد التي تتسابق على هذه المنظومة الانتخابية الوطنية الجميلة، التي تطل علينا كل أربع سنوات مرة واحدة.
ونحن في الدورة الثالثة كنت أتمنى في حقيقة الأمر أن يقتصر الأمر على فئة الأكاديميين، وذوي الشهادات العليا، والمثقفين، والإعلاميين، والأطباء، وذوي الخبرة المالية والإدارية لتمثيل شرائح المجتمع، فالوطن به نخبة عالية من الوعي والثقافة، وهو غير مقتنع بهذه النظم التي تعمل بها وزارة الداخلية منذ عدة أعوام، ولم يطرأ عليها جديد في آلية منظومة المجالس البرلمانية وآلية الترشح، فبعض الشخصيات التي تتسابق للترشح لعضوية مجلس الشورى والمجلس البلدي غير قادرة على حمل هذه الرسالة والأمانة العظيمة، فالعقبة كؤود أمام هذه الرسالة الوطنية العظيمة، فالتمثيل ليس تشريفًا، وإنما مسؤولية وطنية عُظمى، وبالتالي فالمضمون العلمي والفكري هو التمثيل الحقيقي الذي يتطلع إليه المواطن وفق معايير حقيقية وفعالة، وإنني لا ألاحظ أي رقابة أمنية، ولا متابعة قانونية تضبط عملية سير المنظومة الانتخابية؛ لتحقيق الهدف المرجو منه للوصول إلى درجة عالية من النزاهة والفوز بكفاءات تشريعية.
لذا كان ينبغي أن تكون هناك معايير تلزم المعنيين بأن تكون لديه حصيلة علمية تؤهله لخوض هذه الانتخابات؛ لذلك يبرز دورهم من خلال المشاركات والمداخلات والمطالبات التي تقدم من خلال الاجتماعات الدورية، كما أن دور أعضاء المجالس البلدية أصبح كبيرا، بما أنه خُصص عشرون مليون لكل محافظة، ويكون العمل وتنفيذ المشاريع الإنمائية وغيرها تحت قبة المجلس البلدي، وهذا يدل على عبقرية مولانا -حفظة الله رعاه وأطال الله في عمره- جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، وبهذه الآلية يكون التطوير بيد الأعضاء، وهذه الطريقة تشبه المنافسات التي تمت في الأعوام السابقة لشهر البلديات فالتنافس يكون شريفا، وتكون منطقية وإيجابية، وعلى أنَّ تطوير المنظومة بشكل عام بات اليوم مطلبا ملحا، وإصلاح الخلل ضرورة لمواجهة العديد من القضايا والتحديات التنموية المختلفة؛ لتأخذ مسارها الصحيح، وعلى رأسها التطوير الهندسي والفني، وتغيير المنظومة السابقة للطرق القديمة، والمعالجات السطحية للشوارع الداخلية. وهذا يبرز دور عضو المجلس البلدي لكل ولاية من ولايات السلطنة تحت قبة المجلس، ونتمنى أن يكون للإعلام دور توعوي، واللجان الإعلامية المحلية، والنشطاء خلال الفترة المقبلة.
فالمحافظات مازالت محتاجة إلى عقول منيرة في المرحلة القادمة، وهي من أهم المراحل للتنمية المستدامة، كما أن دور المجلس البلدي لا يقتصر على المشاركات، وإنما البحث في ملف الباحثين، وهذا من أهم الملفات العائقة التي يعاني منها المواطن؛ فملف الباحثين أصبح طلبا ملحا للغاية، كما ينبغي على سعادة المحافظين تخصيص نسبة مالية لتوظيف بعض المواطنين ذوي الاحتياجات الخاصة، وذوي الضمان الاجتماعي؛ بحيث يخفف من معاناة الأسر المعسرة، والتخفيف أيضا على وزارة التنمية الاجتماعية، وذلك عندما يتم تعيين مواطن من أصحاب الضمان الاجتماعي ذلك يخفف على تلك الوزارة.
لهذا أتمنى أن تكون هذه الدورة من أفضل الدورات من يمثلها علمياً وفكريا. كما أتمنى للجميع دوام التوفيق والسداد.
حفظ الله عمان، وقائدها المفدى، وشعبها الأبي في ظل العهد السامي، عمان عهد يتجدد.