اكتشاف مرض وراثي يُصيب الرئة لدى الأطفال.. إنجازٌ طبيٌّ لأطباء من المُستشفى السُّلطاني
استغرقت الدراسة البحثية 3 سنوات، وضمَّ الفريق البحثي كُلًّا من الدكتورة سمية بنت جمعة العريمية والدكتورة خولة بنت سعيد الشيذانية طبيبتين استشاريتين من وحدة الجهاز التنفسي والدكتورة مريم بنت محمد الشحية استشارية علم الجينات والطب الوراثي من مركز الصحة الوراثية.
وعمل الفريق على تحديد وظيفة هذا الجين ومعرفة علاقته بالمرض من خلال دراسات جُزيئية على الجين وتأثير الطفرات على الفئران المُصابة من حيث أعراض المرض الرئوي الذي يُسبب التهابات مُتكررة.
وقالت الدكتورة مريم بنت محمد الشحية طبيبة استشارية أطفال وأمراض وراثية بالمركز الوطني للصحة الوراثية بالمستشفى السلطاني عضو في الفريق البحثي لوكالة الأنباء العُمانية: ” استنتج الباحثون أن الجين المُتغير يولد بروتينات تمنع تكوين المادة المخاطية بشكلٍ طبيعي مما يُؤثر على عملية التخلص من الميكروبات بسهولة وبالتالي تكرار الالتهابات الشديدة في الرئتين مما قد يؤدي إلى تلف أنسجة الرئة على المدى البعيد”.
وأضافت: لوُحظ تكرار المرض المشابه للتليف الكيسي لدى ٤ أفراد من نفس العائلة مع خلوهم من أي طفرات وراثية في جين التليف “CFTR” وعدم ظهور باقي أعراض المرض عليهم بعد إجراء فحوصات مكثفة لتشخيص وعلاج حالات الالتهاب المتكررة لديهم مُشيرةً إلى أنه تمت إحالتهم إلى عيادة علم الوراثة حيث لم يظهر الفحص الجيني الشامل “WES” أيّ طفرات وراثية في الأمراض المتعارف عليها وهذا ما حدا بالفريق إلى المشاركة في بحث علمي عن المُسبب.
وبينت أنه تم اكتشاف خلل جيني مُشترك لدى الأفراد المصابين بالمرض وبعد تعاون دوليّ وتقصٍّ تم تحديد نفس الجين عند أفراد لديهم نفس المرض من المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية وقد تم اختبار عمل الجين وتحديد علاقته بالمرض في مختبرات ألمانية.
وذكرت أنّ الفريق البحثي قام بعدها بفحص عينات من المادة المخاطية وتحديد نسبة السيراميد وقد تبين أنها مُرتفعة جدًا لدى المصابين مما قد يكون مُؤشرًا على هذا المرض وقد يُستخدم كفحصٍ مستقبلًا لدعم التشخيص بالإضافة الى فحص الجينات.
وأكّدت الدكتورة سمية بنت جمعة العريمية أنّ هذا الاكتشاف يُعدّ إنجازًا علميًا لتحديد مسبب مرض وراثي جديد كليا في العالم ويُوثّق لأول مرة في مجلة علمية مرموقة مما يُسهل التشخيص والعلاج للأمراض النادرة المشابهة وقد تم بالفعل تشخيص الحالات الأربع في سلطنة عُمان خلال فترة البحث.
وأضافت أنّ هذا المرض يُصنف من الأمراض النادرة جدًا التي تُصيب الجهاز التنفسي وفيها الكثير من التحديات من حيث التشخيص والعلاج موضّحةً أنّ أعراض المرض تتمثلُ في السعال المُتكرر، وصعوبة التنفس والتهابات الصدر المُتكررة وضعف عام ونقص في الوزن يؤدي إلى تلف في أنسجة الرئة وعدم قدرة الرئتين على أداء مهامها بالشكل الصحيح.
وبينت أنّ الحالات الأربع التي تمّ تشخيصها في سلطنة عُمان، تم تشخيص المرض في ثلاثة أطفال ينتمون إلى نفس العائلة بينما ينتمي المريض الرابع لعائلة أُخرى وقد اشترك المرضى الأربعة في نفس الأعراض السريرية للمرض تمثلت في التهابات الصدر المُتكررة منذ السنوات الأولى من العمر والضعف العام مُشيرةً إلى أنّ حالة المرضى المصابين بصفة عامة شبه مُستقرة ويخضعون لمراجعة ومتابعة دورية ومستمرة.
من جانبها وضّحت الدكتورة خولة بنت سعيد الشيذانية لوكالة الأنباء العُمانية أنه لا يوجد حاليًا علاجٌ شافٍ تمامًا من هذا المرض إذ أنّ العلاجات المطروحة تُخفف من حدة المرض وتبطئ مضاعفاته وتتمثل في التليف الرئوي.
وأكّدت على ضرورة فحص الجينات قبل الزواج لأفراد العائلات ممن تم تشخيص أحد أفرادها بأيّ مرض وراثي لتجنب إصابة أبنائهم في المستقبل بمثل هذه الأمراض الوراثية النادرة.