من عُمان

دراسة حديثة تكشف أساليب إدارة المؤسّسات الصحفيّة في سلطنة عمان في القطاعين العام والخاص

د. خالد العدوي: ستة مؤثرات مجتمعية ومؤسسية ومهنية رسمت خارطة الرضا الوظيفي ونظرة العاملين في الأداء الصحفي العماني

مسقط-النبأ

كشفت دراسة علمية حديثة عن الأساليب المتبعة في إدارة المؤسّسات الصحفيّة في سلطنة عمان في القطاعين العام والخاص، والفروقات بين صحيفة عمان كمؤسسة حكومية، وصحيفة الوطن كمؤسسة خاصة ضمن متطلبات الحصول على درجة الدكتوراه في علوم الإعلام والاتّصال للباحث والصحفي الدكتور خالد بن راشد بن محمد العدوي، وذلك من خلال استخدام المنهج المختلط MIXED METHODS، لفهم الإشكالية المطروحة بكيفيّة أعمق، توضيحاً للغموض ورفعاً للالتباس وإنارة للسبيل، وبهدف فهم هذه الدراسة بشكل أعمق، وتوضيح النقاط الغامضة فيها.

وتكمن أهمية دراسة وتحليل وتشخيص أساليب إدارة المؤسسات الصحفية المطبوعة وصولاً إلى أنجع الأساليب الممكنة لتطوير سلوكيات العاملين في تلك المؤسسات، ومعرفة أبرز التحديات والمعوقات التي تعترض سير العمل، والتأثيرات التي تنعكس على النواحي الإيجابية كنقاط قوة للعاملين من جهة، والنواحي السلبية التي يمكن علاجها وتعدّ نقاطاً سلبية.
وقد سعت هذه الدراسة في إشكاليتها إلى التعرف عن الأسباب التي تختفي وراء تعثر الأداء في إدارة المؤسسة الإعلامية من خلال محاولة فحص جوانب الإدارة ضمن مؤسستين إعلاميتين هما “عمان” و”الوطن”، أهذا التعثّر ناجم عن الأساليب التقليدية في القيادة الإدارية للمؤسسة الصحفية وكيفيّة ممارستها أم أنّ له أسبابا أخرى؟ وهذا السؤال المركزي يجعلنا صلب محور إدارة المؤسسة الإعلامية إجمالاً.

وقد حاولت الدراسة البحثية تحليل واقع أساليب وممارسات إدارة وقيادة المؤسسات الصحفية في سلطنة عمان، وتشخيص معاناة المؤسسات الصحفية في الوطن العربي عامة، وفي سلطنة عمان خاصة من تعثر الأداء جراء الأساليب والممارسات التقليدية في “القيادة الإدارية الصحفية”. كما سعت الدراسة إلى الكشف عن التصورات السائدة حول أساليب وممارسات إدارة المؤسسات الصحفية في سلطنة عمان بين القيادات والعاملين تحت إدارتها، والتحديات الإدارية المرتبطة مباشرة بتنسيق إنتاج عمل تلك المؤسسات الصحفية.
وتعد هذه الدراسة الجامعية أولى الدراسات العمانية المتخصّصة التي تتناول واقع أساليب إدارة المؤسسات الصحفية في سلطنة عمان، وتشخص أساليب الإدارة الحديثة في الصحافة المحلية على وجه خاص وكذلك تفسّرها وتحللها.
وقد استخدم الباحث العماني للكشف عن كافة النتائج التي تحصلت عليها الدراسة من خلال صحيفة الاستقصاء، والمقابلة بشقيها (المقننة وغير المقننة)، وصحيفة الملاحظة، وقد خلصت الدراسة التي أنجزت في إطار أساليب إدارة المؤسسات الصحفية العمانية إلى عدة نتائج أبرزها: أنّ المؤسسات الصحفية محل الدراسة، تمارس أسلوب عمل متطوّر، غير أنه تم تسجيل وجود اختلافات بسيطة في أساليب الإدارة التي تلجأ إليها كل مؤسسة، من حيث إجراءات العمل المنتهجة، وهذا يرجع إلى عدة عوامل تتمثل في وجود علاقة بين ملكية الجريدة وأسلوب الإدارة المنتهج، حيث تسير صحيفة (الوطن) وفق النهج الاقتصادي والتجاري لمالكها وهو محمد بن سليمان الطائي، المرتكز على المنافسة في السوق الإعلاني وكسب المعلنين من خلال تقديم منتوج جيّد، وبالتالي تمارس إدارتها، بمختلف الأساليب العصرية المعمول بها في المؤسسات الاقتصادية الكبرى في المؤسسة الصحفية لإنتاج منتوج ذي نوعية يرجى من ورائه تحقيق المزيد من الأرباح وبالتالي المزيد من التطور من خلال الاستثمارات، أمّا صحيفة (عمان) بوصفها صحيفة حكومية، فهي تسير وفق مبدأ الربحية التي أنشئت من أجلها باعتبارها صحيفة تعتمد على أرباحها من الإعلانات والاشتراكات والتوزيع وطباعة الكتب والمجلات والمنشورات للمؤسسات الصحفية وقطاعات الدولة الأخرى.

وأثبتت الدراسة أنّ هناك ستة مؤثرات مجتمعية ومؤسسية ومهنية على أساليب العمل وإدارة الصحف العمانية، وقد شهدت مؤسستي عمان والوطن تطوّرات كبيرة في مجال إدارتها، وتمكنت كل واحدة من تحقيق استقلالية الطبع وحتى التوزيع، فجريدة الوطن اشترت مطابع خاصة، وأيضا خطوط توزيع لجميع أنحاء سلطنة عمان، ونفس الأمر بالنسبة لـ (مؤسسة عمان) التي أصبحت اليوم تطبع في مطابع وزارة الإعلام ورسمت مشروع اقتناء مطبعة خاصة ضمن الاستثمارات المستقبلية.
وتوصّلت نتائج الدراسة إلى أنّ الصحيفتين موضوع الدراسة توليان اهتماما بالغا للتوظيف والتكوين لإطاراتها سواء في قسم التحرير أم الإدارة والقسم التقني، وذلك بهدف رفع مستوى المؤسسة وتطويرها أكثر وتحديثها، وتخصّص سنويا ميزانية للتكوين والتدريب.
وتعتبر الكفاءات الإدارية المتخصصة في المؤسسات مهمّة، ولا تختلف هذه الأهمية عن باقي المؤسسات الصحفية، بحيث لا يوجد فرق كبير بينها وبين تلك الموجودة في المؤسسات الأخرى من حيث الإدارة، فالمعايير نمطية لا سيما المحاسبة والمالية، لكن خصوصية المؤسسات الصحفية تتمثّل في أنّها توظف كفاءات تمارس الإدارة النمطية، إضافة إلى ذلك فهي تتميّز بخصوصيات أبرزها الحضور والانصراف بنظام 7 ساعات يومياً، وليس العمل بنظام الإنتاج التحريري.
كما أنّ أسلوب الإدارة في المؤسسات الصحفية مهما كان حجمها يجب أن يكون علميا، وهو ما خلصت إليه الدراسة البحثية لدى المؤسسات موضوع الدراسة، حيث رفعت هذه المؤسسات رهان الإدارة وأهميتها في نجاح المؤسسة بانتهاج المنهج العلمي وركيزتها التي تتمثل في الهيكل التنظيمي، وذلك من خلال توفير المعلومات اللازمة وهذا لا يتوقف عند مؤسسة حكومية أو خاصة، بل هي مسألة أشخاص، إذ يختلف نمط الإدارة وأسلوبها في التعامل بين مؤسسة عامّة وأخرى، وهو الأمر نفسه بالنسبة إلى المؤسسات الخاصة، بسبب نقص الكفاءات المتخصصة ووضعف الخبرة المهنية في الميدان.
وتخضع المؤسسات الصحفية الحكومية إلى شتّى أنواع أساليب المراقبة الإدارية، وتسهر أجهزة الدولة على مراقبة مدى تطبيق هذه المؤسسات لكل الإجراءات الإدارية فيها، كما تهتم كل المؤسسات بجانب التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتّصال من خلال إدخال شبكات معلوماتية وإنشاء قسم خاص بالمعلوماتية مع استعمال مختلف التكنولوجيات الحديثة في الطباعة وإخراج الجريدة.
فضلا عن ذلك، فإنّ استخدام المفاهيم الإعلامية في عملية تطبيق الإدارة الإعلامية الناجحة يعتبر هامّا في نظر الدراسة، ومن أبرز تلك المفاهيم المستخدمة في إدارة العمل المؤسسي الإعلامي الإدارة الاعلامية، وهي تلك الإدارة التي تتولى شؤون تنظيم العمل الإعلامي وتحديد آليات عمله وسياقاته عبر سلوك تعاوني موجّه نحو ترشيد الطاقات والإمكانات المتاحة وتوجيهها لتحقيق هدف الوسيلة الإعلامية ومراعاة مصالح العاملين فيها والمتعاملين معها.
كما أن العمل المتخصص يجب أن يتّصف بالتنسيق، ممّا يخلق ضرورة لأداء العمل الإداري، وأنّ القيادة علم قائم بذاته، بحيث يمكن لكل من يدرس مكوّنات علم القيادة أن يعمل بكفاءة وفعالية بحيث يؤدي ذلك إلى أن ينجح في مركزه القيادي، وضرورة توفر ظروف العمل التي تساعد على إيجاد علاقات إنسانية جيدة بين القائد وبين أفراد جماعته.
فضلا عن ذلك فإنّ إشراك العاملين في عملية اتّخاذ القرار التي تهمّ طبيعة عملهم، يؤدّي إلى نتائج ملموسة تحقق إيجابيات كثيرة على مستوى العمل، كما أنّ القائد الفعال في الإدارة الإعلامية، يفترض فيه الاهتمام بتدريب مرؤوسيه على العمل ٍ لزيادة مهاراتهم وتحقيق مستوى عال من الإنتاجية.
كما أنّ قيادة العمل الإعلامي، تتطلب التوازن بين أهمية الأعمال وضرورة إنجازها، وأهمية العاملين، وضرورة تنميتهم، وتطويرهم، والعمل القيادي في الإدارة الإعلامية يحتاج إلى توفّر ركنين أساسيين هما: الاستعداد الشخصي والخبرة التطبيقية من جهة والإعداد النظري والتدريب من جهة أخرى.
وقد أثبت الدراسة أنّ الإدارة الناجحة في أية مؤسسة إعلامية، يجب أن تعتمد على القدرة على المنافسة حيث تؤدي المنافسة إلى توليد الطاقات البشرية وتطوير الأفكار، والقيادة المثالية النموذجية التي تمتلك صفات (الثقة، والصراحة، والطموح، والكفاءة، والنزاهة، والأمل والتفاؤل، وصفة التغيير)، والقيادة الإعلامية تعني أولئك الأشخاص الذين يتحملون مواقع المسؤولية في إطار المسؤولية، أي المدراء الذين يتولون الإمساك بدفّة القيادة والتوجيه في المؤسسة وبمختلف مواقعهم.
وتعتبر القيادة الإعلامية في المؤسسة الإعلامية ضرورة ملحة لتسيير العمل الصحفي بكافة جوانبه منذ ولادة فكرة الموضوع في ذهن كاتبه إلى أن يصل إلى المتلقي، وضرورة توفر ثلاثة عناصر في القيادة الإدارية وهي قائد لديه مهارات لازمة لبلوغ هدف محدد، ومجموعة من الأفراد أو العاملين ذوي القدرات والأفكار اللازمة لبلوغ الهدف، وموقف أو محيط معين تؤدي المجموعة فيه عملها.
إنّ إدارة المؤسسة الإعلامية والتخطيط لآلية العمل في إنتاج الرسائل الإعلامية، ً في إدارة العملية، (أي على هيئة تعتمد بالدرجة الأساس على الحلقة القيادية الأكثر تأثيرا التحرير في الصحافة مثلا) بركائزها المتسلسلة في الأداء وهذا ما ينطبق على المؤسسات الإعلامية الأخرى.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights