صفعات التخلي العابرة
حليمة اليعقوبية
كم ذرفت الدموع بحرقة! كم كان الحزن ثقيلاً حينما يسكنك شيء داخل الروح تحبه بأمنه، بحنانه الدافئ، حتى مجرد شعورك بقربه، احتياجك له! كم يكون الفقد موجعا بآلام الليل الطويل!
كم تبحث عنه في أعماقك فلا تجده! تحاوره فلا يجيب، قطع الحبل السرّي بين جنين داخل ذاك الرّحم، رحم التوحّد، ثم خرج للحياة وحيداً صارخاً ثائراً على القدر الذي ربط بيننا، قطع الانتزاع الذي لا يدركه أحد، ذاك الشيء أخذ منك الإحساس بمن حولك، كما أخذ معنى الضحكة، وأخذ طريقتك بالنظر إلى العالم، تغيرت بمجرد إحساسك بالخسارة واليتم.
أن تصارع الحزن وحدك وكل قسوة تهديها لك الدنيا، كل صفعات التخلّي، عابرة إلا أنت، ليس العتب، لكن القدرة عليه.
لم يعد لساني ينطق حروفك، لم تعد عيناي تشرق بحضورك، لم تعد تسكنني تلك الفرحة بحضورك، كوداع الأموات عندما أخذهم الرحيل، كانوا مجبَرين، كانوا لا يعلمون بموعد رحيلهم.
عندما تضع لك الأقدار قيوداً تكبّلك، قيوداً ظاهرية، لكن تلك القيود لا تستطيع أن تخنق ذاك النبض، لا تستطيع حتى إيقافه من الحياة بك، أنت فقط أيها الميت الحي.