بين الاستحقاق وعدمه
بدرية بنت حمد السيابية
بعد الأنواء المناخية التي حدثت وخاصة في جنوب الباطنة وشمالها ما يسمى “إعصار شاهين”، وما خلّفه من دمار كبير وجسيم في البنية التحتية والطرقات والمنازل والمزارع، وصار الوضع محزنا جدًا، ولكن بحمد الله تكاتف الشعب العماني والجميع شهد هذا الحدث الكبير وهم يعبّرون عن وقفتهم الأخوية مع المتضررين في ملحمة واحدة أبهرت الجميع في تخطي الأزمات بكل جدارة، وكانوا يدا بيد في تعاونهم وتكاتفهم كالبنيان المرصوص.
أمَر سلطاننا هيثم بن طارق بتشكيل لجنة وزارية لتقييم الأضرار التي تعرضت لها منازل المواطنين وممتلكاتهم المختلفة في المحافظات التي تأثرت مباشرة بمركز الحالة المدارية “شاهين”، وصرْف مبلغ مالي، وقدره “ألف ريال عماني” لكل من تضرر من هذا الإعصار المداري؛ ليسدّ احتياجاتهم، وتصليح ما خلّفه إعصار شاهين، ولكن في الحقيقة، الضرر كان أكبر وأعمق، وقامت وزارة التنمية الاجتماعية مشكورة بدراسة حالة المتضررين وزيارتهم المباشرة لمنازلهم، وتسجيل نوع الضرر مع تعبئة استمارة خاصة، وتسجيل كل ما شوهد في تلك اللحظات من أضرار مع الإشادة أو كتابة بعض الملاحظات، مثل “مساعدة فورية وعاجلة”.
ولكن للأسف الشديد بعض من قام بزيارة هذه الأسر وتعبئة الاستمارة بخط يده لم يعطهم حقهم في الإنصاف، وتقديم المساعدات الفورية، وتوفير المستلزمات الضرورية لهم من إلكترونيات وغيرها من الأمور المهمة، بل تم إهمالها وكأنها في مهبّ الريح، أو لربما أهمِلت، وأغلقت في أحد الأدراج، وهذا فعلا ما حصل – حيث يذهب صاحب الطلب للمراجعة، ويتفاجأ بعدم وجود اسمه في لائحة الانتظار علمًا بأنه تمت زيارته واستجوابه من أحد موظفي هذه الدائرة الحكومية وعلامة الاستغراب تحتوي وجوهًا متعبة من إيجاد الجواب المقنع.
من المسؤول عن هذا المواطن؟ ووضعه في هذا الموقف؟ وهو ينتظر الفرج، أو كما نقول: “ينتظر الألف ريال”؛ ليصلح الأضرار ولو أنه مدرك أن الألف ريال لا يكفي، ولكن “بعض الشيء أفضل من لا شيء”.
ويخرج هذا المواطن بعد معركة خاسرة بين الآلاف من الناس وهم يتزاحمون على تلك المكاتب ومراجعتهم اليومية، ولكن في النهاية يُختصر له الحديث “انتظر دورك” بينما هناك من لا يحتاج، فقد قُدمت له المساعده الفورية، هل هذا مستحق؟
ومن جانب آخر تمت مساعدة بعضهم المستحق وغير المستحق أكثر من مرة، ودون دراسة حالة ودون مراعاة أو مراقبة، وعدم إعطاء من يستحق ولو القليل.
من يملك المال أصلح ما تضرر من ممتلكاته الخاصة، ومن لا يملك مالًا ينتظر الفرج من الله، والنظر لحاله لعلها دعوة قريبة مستجابة له في القريب العاجل.
إلى متى لا توجد آلية منصفة لتوزيع الأموال بالتساوي؟ إلى متى هذا الغموض والتساؤلات حول هذا الأمر؟ الناس تستغيث: لم نحصل على الألف، ولم نحصل على المساعدات.
إلى أين سينتهي المطاف بهؤلاء الناس وهم يقفون طابورا تحت أشعة الشمس الحارقة؟
شاهين قد عصف بالجميع لم يفرّق بين الغني والفقير، شملهم، وقدرة الله فوق كل شي – صحيح أن هناك نسبة كبيرة في بعض المناطق من ناحية الأضرار، وأصبح الحكم على الظاهر، لو يتمّ دخول المنازل ومشاهدة كمية الأضرار في منازلهم، حينها تستطيع أن تحكم عليهم من الداخل، وليس من الخارج، في الحقيقة ليس هناك مساواة من حيث تقديم المساعدات وخاصة صرف المبلغ المالي – نتمنى من الجهات المعنية أن تعدل بين هؤلاء المحتاجين وصرف المساعدات لهم بأسرع وقت، وأن تصل الأمانة لكل مستحقيها، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [النساء: 58].