المقاومة العمانية للوجود البرتغالي في الخليج العربي والمحيط الهندي (( ١٥٠٧م – ١٦٩٨م ))
أحمد بن علي المقبالي
الجزء الثلاثون: –
كان عن المواجهة العثمانية البرتغالية في شرق أفريقيا ومحاولات المدن الأفريقية الثورة بوجه الاحتلال البرتغالي
الجزء الواحد والثلاثون: –
مقالنا اليوم إن شاء الله تعالى سوف يكون عن التحرير العماني لساحل شرق أفريقيا وإزاحته للاحتلال البرتغالي عن المدن العربية الإسلامية العمانية هناك.
– في عام ١٦٥٢م أرسل الإمام سلطان بن سيف الأول عدداً من القطع الحربية من الأسطول العماني إلى شرق أفريقيا واستطاعت القوة العمانية هزيمة الحامية البرتغالية في زنجبار ثم اتجهت القوات العمانية إلى مدينتي باتي وفازا فحررتهما من البرتغاليين بعد أن دمرت المدفعية العمانية التحصينات البرتغالية فيهما كما تم قتل وأسر عدد من أفراد الحامية البرتغالية في باتي.
– وتعتبر هذه الحملة العمانية الأولى من نوعها إلى المدن الأفريقية إذ إنها جاءت بعد تحرير مسقط بعامين فقط وهذا يدل على أهمية هذه المناطق للعمانيين وكذلك لإحساس الجانب العماني بالمسؤولية تجاه أبنائه في هذا الجانب من العالم.
– في ٢٨ يناير عام ١٦٥٣م أرسل البرتغاليون أسطولاً مكوناً من ست سفن حربية بقيادة اللورد نيكولا دي مورا دي برتيوم إلى ممباسا لحمايتها من الهجمات العمانية.
– عام ١٦٥٥م هاجمت قطع من الأسطول العماني المستعمرات البرتغالية في زنجبار وباتا ودمرتها وقتلت الكثير من الجنود البرتغاليين واستولت على الكثير من الغنائم كما تحوّل ولاء زنجبار من البرتغال إلى عمان وأصبحت تدفع الجزية لها.
– بعد السيطرة التامة على زنجبار وباتا اتجه الأسطول البحري العماني إلى ممباسا وضرب الحصار عليها ولكن دون جدوى نتيجة المساعدات البرتغالية القادمة من جوا الهندية لحاميتهم في ممباسا فاضطرت القوات العمانية إلى ترك الحصار والعودة إلى عمان.
– سيّر البرتغاليون حملة بقيادة فرانسيسكو سيكتسي كابرا إلى زنجبار بمائة وعشرون جندياً من ممباسا واستطاع تدميرها واستولى على عشر سفن تعود ملكيتها لسكان جزيرة بمبا ثم انتقل بعد ذلك إلى باتا واستطاع احتلالها وتخليص ٤٠٠ أسير برتغالي عاد بهم ممباسا.
– في عام ١٦٦٠م قاد الإمام سلطان بن سيف الأول بنفسه قطعاً من الأسطول العماني ولبّى طلب السكان بتحريرهم من جور وظلم البرتغاليين ولم يفعل كما فعل الفرس بأن أداروا ظهورهم لإخوانهم في الدين وإنما قاد الأسطول بنفسه رغم المشاقّ والصعوبات استطاع رحمه الله تحرير مدن فازا وممباسا ولكن لم يستطع العمانيون السيطرة على قلعة المسيح (( سوف نفرد لها مقالات خاصة بها )) بعدها عاد الإمام بالأسطول إلى عمان بعد أن عيّن محمد بن مبارك المزروعي حاكما على ممباسا.
– عام ١٦٦١م أرسل البرتغاليون قواتهم لإعادة السيطرة على ممباسا استغلالاً لعودة الأسطول العماني إلى مسقط وقد نجحوا في ذلك وعيّنوا عليها حاكماً مسلماً يدعى مهنا أنمو ارضائاً للسكان ولكنهم ما لبثوا أن عادوا إلى هوايتهم المفضلة وهي التنكيل بكل ما له علاقة بعمان وأعاد السكان الطلب من الإمام تحريرهم مرة أخرى.
– عام ١٦٦٢م هاجم الأسطول العماني ممباسا مرة أخرى وفرض عليها الحصار وقد تلقت القوات العمانية الإسناد والدعم من السكان المحليين وفي عام ١٦٦٥م استسلم البرتغاليون بقيادة جوزيف بوتلهو دا سلفا للأسطول العماني وتمت السيطرة على قلعة يسوع وعيّن مرة أخرى محمد بن مبارك المزروعي والياً عليها.
– ويرى بعض المؤرخين أن الحصار على ممباسا عام ١٦٦٢م هو استمرار للحملة التي بدأت عام ١٦٦٠م وبالتالي فإن الحصار دام خمس سنوات وبطبيعة الحال فإن الإمام سلطان لن يستطيع ترك عاصمته ودولته ويقود الأسطول مدة خمس سنوات ثم إن شرق أفريقيا ليست الجبهة الوحيدة للأسطول العماني ولذلك فقد ترك بعض القطع الحربية تحت قيادة واليه هناك ثم أرسل قطعاً أخرى ومساعدات دعماً للحصار الذي استمر من عام ١٦٦٢م إلى أن تم الاستيلاء عليها عام ١٦٦٥م.
– عام ١٦٦٦م وصلت رسالة سرية للإمام سلطان اليعربي من عرب الصومال يستغيثون من الظلم والقهر والجور الحاصل ضدهم من البرتغاليين فأرسل الإمام قطعاً من الأسطول العماني بقيادة محمد بن مسعود الصارمي فاشتبك في معركة بحرية قوية مع البرتغاليين واستطاع طردهم من المنطقة.
– بعد سنة من استعادة العمانيين لممباسا أي عام ١٦٦٦م عاد البرتغاليون إليها واستطاعوا السيطرة على المدينة بعد هزيمة الحامية العمانية هناك وكعادتهم قاموا بأعمال تعسفية ضد السكان وممارسات وحشية وعنف لا مبرر له ولكن هي نية الانتقام منهم كونهم ساعدوا العمانيين وقد هرب الكثير من السكان لخارج المدينة.
– عام ١٦٦٩م أرسل الإمام أسطولاً عمانياً ضخماً مكوناً من
٢٨ سفينة حربية تحمل عدداً كبيراً من المقاتلين حيث توجّه الأسطول إلى ممباسا أولاً ولكن لم يذكر المؤرخون ما الذي فعله العمانيون هناك.
– توجّه الأسطول بعد ذلك إلى موزمبيق وهو تكتيك ذكي جداً من الإمام حيث أراد ضرب القاعدة البرتغالية الضخمة هناك وبالتالي قطع الإمدادات عن ممباسا وجعلها أطول من قاعدتهم في جوا الهندية البعيدة وتحت خطر الاشتباك المستمر مع الأسطول العماني المشتبك دائماً مع البرتغاليين هناك مما سيسهل السيطرة على القاعدة البرتغالية في ممباسا.
– فور وصول الأسطول العماني الكبير إلى موزمبيق قام بفرض حصار قوي عليها ولكن البرتغاليون بقيادة كاسبار دي سوسه دي لاكيردا استطاعوا الصمود ونظراً لضخامة القوة البرتغالية هناك وتحصنها الشديد انسحب الأسطول العماني بعد أن أوصل رسالة شديدة اللهجة إلى البرتغاليين وأفهموهم بأن اليد العمانية طويلة وقوية وتضرب أينما تشاء.
– في طريق العودة قامت مدفعية الأسطول العماني القوية وطويلة المدى بقصف وبعنف شديد الحاميات البرتغالية في كل من ممباسا وماليندي وفازا.
– عام ١٦٨٧م أرسل البرتغاليون أسطولاً بحرياً بقيادة دوم بدرو دي الميد إلى أفريقيا وسيطر على المدن الإسلامية في باتا وسيوى ولامو وماندا وقتلوا حكام هذه المدن وأعملوا القتل في السكان المسلمين وحولوا مساجدها إلى مقار لقيادتهم وإسطبلات لخيولهم.
– عام ١٦٧٩م أرسل العمانيون أربع سفن حربية من قطع الأسطول العماني إلى باتا وتمكنت القوة العمانية من إنزال الهزيمة بالحامية البرتغالية هناك وهرب من بقي منهم إلى موزمبيق.
– عام ١٦٨٤م حاول البرتغاليون إعادة السيطرة على باتا بسفينتين حربيتين ولكن استطاعت سفينة عمانية حربية واحدة رد الهجوم وإفشاله.
– عام ١٦٨٧م حاول القائد البرتغالي جاو أنطونس وبمساعدة أمير فازا السيطرة على باتا ولكن قطعاً من الأسطول العماني هناك أخافتهم وجعلتهم يرجعون من حيث أتوا ولكنهم انتظروا حتى أبحرت السفن العمانية من باتا وأعادوا السيطرة عليها وقبضوا على الحاكم و١٢ فرد من كبار رجالات الدولة وأرسلوهم إلى جوا الهندية.
– في ديسمبر من عام ١٦٨٧م وصلت تعزيزات برتغالية من جوا إلى باتا وذلك تحسباً لعودة الأسطول العماني وفي عام ١٦٨٨م استطاع الأسطول العماني تحرير باتا مرة أخرى وهاجم التعزيزات البرتغالية التي لم تستطع مقاومة الضغط العماني فهربت إلى القاعدة البرتغالية في جوا الهندية.
– وصلت أنباء عن هجوم محتمل على باتا فأرسل الإمام سفينة حربية إليها عام ١٦٩٤م وبذلك تم ردع البرتغاليين عن هجومهم المحتمل رغم اشتباك الأسطول العماني في معارك شرسة ودامية مع الأسطول البرتغالي على طول الساحل الهندي والخليج العربي.
وبهذا فرض الأسطول العماني سيطرته على الساحل الأفريقي ما عدا ممباسا المستعصية على الأسطول العماني بسبب قلعتها الحصينة جداً والتي سوف نفرد لها الجزء القادم بإذن الله وكذلك موزمبيق التي تعتبر ثاني أكبر حامية عسكرية برتغالية بعد جوا الهندية.
مقالنا القادم إن شاء الله تعالى سوف يتكون من جزأين مخصصين لمعركة قلعة اليسوع الحصينة وتحرير ممباسا نهائياً.
المصادر: –
– المقاومة العمانية للوجود البرتغالي
في الخليج العربي والمحيط الهندي
(( ١٥٠٧م – ١٦٩٨م ))
المؤلف: –
أحمد بن حميد التوبي
– اليعاربة أمجاد وبطولات
المؤلف: –
د. أيمن محمد عيد
– دولة اليعاربة
المؤلف: –
د. عائشة السيار