من أنت؟
أحمد بن موسى البلوشي
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة ذات قيمة اجتماعية عالية، ومن أهم الأدوات المؤثرة في صناعة الرأي العام، وذلك من خلال التزايد المستمر في أعداد مستخدمي هذه الوسائل، ونوعية المستخدمين لها؛ فالكثير من صناع القرار والمؤثرين في العالم يستخدمونها، وكذلك التفاعل المكثف فيها، ومن خلالها نستطيع أن نتعرف على نوع الشخصيات وثقافتهم ومدى التصالح مع أنفسهم، وما نشاهده من ردود البعض حول قضية أو موضوع مطروح في برامج التواصل الاجتماعي دليل واضح على أنّ البعض غير متصالح مع نفسه، وعلى كمية السلبية التي يتمتعون بها، يقول فريدريك نيتشه: “عليك أن تصالح نفسك عشرات المرات في النهار؛ لأنّه إذا كان في قهر النفس مرارة؛ فإنّ في بقاء الشقاق بينك وبينها ما يزعج رقادك”.
ومن الطبيعي أن الإنسان يعيش صراعًا داخليًا مع نفسه، ومن خلال هذا الصراع تنعكس نظرتة للحياة وعلاقتة مع المحيطين به، ومع مجتمعه، ففي الكثير من الأمور والمواضيع يختلف الإنسان مع ذاته، وعليه تنعكس نظرته للحياة ومفهومه للتفاؤل والنجاح والسعادة، وتتغير أحاسيسه ومشاعرة، فإذا كانت هذه الأحاسيس والمشاعر إيجابية ومتفائلة كان في أحسن حال مع نفسه ومع مجتمعه المحيط به ومع الحياة، أما إذا كانت هذه المشاعر سلبية ومسيطرة عليه وهي المحرك له؛ فإنّه بلا شك سيكون في أسوأ أحواله مع نفسه ومع الآخرين.
لذلك لابدّ من تصالح المرء مع نفسه أولا، ومع المحيط الخارجي ثانيا، ويعرف التصالح مع النفس بأنه: “قبول الذات بما فيها من نقاط القوة ونقاط الضعف، والنظر إلى العيوب كجزء طبيعي من الشخصية يمكن إصلاحه أو التعايش معه إن لم يكن قابلاً للإصلاح، والأهم من ذلك إيجاد الطريق للسيطرة على الأفكار السلبية التي تنشأ من الصراع الداخلي، وتحقيق التوافق بين الأفكار والمشاعر، بين الدوافع والسلوك، وبين الرغبات والقيود”.
فالصلح مع النفس هو المحرك للنجاح في هذه الحياة، وهو الذي يساعدك في أن تحافظ على مبادئك وسلوكياتك ومشاعرك تجاه العديد من المواضيع والقضايا، فعندما تجد البعض يوجهون الكلام غير اللائق وينتقصون من البعض، ولا يعجبهم شيء، ويهرفون بما لا يعرفون؛ فإنّك تدرك حينها بأنّهم غير متصالحين مع أنفسهم، وأنّ السلبية المفرطة تسيطر عليهم، فمجرد ردك على أيّ تغريده تكشف للناس من أنت؟ وما مستواك الثقافي؟ وهل تتمتع بالإيجابية والتفاؤل؟ أم على العكس؟ وما مدى عمق نظرتك للحياة؟ فحاول أن تطور من مهاراتك في التواصل؛ لأنّه بمجرد أن تتكلم وتكتب؛ فإنّك تخبر العالم ” من أنت”؟