لطفًا …. كفّو عن التصنع!
مشعل بن ناصر الصبحي
مع تزايد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي؛ لوحظ في السنوات القليلة الماضية ظهور العديد من الأشخاص ممن يشاركون حياتهم اليومية على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مبالغ فيه؛ حتى تحولت هذه العادة إلى ظاهرة مجتمعية يقوم بها كل من يملك حسابًا على هذه المواقع كلن حسب توجهه الخاص، فهناك من يطمح أن يدخل في مجال الشهرة، وهناك من يسعى لكسب المال من وراء هذه العادة، وهناك من يشارك حياته بهدف الترفيه. فالذي يدور في الأذهان، هل هؤلاء الناس يعيشون في حياة سعيدة خالية من المشاكل؟ أم أن هؤلاء يتصنعون فيما يقومون بمشاركته؟
عند دخولك لمواقع التواصل الاجتماعي بغرض ملء وقت الفراغ تجد فئة كبيرة من الناس يشاركوننا روتينهم اليومي، فتراهم من بداية يومهم يشاركوننا وجبة الإفطار الخاصة بهم في أرقى المطاعم، ثم يشاركوننا ما يملكون من سيارات فاخرة، ويصورون لنا تلك الحياة المملوءة بالسعادة والرفاهية الخالية من المشاكل الزاخرة بالمثالية التي يطمح لها كل إنسان على وجه الأرض، وهذا ما تكنه له ذهوننا من تساؤلات حول تلك الراقية، وهل يمكننا أن نعيش مثلهم؟
من الممكن أن تكون تلك المشاركات تمثل بالفعل حياتهم اليومية؛ ولكن لا يجعلنا ذلك نظن في أن حياتهم خالية من المشاكل، لأنهم فقط يظهرون لنا الجانب الإيجابي فيما يعيشونه، فخلف تلك الشاشات أمور وأحداث لا يمكن أن تشارك ولا يمكن أن تعرض، فمثل ما أسلفت سابقًا نحن نرى الجانب الإيجابي فقط، فلنكن حريصين أنهم مهما شاركونا حياتهم المليئة بالحيوية، فإنهم يخفون جانبًا من حياتهم لا يعرضونه أمام الناس.
في الفترة الأخيرة نجد الكثير من الناس متأثرين بحياة هؤلاء الناس الذي يصبحون ويمسون علينا بتلك الحياة الخيالية، التي جعلت الكثير منا يبحثون عن ما ينقصنا لعيش تلك الحياة واقعين في دوامة المقارنات التي توهمنا بسوء الحظ الذي كتب لنا في هذه الحياة، ولكن علينا أن نعي ونوسع مداركنا قبل أن نسبب لأنفسنا متاهات من التفكير وعدم الرضا، حيث أن هؤلاء الأشخاص دائمًا يقومون بمشاركة لنا كل شي جميل في حياتهم، وفي جانب آخر يخفون ما يتعرضون له من مصائب الحياة التي تصيب كل إنسان على هذه الحياة الفانية.
نحن نؤمن أن هذه الحياة لا تخلوا من المشاكل والتحديات التي يواجها أي مخلوق على الأرض، فالإختلاف سنة الحياة فالله يأخذ منك شيء ويعطيك ما هو أفضل منه، ففي كل الأحوال علينا أن نمضي في هذه الحياة وعيشها بحلوها ومرها.
في حقيقة الأمر؛ بعض الأحيان نجد مشاركات هؤلاء الأشخاص لما يجربونه يفيدنا في حياتنا اليومية بمختلف جوانبها، فنجد أحدهم يصور لنا كيف حافظ على جسمه بشكل صحي، أو يصورون لنا وصفة طبخ، فيمكننا طلب المساعدة منهم في كل شيء مفيد يعرضونه لنا.
كما أسلفت سابقًا؛ فكل ما يعرضه هؤلاء من روتينهم اليومي من الممكن أن يكون حقيقي أو فقط تصنع وتظاهر لكسب محبة الناس، فنجد متعة في مشاهدتها ولكن حين انتهاءها ترجعنا إلى الواقع البائس. فإن كنت تعيش حياتك متمتعًا بصحتك الجسدية والعقلية عليك أن تدرك تمامًا أنك في نعمة عظيمة يفتقدها الكثير، فلا ترهق نفسك وارفع من معنوياتك لأنه ما زال أمامك الوقت الكافي لتحقيق ما تريد الوصول إليه.