2024
Adsense
مقالات صحفية

المدرســــة حيـــــــاة…متى يصبح أبناؤنا شغوفين بالتعلم؟

د.محمد بن أحمد البرواني
‏alnigim@gmail.com
محمد للإستشارات الإدارية والتربوية

تم تداول مقطع عن التعليم في وسائط التواصل الإجتماعي (الواتساب ) حول طلب بعض من الأفراد في الغرب من أبنائهم إيجاد حلول عن السفينة الجانحة في قناة السويس، وكيف يمكنهم إيجاد مجموعة من الحلول والخيارات المختلفة، وهو بلا شك أمر في غاية الأهمية؛ لأن التعليم ببساطة شديدة هو وسيلة للتغلب على تحديات الحاضر والمستقبل، وكلما ظهرت مشكلة سارع الإنسان لإيجاد الحلول والخيارات التي تعمل على حلها، والتعليم منوط به هذه المهمة، فلا يستطيع فرد تحقيق حل دون تعليم وإن كان ممارسة أو تجريب.

هذا هو الشغف بعينه؛ والذي يعني الرغبة الجامحة تجاه شيء معين أو الشعور بالحماس الشديد والرغبة التي لا تقاوم تجاهه، فبالرغم من الأسى والجهد والمشقة إلا أن ذلك مثار شغفي وحبي واهتمامي، فلا شيء يزعزعني من تحقيقه أو الوصول إليه أو اقتنائه، وهو الذي يمنح الطلاب الفرصة في تطوير قدراتهم وكفاءاتهم، والفرصة في تحقيق الحلول المبتكرة ومعرفة الخيارات المختلفة واختيار أفضلها وتطبيقها، ثم تطويرها، فلماذا لا يمنحون فرصة اكتشاف مواهبهم ؟ ولماذا لايمنحون حل التحديات التي تواجه ذواتهم ؟
عندها يستطيعون توظيف طاقاتهم بشكل جيد.

في إحدى الدورات التي حضرتها، أطلعنا أحد الإخوة عن زيارته لفلنندا، وقال بينما نحن في أحد الفصول الدراسية وإذا بالمعلمة تسألني عن بلدي فأجبتها عمان، وما توانت في تحويل الحصة عن بحث عن سلطنة عمان، الموقع والتاريخ والهوية، وتحوّل الطلاب في الصف الأساسي إلى فرق عمل للبحث عن مصادر المعلومة التي أبرزتها المعلمة، وفي لحظات ويقدم الطلاب تعريفاً عاماً عن سلطنة عمان؛ ألا يدعو ذلك للشغف؟!.

في أحدى جلساتنا؛ أحد الأقرباء والذي يتواجد في الخارج ويتعلم أبناؤه هناك، كان يقول عندما أرغب في معاقبة أبنائي أبلغهم بعدم ذهابهم إلى المدرسة غداً، وأن المعلمين يخبروا الطلاب بأن الأهمية ليس فيما تحصل عليه الطلاب من درجات بل بمقدار ما امتلكوه من مهارات، كما أن المدرسة تعمل على تعزيز ما يقدمه الطلاب من نتاجات، سواء كانت إبداعية أو غير ذلك؛ من طبخ ورسم وغيره، فيجد الطلاب فيها شغفهم ويحسون بقيمتهم فتتعزز ملكاتهم وتبنى طاقاتهم.

إن الاعتماد على الكتاب كوسيلة للعمل وتوظيف الإختبار لتحقيق التنافس بين الطلاب شكل من الأشكال الذي ظهر في تعليم مجتمعاتنا، ويدعو إلى الحفظ ويوجه الطلاب إلى الاعتماد على الآخر دون مساعدة نفسه وتحسين مهاراته، وبالتالي وجود مخرجات علمية غير قادرة على مواكبة التطوير وعلى الإبتكار والإبداع، وهذه الحالة ظهرت لدى مجتمعاتنا التعليمية بشكل عارض رغم أن التعليم سابقاً يعتمد على التقصي والبحث والاستدلال، وذلك ظاهر في إنتاج المكتبات والمدارس الفقهية والنحوية التي كانت تقدم التعليم وفق الأسلوب المعاصر رغم قلة الأدوات، لذا إنه من المهم أن يهتم التعليم برعاية الطلاب ودعمهم والتركيز على مهاراتهم التي تناسب حياتهم وتتصل بها؛ من خلال استخدام منهج التفكير وحل المشكلة والتأكيد عليها واعتبارها منهجا.

إن توظيف الطاقات وبنائها من خلال تقديم المعرفة التي تساعدها في التغلب على التحديات التي تواجهها في الحياة هو مطلب أساسي يحتاج إلى تسليط الضوء عليه وفق منهجية عالية ودقيقة، يتم بناؤها ويشارك فيها الجميع، فالتعليم هو الفيصل والأساس في تحقيق المكاسب الإقتصادية والاجتماعية والثقافية وهو منوط به إحداث التغيير في المجتمع مصداقاً لقوله تعالى {عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)}- العلق، وقوله ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَاۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾-آل عمران (7).

فالعلم مناط به معرفة الصواب من الخطأ والعلم سبيل لدرء الفتن، والعلم درعٌ لتحصين الأفراد والمجتمعات وتنمية الأمم، ودحض الأقاويل والشائعات، وفيه جواب لكل باحث وطالب للمعرفة، فبه تتقدم الأمم وتزدهر الحضارات وتعلو إلى سوامق المجد، فهو يقدّم على كل شيء، و هو من أهم الأولويات، إلا أن تقديمه يحتاج إلى مهرة حاذقين ومفكرين عارفين.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights