2024
Adsense
أخبار محليةمقالات صحفية

المقاومة العمانية للوجود البرتغالي في الخليج العربي والمحيط الهندي (( ١٥٠٧م – ١٦٩٨م ))

أحمد بن علي المقبالي

الجزء السابع: –
تناولنا المعلومات الواردة عن سقوط المدن العمانية تحت الاحتلال البرتغالي.

الجزء الثامن: –
مقالنا لهذا اليوم سوف يكون إن شاء الله تعالى عن الهجوم البرتغالي على مدينة مسقط.

– بعد أن عاث البوكيرك في قريات قتلاً وتشويهاً وتدميراً، انطلق باتجاه مدينة مسقط ووصلها بعد أربعة أيام من العام ١٥٠٧م ويبدو أن السكان قد بلغهم ما حلّ بمدينة قريات فرأوا بأن الحكمة تقتضي أن يتجنبوا قدر الإمكان ما حلّ بقريات من القتل والتخريب والتدمير.

– عندما وصل الأسطول البرتغالي ميناء مسقط تم إرسال اثنين من زعماء المدينة يعرضون على البوكيرك السلام والصلح واستعدادهم بقبول أي شروط يفرضها عليهم ولكنه رفض هذا العرض الذي سوف يحرمه من هوايته المفضلة وهي القتل والتخريب والتدمير بحجة أنهم لا يحملون تفويضاً من حاكم المدينة يخولهم التفاوض.

– أرسل البوكيرك سفينة استطلاع إلى ميناء مسقط لمعاينة استحكاماته ووسائل دفاعه، فعادوا بالتقرير التالي: –

١- يوجد عند مدخل المدينة متاريس من جذوع النخيل عليها مدافع.

٢- تم مدّ سور بين السلسلتين الجبليتين المرتفعتين بشكل كبير وتمّ ملؤه بالتراب.

– بينما كان البوكيرك يناقش مع ربابنة سفنه التحصينات الخاصة بالمدينة وكيفية اقتحامها عاد إليه الزعيمين العمانيين ومعهما إذن من حاكم مسقط يخولهما أن ينوبا عنه في المحادثات معه وقد اشترط عليهما مايلي: –

١- الخضوع لملك البرتغال.
٢- دفع رسوم سنوية.
٣- تزويد الأسطول البرتغالي بالمؤن ومياه الشرب التي يحتاجها في طريقه إلى هرمز.

– وافق الوفد العماني على كل الطلبات ما عدا البند الخاص بالمؤن لأنه سوف يعتبر تحريض على غزو هرمز من ميناء تابع لها وهناك من يقول إن العمانيون لم يوافقوا على طلب الخضوع لملك البرتغال وفي كل الأحوال كان هذا الرفض ما ينتظره البوكيرك وكانت نهاية المفاوضات.

– في الليل سمع البوكيرك وقوّاده هرجاً ومرجاً وضوضاء وأصواتاً عالية ونيراناً تشتعل في المدينة فشعروا برعبٍ كبير مما ينتظرهم في المدينة، وفي الصباح أبلغه رجاله بعد عملية استطلاع بأن تحصينات المدينة ازدادت قوةً ومتانة، وعلموا بوصول نجدة من ملك هرمز وبلغت ألفي جندي، ويرى محمد حميد السلمان في كتابه الغزو البرتغالي للجنوب العربي والخليج أن هذه الإمدادات كانت من بني جبر وليست من ملك هرمز.

– أصدر البوكيرك اوامره لسفينتين من سفنه بقصف المدينة كتمهيد للهجوم عليها وبعد الانتهاء من القصف التمهيدي صدرت أوامر البوكيرك بالهجوم الشامل على المدينة الذي تم من عدة جهات واستخدم المهاجمون المدافع والأسلحة النارية مما أسفر عن سقوط الاستحكامات العمانية.

– كان دفاع العمانيون باسلاً وشجاعاً ومستميتاً، فقد التحم الجيشان في معركة ضارية وشرسة في وسط المدينة تمكن البرتغاليون من قهقرة الجيش العماني إلى المنافذ الخارجية للمدينة بسبب استخدامهم للأسلحة الحديثة ومهارة الجنود البرتغاليون في استخدامها مما جعلهم متفوقون بشكل نوعي على العمانيين رغم قتالهم ببسالة وشجاعة منقطعة النظير.

– مع خروج الجيش العماني إلى أطراف المدينة بدأ البرتغاليون يمارسون هوايتهم المعتادة والمفضلة فبدأت عمليات الذبح والانتقام من السكان العزّل، فقد أباح البوكيرك المدينة لجنوده ليفعلوا ما يشاؤون فيها فتم قتل الأطفال والنساء والشيوخ في بيوتهم.

– اشتهر ضابط برتغالي اسمه أنطونيو دو كابو بوحشيةٍ مطلقة وإسراف في القتل فقد طارد حشداً من النساء الفارّات من وجه الجيش البرتغالي ولحق بهن عند أحد التلال فقتل عدداً كبيراً منهنّ دون رحمة، كما اشتهر قائد آخر اسمه جوا دا نوفا الذي قبض على عدد كبير من الرجال والنساء والأطفال كرهائن فقام بقتل عدد كبير منهم أمام ذويهم الذين أُجبِروا على مشاهدة هذه المأساة المروعة.

– قام البوكيرك وقادته بقتل جميع من بقي في بيته ولم يستطع الهرب، فأخذوا يذبحون السكان كالأضاحي فأيّ بشاعة بعد هذه البشاعة وأيّ روحٍ صليبيةٍ يتشدق بها البرتغاليون؟
وبعد مسلسل القتل الممنهج قاموا بنهب المدينة وأخذوا كل ما وجدوه من أموال وغنائم ثم أحرقوا السلع التي لم يستطيعوا حملها على السفن انتقاماً من السكان الفارّين وحتى لا ينتفع بها أحد.

– عندما رأى السكان الفارين وبقية الجيش من على رؤوس الجبال أن البوكيرك أحرق السلع علموا بأنه سوف يحرق المدينة فأرسلوا اثنين منهم حاملين الراية البيضاء طالبين منه عدم إحراق المدينة فردّ عليهم بأنهم إذا أرادوا افتداء مدينتهم عليهم دفع عشرة آلاف أشرفي ذهباً على أن تسلم في ظهر اليوم التالي.

– لم يكن لدى الفارين هذا المبلغ لذلك أمر البوكيرك رجاله بإحراق المدينة وإشعال النيران فيها وتدمير مساكنها فاشتعلت المدينة كلها، كما تم إحراق أربعٍ وثلاثين سفينة مختلفة الأحجام، بالإضافة إلى عدد من قوارب الصيد، كما أمر البوكيرك ثلاثة من رجاله بإحراق المسجد الذي كان ضخماً وجميلاً.

– قبل أن يغادر الأسطول البرتغالي مسقط مارس البوكيرك وقادته وجنوده هوايتهم المعتادة فقاموا بالتمثيل بالأسرى العمانيين من رجال وأطفال ونساء فقطعوا آذانهم وجدعوا أنوفهم وتركوهم ينزفون دماً.

مقالنا القادم إن شاء الله تعالى سوف يكون عن الهجوم البرتغالي على صحار وخورفكان وغيرها من المدن العمانية.

المصادر: –
– المقاومة العمانية للوجود البرتغالي
في الخليج العربي والمحيط الهندي
(( ١٥٠٧م – ١٦٩٨م ))
المؤلف: –
أحمد بن حميد التوبي

– اليعاربة أمجاد وبطولات
المؤلف: –
د. أيمن محمد عيد

– دولة اليعاربة
المؤلف: –
د. عائشة السيار

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights