المؤهلات العلمية والكفاءات الموجودة إلى أين مصيرهم؟
سلطان بن حمد البوسعيدي
لقد أولت الحكومة إهتماماً كبيراً في مجال التعليم منذ بداية النهضة، وهي في تجديد مستمر في المنظومة التعليمية من خلال الإستثمار في التعليم والإبتكار.
ففي رؤية عمان 2040 كانت من ضمن أولويات الرؤية، والتي كان في توجهها الإستراتيجي على أن يكون تعليم شامل وتعلّم مستدام، وبحث علمي يقود إلى مجتمع معرفي وقدرات وطنيّة منافسة، وأن تكون من ضمن أفضل 20 دولة أو من مصاف دول العالم في مجال التعليم.
هذا التوجه للحكومة له أبعاداً ورؤية مستقبلية طموحة، والحكومة لا زالت في العطاء في هذا المجال من حيث زيادة عدد الجامعات والكليات الموجودة وأيضاً الاستمرار في تنويع التخصصات و المخرجات.
لكن سوف نسلط الضوء في هذا الموضوع . أين مصير هذه المخرجات والمؤهلات والكفاءات؟
حيث هناك تزايد في هذه المخرجات في كافة التخصصات، وأن السوق أصبح متشبعاً منها وخاصة مخرجات الكليات الخاصة التي كانت مركزة في عدة تخصصات متشابهه في مجالات إدارة الأعمال والمحاسبة، والتي أصبح بالفعل هناك اكتفاء فيها.
لقد تابعنا كثيراً في الصحف والمجلات، وأيضاً هنالك عدد من المؤتمرات والمنتديات، والحلقات التلفزيونية التي تناقش الرؤية الاقتصادية في هذا المجال، ويسترسل الحديث عن دراسة التخصصات التي تدرس في هذه المؤسسات.
حيث أنها لا بد أن تكون أكثر موائمة مع معطيات السوق ومع متغيرات الأسواق العالمية، وأن تكون غير تقليدية.
ولكن للأسف لا زالت بعض المؤسسات التقليدية تمارس وتطرح نفس التخصصات وإن وجد هناك تغير فسوف يكون طفيفاً. حيث أن هذه المؤهلات والكفاءات التي أخذت جهد الطلاب والمؤسسات التعليمية لتخريج أجيالاً متعلمين ومتفائلين في أن يحصلوا على وظيفة بعد ذلك والجهد والعناء قد يذهب هباءً منثوراً، فكثيراً من أفراد المجتمع الدارسين قد تخرج من عدة سنين ولكن لم يتم استغلال هذه المخرجات، وإذا استمر الوضع على هذا الحال فسوف تتبخر هذه المؤهلات وتصبح ليس هناك فائدة منها.
لقد تابعنا تصريح وكيل وزارة العمل في تحديد الرواتب الوظيفية ولكن كانت هناك ردة فعل قوية وهجمة إعلامية شرسة في عدم رِضا الشعب بهذا التصريح. ولكن هناك مثل شعبي يقول(عصفور في اليد ولا عشرة فوق الشجرة)؛ بمعنى إن كان هناك بالفعل يوجد توظيف ورواتب بهذا القدر سوف يفي في تشغيل الباحثين عن عمل واستغلال هذه الكفاءات لحين ما تتوافر الفرص الأخرى، ويتحسن الوضع الاقتصادي. فالجميع يعلم أننا نمر بتحديات أو ربما يمكن تشبيهها بالسبع العجاف؛ بمعنى إنها مسألة وقت في هذا الوضع، وسوف تتحسن الأوضاع إلى الأفضل، ولأنها قضية تمس المجتمع وحلها يتمثل في الحكومة والشعب، فوجود المؤهلات والكفاءات، ووجود اللجنة الوطنية للشباب بأن تكون أكثر فاعلية وأكثر اهتماماً وزيادة في العروض والخدمات التي تقدمها.
أن الوضع الحالي لا يبشر أن كُنّا سوف نسير على نفس الخطى السابقة؛ لأنه بالفعل أن أرقام الباحثين تتزايد، وهذا سوف يحدث خللاً في النظام ونمط العيش المستقبلي. إن من القضايا التي قد ساعدت في وجود حلول هي صناديق الدعم والرفد وبنوك التنمية لدعم الشباب و ريادة الأعمال، وقد مارس البعض تجربة في فتح مشاريعه التجارية، فالبعض منهم وفّق بالنجاح ,ولكن هناك من أخفق وأصبح عائلاً على نفسه وعلى أسرته، فهناك مئات الأشخاص الذين تعثروا في هذه القروض ولا زالت المعناة تلاحقهم. وهنا قضية أخرى وهي الديون من هذه الصناديق وغيرها، و هناك ملفات وقضايا في المحاكم التي تطارد هؤلاء المقترضين، فنلتمس من الحكومة المساعدة في تسديد هذه القروض المتراكمة عليهم واتاحة الفرصة لهم من جديد.
وبهذا سوف نحصل على وظائف بالفعل ونستغل جميع المخرجات والمؤهلات والكفاءات إن كان هناك حراك مجتمعي متكامل يبحث في نفس المجال فنساعد بعضنا ونعمل بإخلاص، قال تعالى: {هُوَ آلَّذِي چَعَلَ لَگُمُ آلْأَرْضَ ذَلُولآً فَآمْشُوآ فِي مَنَآگِپِهَآ وَگُلُوآ مِنْ رِزْقِهِ} -الملك الآية ١٥.