غموض وتناقضات
حمدان بن سعيد العلوي
مدرب في الإعلام والعلاقات العامة
أولاً سأتحدث عن جائحة كرونا والوضع الراهن، هل كرونا أو ما يسمى بكوفيد 19 له عقل ويستطيع التمييز؟
في بعض المؤسسات يسمح لهم بالتجمعات والتكتلات بحضور تدريبات ميدانية وبأعداد هائلة يتشاركون في مواعين الأكل ودورات المياه وغيرها، وفي المسجد تباعد وتشديد على المسافة، وسجادات خاصة لكل مصلي، ودورات المياه مغلقة، في الملاعب يجتمع الفريق يتصافحون ويتشاركون الكرات في الحصص التدريبية وفي المباريات يتلاحمون ويتصافحون بل يتعانقون عند تسجيل الأهداف والفوزِ، في المقابل تمنع التجمعات رغم أن اللجنة العليا شددت على ضرورة اتباع العادات الصحية وكل فرد مسؤول، في الأسواق والأماكن السياحية والترفيهية يتزاحمون بل يتكدسون في بقعة لا تباعد فيها، وفي الأخير نسعى بكل جهد للحد من انتشار الجائحة، كيف سيتحقق ذلك إن كان فعلاً فرض هذه القيود في بعض الحالات التي ذكرت ولا يفرض على أخرى؟
الاستثمار:
أخص بذلك محافظة البريمي بموقعها الجغرافي المتاخم للحدود الشمالية للسلطنة ، بدلاً من أن يكون فرصة استثمارية مميزة أصبحت المحافظة مغلقة من كل الاتجاهات، الحديث في السابق عن منطقة حرة تمنح الامتيازات والاستثناءات والتسهيلات، إلا أننا نرى عكس ذلك لا حراك ولا بوادر لجعلها حرة بل أصبحت مكبلة مقيدة من جميع الاتجاهات، حيث يعاني تجار المحافظة العديد من الصعوبات، علماً أن المنطقة الحارة هي جزء من أراضي الدولة يدخل ضمن حدودها السياسية ويخضع لسلطتها الإدارية، وتختلف أوجه التعامل الخاصة بحركة البضائع دخولاً إليها وخروجاً منها جمركياً واستيرادياً ونقدياً، إلى غيرها من أوجه التعامل عن الإجراءات المطبقة داخل البلاد على مثل هذه المعاملات وتنقسم إلى منطقة عامة ومنطقة خاصة، والموقع الجغرافي لمحافظة البريمي مهيأً لذلك، كما تابعنا زيارات ميدانية لبعض المسؤولين في السلطنة للمحافظة واجتماعاتهم مع المعنيين إلا أننا لا نعلم بمدى جدية أصحاب القرار، فالطموحات كبيرة ويطالب أهالي المحافظة حراكاً سريعاً لإنقاذ البريمي من الغرق وإفلاس أصحاب المشاريع والهروب إلى مواقع أخرى أكثر جذبا منها، ستجف أقلامنا يوماً ويقودنا ذلك إلى اليأس، ومن واجبنا كإعلام طرح ما يشعر به أبناء المجتمع ولا لوم علينا وهذا ما يجب فعله، فنحن لا نكتب إلا رغبة منا لتحريك المياة الراكدة، وعلى الجهات المعنية تقبل الطرح الذي لم يأتي من فراغ، فطموحاتنا ليست مصالح شخصية بل أماني مجتمعية.
يشغل بالنا كثيرًا تصريحات المسؤول الذي يسوقنا ويوجهنا بعيداً عن قضايانا المهمة بدلا من التركيز على إيجاد الحلول للباحثين عن عمل والمسرحين من أعمالهم والمطالبين بشموليتهم ضمن صندوق التقاعد لمن يعملون في دول الجوار ليحول البعض قضايانا إلى مسار آخر وهو زيادة ساعات العمل لنتبادل الآراء بين مؤيد ومعارض، البعض يرى بأن المساواة بين الحكومي والخاص ضرورة ملحة لكي تتحقق، لا خلاف في ذلك ولا اعتراض ولكن أصبحت هذه الأطروحات تشغل رأينا العام أكثر عن سبل البحث عن حلول، كما تابعنا شغف النقاد والفكاهة السائدة لمصطلح “حزب الكنبة” وإن كانت دعابة، حيث اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي وكثرت التعليقات الساخرة.
قرارات مفاجئة:
نتفاجأ بقرارات مفاجئة مثل منع إقامة الحفلات كالأعراس دون سابق إنذار علماً أن البعض أكمل كافة الاستعدادات وكلفته مبالغ طائلة بسبب حجوزات قاعات الأعراس، فما ذنب المواطن وما هي الحلول، نعم مصلحة الوطن هي الأولى ولكن لم تترك لنا مساحة كافية لترتيب الأوضاع، كما أن غلق الحدود تضررت به الولايات الحدودية بسبب الترابط المباشر بين أسر هذه الولايات والدول المجاورة، فالبعض يقطنون في هذه الدول وعملهم في السلطنة بحكم الزواج من غير العمانيات والعكس صحيح، وهذا الأمر لا يشعر به إلا من يعانيه من أهالي تلك الولايات.
التعليم المدمج:
تفاجأنا بقرار عودة الطلبة للمدارس بنظام التعليم المدمج بعد أن كلف أولياء الأمور شراء أجهزة لوحية لأبنائهم ، عادوا من جديد لشراء مستلزمات الدراسة وتجهيزهم للعودة للصفوف،لا نستبعد بعد كتابة هذا المقال قراراً جديدًا بإيقاف التعليم المدمج والعودة للتعليم عن بعد، علماً أنني تحدثت مغرداً في حسابي الشخصي عبر منصة “توتير” أنه قرار مفاجئ ومستعجل وتوقيته مرهق لأولياء الأمور، علماً أن آخر التصريحات تشير إلى أن الأطفال أكثر عرضة للفيروس المتحور. أكرر لا نعارض أي قرار يكون في مصلحة الوطن وأبنائه، ولكن يجب أن يكون عبر استراتيجيات مدروسة، ونثمن اجتهادات الجهات المعنية، ولكن كما ترون النتائج لا تأتي كما نطمح ونتمنى.
الأكياس البلاستيكية:
قرار منع استخدام الأكياس البلاستكية والسماح بنوع محدد يجهله الناس، علماً أن القرار ليس جديدًا، ولكن أصبح أبناء المجتمع متضررون بسبب هذا القرار، ففي المحلات التجارية الكبرى تباع لهم الأكياس وإن كانت بمبالغ رمزية، وإلا سيتحمل المشتري وضع مشترياته في صندوق السيارة تتلاطم حين يتحرك في طريقه إلى المنزل، لا نمانع هذا القرار ويعلم الله مدى حرصنا على سلامة البيئة العمانية، ولكن كان الأولى لو تم إخطار مصانع الأكياس؛ إنه في التاريخ المحدد سيتم منع تصنيعها وتوجيههم لاستبدالها بنوع آخر صديق للبيئة وفق المواصفات والمقاييس وتعطى المحلات فرصة حتى نفاذ الكمية دون إشعارها لكي لا تقوم باستغلال المستهلك كما هو حاصل الآن.
نحتاج إلى دراسة شاملة في كافة المستويات وتفعيل دور أعضاء المجالس البلدية وأعضاء مجلس الشورى والمحافظين والولاة قبل اتخاذ القرارات، فلربما أصحاب القرار لديهم نظرة عامة ولا يعلمون عن خصوصيات المحافظات الأخرى وارتباطاتهم وطرق حياتهم الاجتماعية.
نريد عمان أن تكون الأفضل بين دول العالم بتكاتفنا وإشراكنا في كل قرار كل حسب اختصاصه) فعمان بمحافظاتها متنوعة التضاريس جغرافياً وديمغرافياً، وعلى المعنيين معرفة ذلك ووضعه في الاعتبار.