حرية الإعلام بلا تظليل أو تطبيل
حمدان بن سعيد العلوي
مدرب في الإعلام والعلاقات العامة
يشغل الرأي العام كثيراً هذه الأيام ويتساءل البعض هل يوجد لدينا إعلام حر؟
الجواب وبكل بساطة بعيداً عن الفلسفة والمصطلحات العلمية التي قد لا يفهمها إلا ذوي الإختصاص، نعم هناك مساحة واسعة من الحرية ولا يوجد لدينا تكميم للأفواه إذا ما تحدثنا عن الإعلام بشكل عام، فكثير من الكتاب تطرقوا للعديد من القضايا التي تشغل الرأي العام، وكان لهم التأثير الكبير في التغيير، فالدول المتقدمة والقوية إقتصادياً يوجد بها إعلام حر، وكما تحدثت سلفاً في إحدى المقالات أن الإعلام لا يقتصر على نقل الأخبار بل هو تحقيقات وحوارات وغيرها من فنون إعلامية والبحث عن الحقائق وكشف الفساد، ولكن حين نتحدث عن الإعلام كمؤسسات وليس أفراد نعي تماماً أن الإعلام الحكومي في جميع دول العالم لا يتنافى مع سير العمل في جميع مؤسسات الدول بل هو مواكب لذات التوجه ولا يمكن له أن يكون معاكساً لهذه التوجهات، بما أن أعلى الهرم يمثل حقيبة وزارية في هذه الحكومات، لذا اتجهت الدول لخصخصت قطاعات الإعلام ليكون سنداً ومواكباً لمتطلبات المجتمع، وباختصار شديد لا يمكن أن نطالب الإعلام الحكومي ما يتنافى مع سياساته المرسومة من قبل السلطات الحكومية، فالإعلام الحر يستطيع تلبية متطلبات ورغبات المجتمع، ويقتصر الإعلام الحكومي على نقل الأحداث ومواكبة الحركة التنموية مع بعض البرامج التي تسعى لترسيخ مبدأ التوعية والتثقيف لدى فئات المجتمع، ولا يتعارض الإعلام الحكومي مع قرارات وسياسات المؤسسات الأخرى إلا بشكل محدود، وهنا يأتي دور الإعلام الخاص، وتنتشر وسائل الإعلام الخاصة في السلطنة ولها مساحة من الحرية ولكن مشروطة، وهذه الإشتراطات واجبة لكي لا تنعكس سلباً وتصل إلى التأثير السلبي على الرأي العام، وأرى من وجهة نظري أن وسائل الإعلام غير مقيدة ولها حرية التعبير بعيداً عن التشهير والقذف، ويبقى الفرق بين مؤسسة وأخرى هو كيفية وأسلوب الطرح مع مراعات قوانين وأخلاقيات المهنة والإلتزام بميثاق الشرف، ومتى ما فهم القائمون على الإعلام هذا الدور سيتحقق الهدف المنشود من دور هذه المؤسسات، فهي المرآة العاكسة عن حال المجتمع والأوضاع التي تمر بها البلاد وهي المعين الأول لتحقيق العدل والمساواة.
فمتى ما كشفت وسائل الإعلام عن خبايا مجهولة للجهات الرقابية كانا عوناً وسنداً لتصحيح المسار، فكثير من القضايا لا تطرح بالشكل المطلوب وبعضها يتم التستر عليها خوفاً من العقاب الذي قد يطال هذه المؤسسات فهي ربحية في الأساس وتغذي مدخولاتها عن طريق الإعلان وعليها أن توازن في الطرح، وهنا نستطيع القول أنها انحرفت عن مسارها الصحيح، فتحقيق العائد يأتي من شهرة المؤسسة وزيادة عدد متابعيها فلا يتحقق الربح من التسويق إلا بكثافة الجمهور وهذا ما تبحث عنه الشركات الكبرى من أجل التوجه لشراء مساحات إعلانية وتتحول بذلك إلى منتج رائج تتهافت عليها مؤسسات الإنتاج وشركات القطاع الخاص، وحين نتحدث عن إعلام المؤسسات الأخرى المتمثل في جهاز الإعلام والعلاقات العامة فيقتصر دوره على إبراز المؤسسة والتسويق لخدماتها فلا يمكن أن نطلب منه أن يمارس دور الإعلام العام فهو حلقة وصل بين المؤسسة و وسائل الإعلام وجمهورها ليحقق أهداف المؤسسة وفق رؤيتها ورسالتها.
نعم بعض المؤسسات الإعلامية الخاصة قائمة بدورها ولكن تحتاج إلى أن تعرف تماماً حقوقها و واجباتها وأن لا تتجاوز هذا الدور وفق القوانين واللوائح والتشريعات في البلد التي تعمل به، ولو اتخذت صلاحياتها كاملة سنرى إعلاماً يحقق متطلبات المجتمع ويساهم في مسيرة التنمية ويمارس بحرية دوره الطبيعي مسانداً للجهات المعنية وأقصد بالمعنية المؤسسات الرقابية للبحث عن القضايا وكشف الفساد بلا تظليل أو تطبيل .