الإعلام مسؤولية أم للمسؤول إعلام ؟
حمدان بن سعيد العلوي
مدرب في الإعلام والعلاقات العامة
تعلمنا ونحن على مقاعد الدراسة في مجال الإعلام أن يتصف العمل الإعلامي بالحياد ونقل الحقيقة كما هي دون تزييف بالزيادة أو النقصان وعدم تضخيم الحدث بهدف الإثارة والتشويق، وأن يكون صادقا في الطرح لكي لا يفقد المصداقية، وتعتمد أغلب المؤسسات على أقسام ودوائر الإعلام والعلاقات العامة في إيصال رسالتها الإعلامية عبر وسائل الإعلام المختلفة، ولا يختلف اثنان على أن المؤسسات تبحث عن الظهور وإبراز أعمالها وفعالياتها للجمهور المتلقي، ونرى أحيانا تضخيم إعلامي لبعض المشاريع التي لا ترقى لمستوى الحدث، لنجد في حقيقة الأمر أن الحدث على أرض الواقع مختلف تمامًا، زيّنها ناقلو الحدث عبر الوسائل الإعلامية المختلفة ، وفي بعض الأحيان يتم إبراز شخصيات بعينها من أجل الظهور والشهرة ، لنجد أن الأهداف أصبحت شخصية، والشخصيات النرجسية تعشق عدسات التصوير، وأين ما وجدت الكاميرا تجدهم يصولون ويجولون، العتب ليس على المسؤول إنما على القائمين على نقل الرسالة الإعلامية التي ابتعدت عن أهدافها الرئيسية واتجهت لتُمجٍّد أشخاص بعينهم، ويصيب المتابع الملل حين يرى هذا التركيز على المسؤول الذي أصبحت أخباره تغزو الصفحات والشاشات ومسامعنا عبر الأثير ناهيك عن ضجيج وسائل التواصل الاجتماعي، فتجد عناوين الأخبار تتصدر المشهد بعبارات سئمنا منها ولا نتيجة ومخرجات حقيقية نرى غير “المسؤول الفلاني يفتتح الجلسة والمسؤول الفلاني يوقع والمدير الفلاني يتجول، بلا فائدة ولا معنى حقيقي يضاف ضمن الإنجازات سوى فقاعات إعلامية (نسمع جعجعة ولا نرى طحينا) فإلى متى سنمجد المسؤول الفلاني وننحاز في طرحنا الإعلامي بحجة التقرب والمصالح الشخصية ؟
حتى أصبح الإعلام مسوقا لأبطال الوهم، بدلا من أن يكون حيادا حقيقيا ينقل الصورة كما هي أصبح حياد الوهم الإعلامي، وكلما تحدثنا بصراحة وشفافية زاد منتقدينا وأصبحنا لا نعني لهم شيئا وأعداء لنجاحاتهم حسب ما يعتقدون، ففي إحدى التغطيات الإعلامية لورشة عمل نفذت بهدف الاستفادة، وجدنا أغلب الصور واللقطات للمدير وهو يفتتح وهو يكرم وهو يلقي الكلمة ويصرح، لما كل هذا التركيز على شخص والحدث به خمسون غيره؟
الحياد مطلوب في الطرح الإعلامي ونقل الواقع والتركيز على الأهم فالأقل أهمية في قالب الهرم المقلوب وفي قالب الهرم المعتدل تكون المقدمة أقل أهمية فالأهم فالأكثر أهمية، من منا كمختصين أصبح يهتم لهذه القوالب في فنون الإعلام حتى أصبح الإعلام ركيكا رتيبا يؤدي إلى الملل، أين عنصر التشويق الغني بالمعلومات التي تغذي معرفة القارئ والمتابع ، حيث تم استبدال التشويق بعملية التسويق للوهم الإعلامي، هنا لا ننكر دور الشخصية ولكن على حسب الحدث فالأبرز هو الأهم فإن كانت الشخصية بارزة أو هي من قامت بصناعة الحدث يجب أن تحظى بالاهتمام وإن كان الحدث هو أساس الخبر وعموده الفقري فيجب التركيز على أهميته ، وكفانا تزويرا ونفاقا وتطبيلا لنتخلص من “إعلام المسؤول”.