حمد بن سعود الرمضاني أبو سلطان
سلوكياتنا وتصرفاتنا اليومية هي مصدر إلهام وتأثير كبير في غرس القيَم لدى أطفالنا وفلذات أكبادنا، فهُم يروننا مصدر الإشراق للقدوة الحسنة والملاذ الآمن للإستسقاء من مَعين الحكمة وتراكم خبرات الأحداث في الحياة، لذا فإن حُسن التحكم في قيادة سلوكياتنا تصل إطلالتها إلى أعيُن أبنائنا، وما تطلقه ألسنتنا يصل بثّه إلى أسماعهم، لذا يجب الحرص على أن تكون هذه السلوكيات حاملةً معها عبير إصلاح العقول الطرية للصغار، المتعطشة لرشفة من نُبل محاسن الأقوال والأفعال، وصدق المشاعر، الممتزجة بلطف العبارة، وحُسن المهارة.
لذا جبل الأجداد في حياتهم اليومية على تعويد الأطفال لافتراش مجالس الضيوف، وتقديم واجب الضيافة، والاستماع إلى ما يدور بينهم في هذه المجالس من مناقشات جادة، ومساجلاتٍ أدبية وشعرية هادفة، تتشرب بها عقولهم الطرية، وتختزنها إلى مضامين سلّم المبادرات، بالأفكار والآراء السديدة الصائبة، وحُسن توجيههم كلما كان ذلك ضروريًا، يشبّ الطفل وتنمو معه سجايا الشجاعة والجُرأة في خَوض غمار المواجهة لأيّ موقفٍ يصادفه، أو شخص يجادله بأسلوبٍ حكيم مؤدب، ولسانٍ طليقٍ مهذب، وفكرٍ مستنير معجب؛ لأن بناء عقلية تعتمد على حرية الانطلاق في فضاء التعبير دون تكبيلٍ أو كبتٍ أو تشهير، لتعبّر عمّا يختمر في نفسها، وما تلقاه من حُسن الإنساط، ودوافع التشجيع والبُعد عن جهالة التخويف والترويع، فإنها تُبدع في لملمة أفكارها، وإيصال المعلومة بأسلوبها الرائع الجميل، فتألفه الأنفس بحُسن الاستماع، ودُرر الإطراء.
بينما تجد في عالم اليوم من الشباب الذين لا يتقنون فنّ الحديث، ولا يعرفون تركيب الكلام، ويجهلون أدوات التخاطب، ويصاب بعضهم بالتلعثم كلما صادف موقفاً مع مجموعة من الناس، أفكاره تكون مشتتة، ولسانه مبلد، يلفّه الخوف في مواجهة البشر، وتعتصره مكابح الكآبة واليأس أينما حضر.
نحن بحاجةٍ لإعادة حساباتنا في طريقة التعامل مع الأبناء، وكيفية حُسن إدارة رفع مستوياتهم الفكرية والعقلية والسلوكية لمواجهة مُعترك الحياة، بما يحقق الطموح الأسمى، والصلاح والتقوى، والجُرأة الكفيلة لمواجهة كلّ ما هو شائك ومستعصىً لحلّ المعضلات، والتعامل مع ما يستجدّ من مشكلات.
رحم الله مجالس الآباء والأجداد.
