2024
Adsense
أخبار محليةمقالات صحفية

جينا ندور الذرى/ الثرى… جانا البرد من وراء

حمدان بن سعيد العلوي
مدرب في الإعلام والعلاقات العامة

المثل الشعبي القائل ( جينا ندور الذرى/الثرى جانا البرد من وراء)، ويضرب هذا المثل أنه كل ما حاولت الاحتماء من ضرر أو فشل متوقع ضناً أنك تقدمت وستصل لتحقيق ما تريد إلا أن الفشل يأتيك من حيث لا تتوقع أو تدري هذا بحسب ما أراه ولعلي أصبت، وكذلك المثل القائل ( وين ما نطقها عوجاء) يفسر ذات المعنى تقريباً وهناك أمثلة كثيرة، تدل على مواقف عديدة، ففي العام ٢٠١١ م، طالب الجميع بإقالة عدد من الوزراء ظناً منهم أنهم سببا في الفساد، والوقوف خلف أزمة التوظيف، رحم الله السلطان قابوس وطيب ثراه وجعل الفردوس مثواه، أمر بالتوظيف الفوري، وكذلك تغيير لعدد من الوزراء. انتعشت البلاد لفترة ما يقارب الثلاث سنوات، وبدأ الوضع يزداد سوءًا، ثم اتبعت السلطنة سياسة التقشف، وعجز في الميزانية، توقف التوظيف وعاد الحال أسوأ من السابق، علم الجميع بأن الظروف الصحية للسلطان الراحل بدأت تتدهور، الجميع نسي أمر الفساد وانشغلوا في متابعة أخبار المغفور له بإذن الله سلطان القلوب، فحب الشعب لقائده لا يضاهيه أي اهتمام آخر، واستمر الحال على ما هو عليه حتى ضج الناس مرة أخرى مطالبين بمحاسبة الفساد والفاسدين، حتى صرنا نسمع بأخبار الاختلاسات والمشاريع الضخمة التي لم ترَ النور حتى الآن. وعود زائفة، ومخرجات التعليم تزداد عاماً بعد عام، لا شواغر وظيفية ولا جديد يُذكر، الجميع يعلم بأن الوضع يسير بلا وضوح، وغموض في كل شيءٍ، والشعب العماني بعواطفه وشوقه لسلطانه المفدى يتلهف لسماع أخبار سارة، متمنياً الشفاء العاجل والدعاء لا يتوقف، الصغير قبل الكبير، حتى أتى عام ٢٠٢٠ م، عام الحزن والأسى ليصحوا أبناء هذا الوطن على خبر هو الأكثر حزناً منذ تولي السلطان الراحل الحكم في البلاد. ذرفت الدموع، دموع الوداع، وأي وداع، وداع الأب والقائد، وداع الرجل الذي زرع السلم والأمان، الذي بنى هذه النهضة الحديثة لعمان المجد، بكى عليه البعيد قبل القريب.

تولى بعده السلطان هيثم المعظم، واستبشر الشعب وكيف لا وقد أوصى به حبيب عُمان، وفي خطابه الذي قرأنا فيه ملامح العدل والخير ومحاربة الفساد، إلا أن البلاد تأثرت بالوضع المالي، وكذلك جائحة كورونا التي عصفت بالعالم أجمع، إلا أن السلطان هيثم مضى بعمل دؤوب، حيث قام بدمج بعض الوزارات وقلَّصها كما قام بإلغاء بعضها، وقبل ذلك سبق إحالة من أكملوا الثلاثين عاما في الخدمة، أدركنا بعدها أن السلطنة مقبلة على التغيير وأن هناك شواغر وظيفية منتظرة، تأملنا خيراً في الوزراء الجدد، وبعد قرار رفع الحد الأدنى ضج الرأي العام بين مؤيد ومعارض، فلو أستثمر القرار بشكل سليم دون جشع أصحاب الشركات الكبرى فهو إيجابي للباحث عن عمل من خلال المنافسة وإثبات الموظف نفسه، وتطوير قدراته، وتحقيق الإنتاج. سينعكس ذلك على مدى رغبة الشركة بالحفاظ على الموظف المجيد، وذلك بزيادة في الراتب أو المكافأة نظير ما يحققه من إنتاج، وسيرتبط الإنتاج بمعدل الدخل، أي أنه لا مجال لتقاعس الموظفين، بل سيزيد من حدة التنافس لتحقيق الإنتاج والإبداع في العمل، ولكن حسب ما سمعنا من بعض الإخوة في القطاع الخاص أنهم تعرضوا للتسريح عن العمل، والبعض تم تخفيض راتبه لذات المستوى حسب قرار وزارة العمل، فبعض الأمور سببها يعود لنا نحن أبناء هذا الوطن، فصاحب العمل هو من ذات النسيج الوطني فلو كان يسعى لرفعة وطنه لما قام بتسريح أو تخفيض راتب الموظف بحجة قرار وزارة العمل، ولكن كان يجب عليه المساهمة في سد العجز بالتوظيف وتحفيز المنتج من الموظفين، واستغلالنا لمثل هذه القرارات لمصلحتنا دون التفكير في الموظف نوع من الفساد، وفي المقابل نحن من شجعنا الفاسد على فساده بتمجيدنا له وتطبيلنا في كل شيء، فالسلطنة غنية بمواردها الطبيعية وموقعها الجغرافي المميز وبالإمكان استغلال الموقع الجغرافي لرفد خزينة الدولة، فقط نحتاج إلى فتح الاستثمار وإعلام قوي يستطيع التسويق للبلد بشكل احترافي، ولا بد من تغيير في السياسة الإعلامية لتكون جاذبة للاستثمار من خلال التعريف بعمان وموقعها المميز سياحيا وتجارياً، فالتسويق الإعلامي لدينا ما زال لم يصل إلى الاحترافية، فلو نظرنا إلى وسائل الإعلام المحيطة بنا وكيفية بث الجرعات الإعلامية لأدركنا كم هي مهمة بدورها إلى جذب العالم للاستثمار الآمن في وطن الأمان، وفي المقابل سنواجه رفع الدعم عن الكهرباء والماء وغيرها في قادم الوقت.

وهنا ينطبق المثل(جينا ندور الذرى/ الثرى جانا البرد من ورى )، والسبب أن البلاد تمر بظروف صعبة، خمسين عاماً من التخطيط ونحن نسمع ولا نرى، فأين ميناء صحار الذي سيكون بوابة الشرق والغرب، وأين المشاريع الضخمة، أين إنتاجها ومدخولاتها التي نقرأ عنها في الصحف ونشرات الأخبار؟.

ألا يحق لنا أن نطالب بمحاسبة الفاسد ونعرف ما الذي يحدث بشفافية وبدون غموض؟. فنحن أبناء الوطن نتكاتف من أجل عمان ونقف صفاً واحداً تجاه العدو وإن كان من الداخل، نثق في سلطاننا الجديد وكلنا سنضحي من أجل هذا الوطن، ونسأل الله أن يحمي عمان وسلطانها وشعبها من كيد الكائدين ومن شر المفسدين.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights