سيراً على الأقدام في ربوع وادي بني خروص بولاية العوابي
العوابي/العمانية
تزخر السلطنة بالعديد من المقومات السياحية الواعدة
التي تشكل رافدا مهما من روافد دعم الاقتصاد بالسلطنة.
ويعد وادي بني خروص بولاية العوابي بمحافظة جنوب الباطنة إحدى تلك الوجهات
السياحية المهمة للسائح من داخل وخارج السلطنة.
ويعتبر وادي بني خروص من أشهر الأودية التي ما تزال شاهدة على عراقة وأصالة
التاريخ العماني منذ القِدم بكافة تفاصيله إذ يتميز بزراعة العديد من الأشجار المثمرة
والمحاصيل الزراعية المتنوعة.
ويزخر الوادي بوجود مختلف النباتات والأزهار والأعشاب الطبية والحياة الفطرية
والبرية، كما أن به العديد من الأفلاج والعيون المائية والتكوينات الصخرية المتنوعة
والنقوش الأثرية على بعض الأحجار والمنازل القديمة.
وتنساب مياه وادي بني خروص عند نزول الأمطار لتشكل لوحة أبدعها الخالق لتروي
مجموعة قُرى وبساتين وأشجار على طول الوادي.
ويمر الزائرُ لدى وصوله حصن العوابي بعدّة قُرى وتجمعات سكانية ومساحات زراعية
ووديان كوادي “صفون” وقُرى الهجير وحلحل وستال ومسفاة الهطاطلة وصنيبع وشوه
وثقب والهجار ومسفاة الشريقيين والطيختين وبدي.
ثم تظهر له بعد ذلك قرى حدس وظاهر سقطرى والهودنية والرويضة والمرخ وصنعاء
وعين كرفس والخطمة والمحصنة والعلياء وصقر وسحكون والرحبة وحلة البلاد وغيرها
حتى أعلى نقطة تربط الوادي بسفوح الجبل الأخضر بمحافظة الداخلية مرورا بمزرع
الدار التي يمكن الوصول إليه سيرًا على الأقدام ثم جوابي الغابة والصير ومزرع الخرار
وصولا لقرية السوجرة بالجبل الأخضر.
ويُمثّلُ مسار (كور الغابة) كما – يسميه البعض – الموجود في الوادي خيارًا مهمًّا وحيويا
لمحبي رياضة المشي والتسلق أو ما يعرف برياضة (الهايكنج) حيث يتوافد السياح من
داخل وخارج السلطنة طوال العام لوادي بني خروص نظرا لِما يتمتع به من جمال فريد
وطبيعة ومناظر خلابة.
ويتميز الوادي بالتنوع البيئي والبرك المائية العميقة والمياه دائمة الجريان التي تشكل
لوحة بديعة لا سيما داخل الوادي خاصة بعد نزول الأمطار.
وما يجعل هذا المسار مختلفًا الجريان الدائم للمياه ووجود العديد من البرك المائية العذبة
والعميقة لمحبّي ممارسة السباحة.
وتنتشر بالوادي أنواع كثيرة من الأشجار والأزهار والنباتات كأشجار النخيل والمانجو
(الأمبا) إضافة إلى بعض المحاصيل الموسمية التي أبدع العمانيون بزراعتها في
المدرجات الزراعية والتي يتم توصيل مياه الأفلاج لها بنظام دقيق ومنها مدرجات مزرع
“جلب”.
ويبدأ المسير من مسجد عريش الحيل حيث تقف السيارات في أسفل الوادي بقرية العلياء
ويتم المرور ببعض التجمعات السكانية والبساتين الزراعية وبالمنازل لمن أراد أن يُمعن
النظر في نظام البناء القديم الملاصق للجبل وسبل الحياة هناك، مع وجود اللوائح
الإرشادية والتعليمات الضرورية للسياح، كما يمكن الانطلاق للمسير من قرى “صقر”
و”سحكون”.
ويراوح المسير بين صخور الوادي والمرتفعات الجبلية حتى الوصول إلى مزرع الدار
على ضفاف الوادي الذي يشتهر بزراعة أشجار النخيل والأمبا والعنب وغيرها من
المحاصيل الزراعية المتنوعة.
ويستمر المسير حتى يصل لأول بركة مياه عميقة تسمى (جباة بني بحري) حيث تقع
وسط الوادي يغذيها شلال صغير بمياهه العذبة والدائمة الجريان، وغالبا ما يقف السياح
في هذه النقطة من أجل الراحة وممارسة هواية السباحة والقفز من أعلى الصخور لمن
يملك مهارة السباحة في البرك المائية العميقة.
ويواصل الكثيرون السير صعودا فيمرون بــ (جباة الكيسان) التي قد يصادف أن الوادي قد
طمرها أحيانا أو قام بحفرها مرة أخرى وقد امتلأت بالمياه العميقة فيسلك الطريق الجبلي
يمين البركة المائية صعودا للأعلى حتى بلوغ (كور الغابة)
ولمن أراد أن يكمل طريق المشي والصعود فستكون قرية (السوجرة) بنيابة الجبل
الأخضر بمحافظة الداخلية هي وجهته بعد رحلة دامت أكثر من أربع ساعات من المشي
بين صخور الوادي أو طلوع بعض الجبال أحيانا.
وقد يزور السائح قرية (شنوت) أو (كهف المعاول) أو (حيل المسبت) وغيرها من القُرى،
أو النزول قليلا إلى (سيح قطنة) وغيرها من قرى الجبل الأخضر كوادي بني حبيب وسيق
والعين وغيرها الكثير.
ويمكن الوصول إلى الجبل الأخضر مشيًا على الأقدام من عدة مسارات وطرق جبلية في
عدد من قُرى الوادي كطريق ضبك الصفاة وطريق الفوارس والطلحات وثقب والهجير
وغيره.
جدير بالذكر أن ولاية العوابي تبعد عن محافظة مسقط بحوالي 140 كيلومترا تقريبا
تربطها طرق حديثة ومعبدة بولاية الرستاق من الجهة الغربية وولاية نخل من الجهة
الشرقية كما يحدها الجبل الأخضر من الجهة الجنوبية، وقد خلّدت كتب التاريخ الكثير من
أخبار الأئمة والعلماء والشعراء والأدباء والكُتَاب والأحداث المتنوعة لهذه الولاية العريقة
وواديها الشهير عبر العصور.