شواخِص على الطّرق تلفظ الأنفاس
خميس بن محسن البادي
بوجود الطُّرُق الحديثة في مُختلف بلدان العالم سُنّتْ قوانين للمرور تُنظّم السَّير على تِلكم الطّرق وتفرض العقوبات على المخالفين ومرتكبي الحوادث كما نعلم جميعنا، بما يتبع هذه القوانين من الشواخص المرورية متباينة الأغراض بوضعها على جوانب مُختلف الشوارع، وظيفتها الأساسية تحذير وإرشاد سائقي السيارات ومستخدمي الطرقات وتعريفهم بالأماكن التي يتواجدون فيها والمتّجهين إليها، إضافةً إلى إعطائها المَظهر الجَماليّ للطّرق لا سِيّما حين تكون بِحُلّتها الزاهية من خِلال ألوان الطّيف التي تُميّز كل واحدةٍ عن الأخرى طِبقاً لنوع غرضها ومُسمّاها، وتستقبل صفائحها الفوسفورية اللامعة ليلاً أضواء السيارات لتتّسع دائرة الضّوء مِن حَول السائق لتعطي المكان المظلم بذلك رؤيةً ليليّةً رائعة في الأماكن غير المضيئة خصوصاً.
والطّرُق في سلطنة عُمان ليست بمنأىً عن هذا النظام العالمي، فهي كذلك ضمن المنظومة الدولية في هذا الجانب، ولذلك تَحظى شوارع السلطنة بأنواع مختلفة من هذه الشواخص واللافتات المرورية التي تساعد مُستخدم الطريق على سلامته وإرشاده لوجهته بما يُجنّبه العديد من مَخاطر السَّير نتيجة اتّباعه الإرشادات والتوجيهات المرورية عبرَ تلكم الشواخص واللافتات، لدرجة أنّ البعض يعتمد على مثل هذه اللوائح بشكلٍ كبيرٍ أثناء سيره على الطرق خاصةً في ما يتعلق بتحديد السرعة وأخطار الطريق المُحتمل وقوعها في بعض المواقع والأجزاء من الطرق مثل رعي الحيوانات وعُبورها الشارع وتساقُط الأحجار والمنعطفات وغيرها، ولكنْ ما نلاحظه -للأسف- هو أنّ بعض هذه الشواخص واللافتات المرورية على طرقنا العمانية نستطيع القول استناداً لوضعها الراهن بأنها في حالة احتضار، بلْ ويكاد بعضها أن يلفظ كافة الأنفاس، وصارت شارةً على الطريق دون فائدة تُذكر، حيث تكالبتْ عليها حرارة الشمس وعوامل الطقس وحوادث السير ويَد العابثين، فلعقت معالمها ومكوّناتها التي تفيد مستخدم الطريق وأصبحت أثراً بعد عَين، ولم يبقَ منها عدا الهيكل إلّا عموداً يعلوه صحناً بقمّته لا يُعرف ما يحويه كفّه المفتوح من خصائص إرشادية وتحذيرية، ناهيكم عن الأضرار التي تعاني منها بعض الأجزاء من الحواجز المعدنية، التي تئنّ هي الأخرى نتيجة الجراح والعاهات المستديمة جرّاء حوادث السير التي تعرضتْ لها مع عدم المُسارعة في جبر ضررها الذي قد يصل ببعضها أشهراً دون النظر إلى معاناتها وما تُسبّبه مِن تشويهٍ للمنظر الجمالي للطرق، وربما يكون ذلك سبباً في حادث سيرٍ آخَر أيضاً نتيجة وضعها العشوائي الخطِر بمحاذاة أكتاف الشارع وبالقرب من حارات السير على الطريق، على الرغم من أنّ المتوقع الأكيد هو تسوية أوضاع ذلك الضرر سواءٌ مع السائق المُتسبّب أو شركة التأمين الضامنة وذلك بدفع قيمة نواتج الحادث، ليبقى هنا جبره من قِبَل المختصّين بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات مُمَثلة بدوائر الطرق في المحافظات وبالتنسيق مع الجهات المختصة ذات العلاقة.
ومن هذا المنطلق واستناداً إلى المرسوم السلطاني رقم (101/2020م) الخاص بنظام المحافظات والشؤون البلدية، يحدونا الأمل بأنْ يكون ذلك من اختصاص المُحافظ والدوائر التابعة لمحافظته بصفةٍ مباشرة، طمعاً في سرعة تسابُق كافة المحافظات نحو إصلاح وإعادة صيانة مثل هذه الشواخص والحواجز المعدنية على طرق عُمان الخير والمحبة والسلام بشكلٍ سريعٍ كُلاًّ في نطاق اختصاصه المكاني والجغرافي، وذلك بما يضمن تحقيق النتائج المرجوّة التي ننشدها جميعاً من حيث إظهار طرقنا العمانية بمظهرها اللائق الذي نرجو ديمومته لتؤدي هذه الشواخص واللافتات المرورية الدور الذي وُضعتْ من أجله؛ ألا وهي خدمة السائق ومستخدم الطريق وتعطي في ذات الوقت المَظهر الحسن للرائي والناظر من خلال مواقعها المختلفة على الطرق، ولتبقى عُماننا الغالية متميّزة على الدوام بإذن الله تعالى وعونه وتوفيقه ثم بسواعد أبنائها الأوفياء الكرام.