الصحافة لسان المجتمع
حمدان بن سعيد العلوي
الصحافة والإعلام منبر لا استغناء عنهما، فهما لسان المجتمع وصوت مطالبه الذي قد يلجأ البعض إليه لإيصال رسالته للمسؤول، هناك من تقطعت به السبل لا يد له ولا معين إلا التوجه لوسائل الإعلام، لترفع صوته الخافت ويصل إلى مسامع ولي الأمر، وكم من مطالب تحققت بخط الأقلام وعدسة المصور، وكل كاتب ومجتهد في هذا المجال يمني النفس أن يغير شيئا أو يحرك ساكنا ، أو يساهم في الإصلاح والتحذير من المخاطر، كذلك هو شريك في كشف قضايا الفساد والبحث عن الحقائق ،فالإعلام سلاح فتاك إذا ما لم يحسن استخدامه.
بدأت بهذه المقدمة لكي يعرف بعض من لا يدركون أهمية هذا القطاع ودوره التنموي ، ومن خلال هذا المقال تراودني الأفكار ويتردد في ذهني بماذا أبدأ وماذا أترك فعدد الكلمات محدود لا يمكن تجاوزها لسرد مطالب الجميع ، هناك من يثقون في أقلامنا ووضعوا آمالا لسرد ملاحظاتهم وآرائهم وإيصال أصواتهم ورؤاهم ، وبعد تفكير عميق قررت الكتابة عن أمر مهم ، ألا وهو معاناة فئة من المواطنين بسبب بعدهم عن أهليهم وأسرهم في ظل جائحة كرونا ، الحدود بين السلطنة ودولة الإمارات مغلقة ، ولا يغفل الجميع مدى الترابط الأسري بين الدولتين ، ناهيك عن العلاقات الدبلوماسية، إلا أن التوأمة بين محافظة البريمي ومدينة العين لها طابعها الخاص ، قد لا يخلو بيت إلا وله عزيز مقرب في الطرف الآخر ، تعايشنا منذ زمن على هذا الحال فنعم الجار والصديق والأخ، فلا يستغني أي الطرفين عن بعضهما ،حتى الأسواق تجدها مختلطة نتشارك في كل شيء ، وعندما عصفت بنا جائحة كرونا أغلقت الحدود وتباعد الأهل والأصحاب، تباعدت الأسر ونحن لايفصلنا سوى سياج حديدي ومنفذ حدودي ، تأملنا وتمنينا أن تعود المنافذ وتعود حركة الدخول والخروج بين المدينتين ، الحديث كان فقط عن مدينتين حتى الآن فما بالك بباقي المحافظات الأخرى التي تجمع بين أهاليها علاقات أسرية أخرى ، وكيف السبيل لمن لم يرَ أبنائه ما يقارب سبعة أشهر ، وماذا لو تحدثنا عن من يعملون هناك ومرتبطون بوظائف تعيل أسرهم ، البعض ترك وظيفته من أجل أن يكون قريبا من أهله ، والبعض لا يستطيع العودة فان عاد لن يسمح له بالرجوع وقد يخسر عمله ، فلا معبر حدودي إلا في أضيق الحدود ، وبحسب علمي الوظائف العسكرية فقط ووفق ضوابط واشتراطات ،أو عن طريق الطيران ومن الصعب أن يتمكن الجميع الذهاب والعودة عبر الجو لغلاء تذاكر السفر ، ماهي إلا دقائق معدودة بين البلدين برا ، فلماذا لا يتم فتح المنافذ البرية وتوفير العناء والتكلفة المادية مع توفر جميع الإشتراطات الصحية ، في المقابل حدثني بعض الأخوة طلب منه عمل فحص “كرونا” للعودة إلى إمارة دبي ، حيث قام بعمله في إحدى المؤسسات الطبية الخاصة بقيمة خمسة وأربعين ريالا عمانيا إضافة إلى خمسة ريالات للتصديق ، وهذا يعد مبلغا كبيرا ، فما بالك بمن أراد الذهاب والعودة بين البيت والعمل بين فترات هل يتحمل كل هذه التكاليف بشكل دائم ؟
في حديث سابق مع أحد الأخوة الذي يقول لي أن زوجته في مدينة العين ، وهي تعمل في القطاع الصحي هناك ،فيما يتواجد هو وأطفاله في ولاية البريمي ، لا وسيلة اتصال سوى الهاتف ، ويضيف قائلا أحيانا نلتقي على السياج الحدودي لنرى بعضنا البعض ، في منظر يفطر القلب ويدمي العين ، حين تبكي الأم وأطفالها يصرخون يطالبونها بالمجيء أو الذهاب إليها ، في عز انتشار الجائحة عانى أطفاله كثيرا وتأثروا بالعوامل النفسية بسبب بعد أمهم لفترة طويلة ، أتحدث بلسان من حدثوني عن قصصهم ومعاناتهم وهم يطالبون بايجاد حل سريع فالوضع لا يحتمل .
لا يشعر بهذه المعاناة من الجانبين الا من عانوا بسببها ومن كانوا قريبين منهم ، وقد يظن من لا يشعر بذلك أن الأمر مبالغ فيه ، ولكن الحقيقة أكبر من سردنا هذا ، فهناك من يعاني بسبب بعده عن أهله ، ومنهم من فقد وظيفته ، والبعض من فقد أبوه وأمه دون أن يراهم وهو غائب عنهم لعدة أشهر ، أملنا في قادتنا و ولاة الأمر في ايجاد حل سريع يضمن عودة الحركة بين البلدين ،أستميحكم عذرا على التقصير بسبب عدم تمكني من سرد الواقع كما يجب بل هي لمحة بسيطة عن الآثار المترتبة بسبب غلق المنافذ البرية وانقطاع الحركة ، آملينا عودتها من جديد ، شاكرا لصحيفة النبأ على إتاحة المساحة الحرة للتعبير، وسرد الواقع على لسان المجتمع لتبقى الصحافة الوسيلة الأبرز لإيصال أصواتهم .