المطالبات عبر منصات التواصل قد تخدم صاحبها ، لكنها تسيء للوطن
خليفة بن سليمان المياحي
تكاثرت هذه الأيام النداءات الموجهة لمولاي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه-، عبر منصات التواصل الاجتماعي من قبل بعض المواطنين، وربما لهم العذر باستخدامهم هذه الطريقة، فلعلهم طرقوا أبواب الجهات المعنية أكثر من مرة ولم يُستجب لمطلبهم ولم يرد عليهم بالموافقة من عدمها ومن هنا أطالب العمل، إيجاد السبل الكفيلة للرد على مقدمي الطلبات على الأقل إشعارهم بالإجراءات التي ستتبع حتى يعلموا بأن الموضوع سيأخذ وقتا لاتخاذ القرار ولا يضطروا لنشر مطالبهم في مقاطع مصورة وفي نفس الوقت لا ألوم الجهات المسؤولة؛ ربما بعض الطلبات تحتاج أن تدعم بالمستندات وأن تعتمد من جهات أخرى لها صلة بالموضوع، وبالتالي ربما يكون هذا أحد أسباب التأخير، وفي هذه السطور لست بصدد لوم المواطن الذي اضطر لرفع مطالبه عبر منصات التواصل، ولا بصدد لوم الجهات الحكومية التي هي الأخرى لها العذر في تأخر الرد عليه، وإنما ما يهمني طرحه أنّ نشر وتداول تلك المقاطع لها سلبيات كثيرة، فهي تنسف جهود الحكومة الرشيدة التي سعت جاهدة لتحقيق الحياة الكريمة لأبناء الوطن أينما وجدوا ومن أجل تحقيق ذلك، فقد أنشأت المديريات العامة في المحافظات وأنشأت الدوائر الإقليمية في عدد من الولايات وكلها تمثل وزارات الدولة الخدمية بغرض تقديم الخدمات للمواطن
كما أن من سلبيات وخطورة تناقل المقاطع أنه للأسف الشديد سيتم تداولها ونشرها في دول أخرى، فتوحي للمشاهد في أي مكان بالعالم بالضبابية، والتساؤلات وتعكس صورة سلبية عن وطننا الغالي عمان، وهذا أمر بالغ الخطورة ولا يمكن تجاهله؛ فكرامة الوطن وعزته هي من عزة وكرامة أبنائها،
وأجزم قطعا أنه لا أحد منا يرغب الإساءة إلى وطنه الذي يتنفس هواءه ويشرب من مياهه، ومع كل الأحوال ربما الذين يقومون بتسجيل المقاطع الصوتية لا يتوقعون حجم الضرر، والأذى النفسي الذي يلحقونه بالعاملين في الجهات الحكومية، ولا يدركون مدى الضرر الذي يسببه لوطنه، فهو يقوم بالتسجيل بحسن نية، وهدفه إيصال الموضوع بشكل سريع إلى صاحب الأمر ولا يعلم أن ذلك المقطع يمكن أن يكون سببا مباشرا في تشويه صورة بلده، أو أنه سيتيح الفرصة للمغرضين الذين يسعون لتوسيع دائرة الضوء وإحداث التساؤلات فيقومون بنشرها على أوسع نطاق لغرض في نفوسهم والحقيقة، فإن الإساءة للوطن هي إساءة لرمز القيادة وللحكومة ولأبناء الشعب فلا نكن سببا في الترويج لما يُسيء لبلدنا، ولا نكون معولا هداما للجهود المبذولة، بل يجب أن نكون سواعد بناء وتطوير وإصلاح؛ فإن الجهات الحكومية تقوم بعملها وفق قوانين وأنظمة رُسِمَت وحُدِدَت ووفق الصلاحيات المناطة بها، ولا يمكن تجاوزها ولابد لأي طلب يُقدم لجهة حكومية ما أن يكون له من التمحيص والدراسة لمعرفة وضع الحالة، ولهذا فإن الإبطاء في بعض المعاملات ليس دائما سببه الموظف أو الجهة التابعة لها وإنما الإجراءات المتسلسلة للطلب كما ذكرت آنفا، قد تؤدي للتأخير ولا يمكن اتخاذ أي قرار ارتجالي دون معرفة الخلفيات، حسب نوعية الطلب، ولو فرضا تقدم مواطن بطلبه لأحد أصحاب المعالي الوزراء، فإنّ معاليه لا يمنح الموافقة في نفس الرسالة، وإنما سيطلب دراسة الحالة من المختصين، ثم يمر الموضوع على الموظفين الذين لهم علاقة في تلك الوزارة، حتى تجمع كل الخلفيات ثم يُعاد مجددا لمعالي الوزير، ليوجه بما يراه مناسبا،
وقد لوحظ أن المطالبات بهذه الطريقة أصبحت الآن كثيرة، فبين فترة وأخرى نطالع مقطعا صوتيا أو فيديو موجه مباشرة لمولاي حضرة صاحب الجلالة السلطان -حفظه الله-،
ولا شك أنه مولاي، هو الأب الحاني، والقلب الذي يسع أبناء الوطن، ولكن جلالته وضع مسؤولين مختصين لكل مجالات الحياة، أما في حالة عدم استجابة الجهة المعنية لطلبه، فبإمكانه رفع الشكوى لصاحب الأمر.
أتمنى أن لا نكون سببا في الإساءة لهذا الوطن الذي هو بيتنا جميعا، وأن نحرص جميعا في أن نبني ونطور، وأن نقدم مطالبنا عبر القنوات المختصة وفق التسلسل، ولو فرضا تقدم مواطنا بطلب لإحدى الدوائر، ولم يتحقق طلبه، وهو في نظره مستحق لتلك الخدمة فلا يُمنع أن يُرفع موضوعه للمدير العام، ثم لسعادة الوكيل، فمعالي الوزير .
وفي النهاية -بإذن الله- سيجد لطلبه القبول والإنصاف،
ثم إن صلاحية هذه الوظائف متفاوتة؛ فصلاحية المدير ليست كصلاحية المدير العام.
أما التشهير وتهميش الجهود، ونسف عمل الموظفين، فهذا يعقبه جوانب نفسية محبطة ولا تشجع.
وعلى الجهات المعنية التي يصلها مقطعا من المقاطع أن لا تعوز اللوم على موظفيها، بل الواجب استطلاع الأمر ومعرفة موقع الخلل، ومراجعته، وتصحيحه، ومحاسبة المتسبب دون الإساءة لأحد، أو التقليل من جهود المخلصين.