2024
Adsense
أخبار محليةمقالات صحفية

تاريخ عمان البحري

فتحية الفجري

الفاضل زاهر بن سيف المسكري كاتب وباحث في التاريخ العماني متخصص في التاريخ البحري، في ضيافة لجنة كُتّاب وأدباء شمال الباطنة. يحاوره الدكتور حميد الشبلي وحلقة بعنوان (الأسطول والسفن العمانية تاريخ مشرق وحاضر مشرف).
بدأ الحديث بنبذة بسيطة عن التاريخ العماني، أوضح فيها الباحث أن عمان دولة ذات حضارة منذ الأزل، شهدت بدايات الخليقة نظرا لأن بداية البشرية بدأت من الجزيرة العربية، وتحديدا (مكة المكرمة)، ولأن أهل عمان أهل هداية وخلق سمح؛ مكّنهم ذلك ليكونوا بناة حضارات. تعد عمان من أقدم دول العالم فموقعها الجغرافي في أقصى الشمال الشرقي للجزيرة العربية، وهي واجهة الوطن العربي نحو المشرق الآسيوي، تطل على المحيط الهندي، وهي أول نقطة تشرق عليها الشمس في الوطن العربي، ما جعلها تتوسط جغرافيا مجموعة من الحضارات وإن كانوا هم بناة حضارات، رفدت العالم بعلوم شتى، علوم البناء وعلوم البحار واهتمام أهلها بالفلك البري والبحري والطب والزراعة، وما عرف عن عمان باتباع رسل الله عليهم السلام، فهم بايعوا سيدنا سليمان بن داؤود عليه السلام بعد وصول أخبار مبايعة الملكة بلقيس من تلك الناحية من الجزيرة العربية، فانطلق وفد من عمان إلى الشام (فلسطين) بالتحديد، مبايعة لسيدنا سليمان بن داؤود، وما أشكل عليهم من بعد الطريق بين عمان والشام، فأهداهم سيدنا سليمان الخيل ولذلك قال لهم هذا لكم (زاد للراكب)؛ لذلك أهل عمان يسمون الخيل بزاد الراكب منذ عهد نبي الله سليمان، وهم أول من روض الخيل وعرف عنهم أنهم أهل (خف وحافر)، كما جاء بعد ذلك في الرسالة المحمدية الشهيرة، وتتويج النبي الكريم لهم بالدعاء لهم فكانت سيرة أهل عمان يتداولها الناس.
وإسلام (مازن بن غضوبة السعدي)، ومسجده إلى الآن موجود في سمائل، وقيل أنه توفي في أواسط آسيا مجاهدا.
وأكمل الضيف حديثه بأن عُرف عن أهل عمان أنهم طلبة علم وحملة علم، انتقلوا بواسطة أساطيلهم البحرية إلى شتى بقاع الأرض، ففي الشمال في مكة رسخوا المعارف، ومن سواحل عمان إلى بلاد فارس، ثم شمالا إلى تخوم أفغانستان، وهناك دولة تخضع إلى عمان في زمن الإمام (الوارث بن كعب) في بداية القرن الثالث الهجري كانت تساند من قبل عمان، ومن هناك انطلقوا إلى (سيبيريا)، وسيبيريا سماها العرب والعمانيين (ببلاد الصابرين)، وكلمة الصابرين في اللغة الروسية تحولت إلى (سيبيريا)، وانطلقوا من تخوم أفغانستان في (ممر خيبر) إلى بلاد (تركمنستان) حاليا (الآيبور)، وهم حملة حديث وأهل علم فشاركوهم وأوغلوا إلى الصين عن طريق الحرير البري.
ومن الروايات أن هناك في (التبت) قبيلتين من أصول عمانية، وجذر وسلالات عمانية فيما بين (الصين، أوروبا، روسيا، وأفريقيا، وجزيرة العرب).
ووضّح أيضًا في الحديث عن التاريخ البحري؛ فالبحر هو صلة عمان بالعالم الخارجي، فهم أول من ركب البحر نظرًا لاعتقاد أن سفينة سيدنا نوح خرجت من (حضرموت) من (شبوه) بالتحديد، ومنها أي (اليمن) عرفت الإنسانية أهل عمان وقلدت هذه السفينة من هذا المكان الجغرافي، كما أكد في حديثه بأقوال الباحثين والكتاب، ومنهم العالم الروسي (آندريه شاغاكوف) بقوله: ” أن العمانيون أول أمة عبرت مياه المحيط الهندي”، وقد فعلوا ذلك قبل الفينيقين والمصريين والفرس والهنود والصينيين واليونانيين والرومانيين في زمن بعيد.
والدليل على ذلك ما أكده عدد من الباحثين والرحالة الروس؛ أن من إحدى أقدم الحضارات التي ظهرت على وجه الأرض حضارة (مجان) المعروفة حاليًا باسم (عمان)، كما أكدوا على أن العمانيين كان لهم الأولوية في اكتشاف الكثير من دول وجزر المحيط الهندي حيث يقول (آلس دوستروج)، وكانت السفن العمانية تبحر َمن (أندونيسيا) و(جنوب الصين)، و(سرنديب) المعروفة حاليًا (سيرلانكا) و(مدغشقر)، وظلت التجارة والنقليات في البحار الجنوبية مركزها في أيدي التجار والبحار العمانيين طيلة مئات السنين، وفي القرن الخامس عشر الميلادي بسط الأسطول العماني سيطرته على المحيط الهندي؛ مما ساعدهم على اكتشاف المجهول من محيطات أخرى، فقد أشار الباحث (ألكس)، أن العمانيون استطاعوا الدوران حول (رأس الرجاء الصالح)، وأبحروا لمدة شهر كامل في وسط المحيط الأطلسي المعروف (ببحر الظلام)، ثم عادوا في نفس مسارهم.
تواصلوا أيضًا مع جميع الحضارات وأنشأوا (مدينة صور البحرية)، ثم أوغلوا في التجارة مع البحر المتوسط، ثم أنشئت مدينة صور في (لبنان).

-المخطوطات:
أقدم المخطوطات موجودة في الصين لأن الصين في القرن الثامن الميلادي كانت تأتي إلى سواحل عمان، وتحديدا إلى صحار لأخذ النحاس العماني نظرًا لوفرته وجودته. كما ذكر وجود الكثير من المخطوطات والمنحوتات والآثار ولغات قوم عاد التي تم اكتشافها من قبل الباحث (أ. علي بن أحمد الشحري) في جبال ظفار.
وإذا أتينا للمخطوطات البحرية في عام ١٨٦٠م، أقدم مخطوطة للملاح العماني الصوري (أحمد بن سعيد بن ماطر التمامي)، وقد استولى عليها (الإنجليز في عام ١٨٦٠)، وأودعوها في المتحف البريطاني، أيضًا أسد البحار (أحمد بن ماجد)، وكتاب (الفوائد في أصول علم البحر والقواعد)، وكتاب (حاوية الاختبار في أصول علم البحار)، ومن آثار العلم هي (البوصلة) التي أُخذت وطُبقت في سفن العالم و(القياس بالأصابع) والكثير.
-المساهمات العمانية البحرية على المستويين العربي والإسلامي:
العمانيون هم أول من اهتم بعلم (الإنزال البحري)، وهذه علوم تدرس في أعرق وأكبر الجامعات العسكرية، وهم أول من قام (بالإنزال البرمائي) في زمن عمر بن الخطاب للذهاب إلى ( بلاد فارس) و(بلوشستان) .
و في زمن (الصلت بن مالك)، وفي(جزيرة سقطرى)، وجوا والهند، وتم الاستعانة بهم في زمن (معاوية بن أبي سفيان) في فتح قبرص، وفي البصرة عام ١٧٧٥م.
إنجازات علوم البحار أخذها الأوروبيين عن العمانيين نظرًا لأن العمانيين تمرسوا العلوم البحرية والفلكية وحركة الرياح.

-اهتمام السيد سعيد بن سلطان بالأسطول البحري:

السيد سعيد بن سلطان بن أحمد البوسعيدي هو ربان وقبطان سفينة نظرا لتلك الفترة، ورث أسطول ضخم وبنى أساطيل ضخمة، التي هي السفن العمانية وبنى السفن الأوروبية حيث قال أحد المؤرخين الإنجليز (كوبلاند) عن العمانيين بعد هزيمة البرتغاليين في الهند في عام ١٦٦١م “أصبحت البحرية العمانية في بداية القرن الثامن عشر تفوق قوتها أي قوة بحرية أخرى لدرجة أن الأساطير الإنجليزية مع الهولندية كانت تخشى كثيرا مواجهة العمانيين، وقال (مايلز) أحد المؤرخين أن اليعاربة صارت لهم السيادة الفعلية على المحيط الهندي ما مساحته ٧١ مليون كيلومتر، وأصبحت سفنهم تنشر الرعب في قلوب الأوروبيين لمدة قرن ونص.
كان السيد سعيد بن سلطان قد ورث أسطولا وبنى ٣٠٦ أسطولا، كانت تبحر بمجاميع تثير الهيبة، هذه الأساطيل كان أسطول حربيا وأسطولا تجاريا، وكان مصدر رعب البريطانيين لأنه كان يفوق قوة البريطانيين كما قال البريطانيين أنفسهم. وصارت معركة فكرية في البرلمان البريطاني إزاء ذلك.

-ممالك السيد سعيد بن سلطان :
-عربستان (الأحواز) جنوب إيران.
-من جوادر إلى قشم إلى داخل الخليج العربي.
-من الدمام والأحساء إلى مدغشقر هذه ممالك السيد سعيد بن سلطان
-من زنجبار برا إلى الكونغو…

-علاقات السيد سعيد بن سلطان بالعالم الخارجي وسفراءه:
-جل أوروبا، البرتغال، فرنسا، ألمانيا، لندن، والولايات المتحدة ،والصين.
أما السفراء:(أحمد بن النعمان الكعبي) إلى الولايات المتحدة، وعمان ثاني دولة في العالم اعترفت باستقلال الولايات المتحدة، وسفيرا آخرا (الشيخ علي بن ناصر البرواني) إلى بريطانيا.

-رحلة السفينة سلطانة للولايات المتحدة:
السفينة سلطانة ذات طابع أوروبي عماني بنيت في (مازاغون) في الهند وفق الأطر الأوروبية بنيت عام ٣٣، وبنيت بذات ١٤ مدفعا و ٣١٤ طنا وطولها ٦٠ مترا. أتت إلى عمان في (مطرح) لإجراء التعديلات وتستوعب مخازن الماء لأن السيد سعيد بن سلطان يفكر أن يبحر إلى الولايات المتحدة، انطلقت السفينة من مسقط، وودّعها السيد سعيد في يوم ١٧ شوال ١٢٥٥هـ الموافق ٢٤ ديسمبر ١٨٣٩م. أخذت٢٤يوم إلى أن وصلت إلى زنجبار، ومن زنجبار حملت مؤونة بإذن (جناب السيد خالد بن سعيد بن سلطان). قادها ( أحمد بن النعمان الكعبي) كقبطان ووقفوا في (كيب تاون) بحثا عن قبطان وهو (وليام بن سليمان) تم استئجاره لكنه أتعب الطاقم ووصلوا إلى جزيرة (سانتيلانا) أو القديسة (لينا)، أخذت الرحلة ٨٧ يوم منذ انطلاقها، ورجعت بعد سنة إلى زنجبار، حملت أول سفيرا عمانيا، وكانت أول سفينة عمانية تصل إلى الولايات المتحدة حملت الكثير من الهدايا منها (مصحف) مكتوب بخط عماني مودّع في الكونغرس، وسبيكة ذهب ولؤلؤا نفيسا. لؤلؤتين كبيرتين على شكل كمثرى وعقدين من اللؤلؤ، ومال تم به إنشاء مكتبة في (نيويورك)، وسجاد إيراني أول مرة يصل إلى الولايات المتحدة وتفرش السجادة في يوم (العلاقات العمانية)، ونتائج الرحلة كانت ناجحة، وغادرت بالهدايا وكانت الرحلة أحد رموز عمان.
وفي نهاية الحديث شدد المسكري على الاهتمام والتخطيط وتعليم الأجيال القادمة حضارتهم، والاعتزاز بإرثهم، وجعل المدن الساحلية العمانية موانىء تخدم الاقتصاد إقليميا ودوليا. ويتمنى الباحث من الحكومة الرشيدة بأن يجسدوا بصمات التاريخ العماني بصروح تبرز وصول السفن لتلك الدول، ويطالب بإعادة رحلة السفينة سلطانة إلى نيويورك بأقرب وقت ممكن بواسطة (بغلة السلطانية) في اليخوت السلطانية (زينة البحار) مع (شباب عمان) لإحياء وتذكير الشعوب الأمريكية والعالم بالتاريخ البحري العماني.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights