طيوي في سطور “الجزء الثاني”
إعداد: سعيد بن أحمد القلهاتي
عزيزي القارئ، لقد تناولت في الجزء الأول من “طيوي في سطور” مجموعة من المعلومات والمفردات عن طيوي تمثلت في موقع النيابة وقراها وأشهر الأفلاج والعيون والمزروعات التي تتوفر بها، وها أنا اليوم كما وعدتكم أسرد لكم عدد من المحتويات والمعلومات التعريفية عن طيوي من خلال الجزء الثاني ، والتي تتمثل في: –
1) العادات والتقاليد: –
العادات والتقاليد التي يزاولها الأهالي في طيوي نستطيع القول عنها: أنَّ ولايات ونيابات ومدن السلطنة تحوي عادات وتقاليد يزاولها الأهالي في مختلف المناسبات والفعاليات .. ونيابة طيوي كمثيلاتها من البلدان تشتهر بعادات وتقاليد، ونسردها في الآتي: –
▪︎ عادات القيظ: كانت هناك عادة تسمى “القيظ” أو “الحضور” وهو موسم صيفي في حقيقة الأمر، حيث كان يرتحل المقيمون في القرى السكنية من مساكنهم إلى مزارعهم أو أموالهم حسب ما يحلو تسميته لدى البعض ويسمى هذا الترحال “بالحضور” وتبقى حارات النيابة خالية من السكان تماماً إذ يصل الأمر ببعض السكان المرتحلين أن يغطوا أبواب بيوتهم بالطين وهذا يعود لخلو القرية من السكان وحرص الأهالي على سلامة ما بداخل منازلهم من العبث، ويمكثون في النخيل فترة ثلاثة أشهر، يبدأ أول عمل لهم في هذه المرحلة هو: طني النخيل حيث يجتمع الطاني والمستطني بموقع معيَّن في يوم يتم الاتفاق عليه من قبل الجميع ويسمى يوم “الوجبان” فيتم في هذا اليوم إرساء المزايدات على المستطنيين، كما يتم أيضاً خلال فترة القيظ جني ثمار النخيل وأشجار المانجو والليمون ومزاولة عادة التبسيل وبعد انتهاء فترة القيظ يعود السكان إلى مساكنهم في الحارات ويطلق على هذه الحالة مسمى “الرِّبْع”.
▪︎ عادات دخول وخروج شهر رمضان المبارك: تحت هذا المسمى تندرج عادات دخول وخروج الشهر الفضيل فهناك يحدث أن يتجند عدد من الأشخاص الذين منَّ الله عليهم بحدة البصر فيذهبون -منهم إلى موقع بإحدى الجبال يسمى “المهل” ومنهم من يركب سفينة البدن أو الهوري ويذهب إلى قدر من أعماق البحار-، ومن هذين الموقعين يتم مراقبة الهلال وعندما يشاهدون الهلال يقوموا بإطلاق الأعيرة النارية ليُعلم أنه ثبتت رؤية الهلال فيقوم الشيخ المسؤول بإرسال أشخاص لإبلاغ أهالي بقية القرى التي لم يتسنى لها العلم بذلك.
▪︎ عادات الأعياد الدينية: العيدين عيد الفطر وعيد الأضحى المباركين، يمارس الأهالي فيهما عادات حميدة في الحقيقة فعند الخامس والعشرين من شهر رمضان المبارك وفي الفترة الليلية يتم قرع الطبول بما يسمى فن “الشحد” وفي صبيحة يوم عيد الفطر المبارك يتوجه الأهالي إلى مصليات العيد وبعد أداء الصلاة والاستماع للخطبة يعودوا إلى ساحات الفنون التقليلدية ويؤدى فن العازي وفن (الهايوس أو الهايهوس) ويتم ممارسة فن الرزحة لبرهة من الوقت ثم يتوجهوا إلى مجلس القرية وهناك يتناولوا القهوة مصحوبة بشتى الأصناف من الفواكه والحلوى العمانية والتي يحضرها الأهالي بعضهم البعض، ثم يعود كل واحد لبيته ويستمروا في التوافد إلى مجلس القرية بعد صلاة ظهر الثلاثة الأيام المتتالية وذلك لتناول وجبات الغداء التي تُقدم من قبل الأهالي لبعضهم البعض أيضاً، وفي وقت المساء يؤدى فن الرزحة خلال أيام العيد الثلاثة المتتالية.
أما عيد الأضحى المبارك فتختلف فيه العادات نوعاً ما، فعند بداية دخول شهر ذو الحجة يتم قرع الطبول في أيام العشر الأوائل لشهر ذي الحجة لثلاث فترات يومياً وهذا ما يسمى بفن “الشحد” وهناك من الرجال من يقوم بصناعة البارود “الباروت” .. وكذلك نصب المراجحين “الأرجوحات” خلال هذه الأيام وهذا يتفرد به العنصر النسائي عن غيرهن حيث يمارسنه في الوقت الأول من الليل، وفي ليلة اليوم العاشر يؤدى فن الرزحة لوقت متأخر من الليل وفي صبيحة اليوم العاشر يتوجه الأهالي إلى المصليات لأداء الصلاة والاستماع للخطبة وبعدها يقوم البعض برمي الأهداف التي توضع وهذا يسمى “ضرب الشبح”، ثم يعودوا إلى ساحة الفنون في القرية وتمارس بعض الفنون كالعازي والهايوس والرزحة لبعض من الوقت ثم يعودوا لمنازلهم لذبح الأضاحي ويقضوا يوم العاشر في أعمال الذبح ودفن الشوى وفي صبيحة الحادي عشر يقوم بعمل المضبي وفي ظهر هذا اليوم يتم فتح الشوى وتناوله في وجبة الغداء ثم يتم تبادل الزيارات لأجل تقديم التهاني، حيث يستمر هذا ليومين يتم خلال هذه الزيارات أداء الفنون التقليدية كفن اللقية والرزحة والعازي والهايوس، وتقديم الضيافة اللازمة للفئة الزائرة في يومي الحادي عشر والثاني عشر من شهر ذي الحجة وهذا يسمى في طيوي عادة “الجفان”.
وهناك أيضاً عادة المناداة على الأسماك في فترتين خلال اليوم.
2 ) المعالم في نيابة طيوي: ــ
مما هو معروف أنَّ كل ولاية وقرية في بلادنا الحبيبة تزخر بالعديد من المعالم الأثرية .. الدينية منها والتاريخية والتي تتعدد في أنواعها ــ وبما أنَّ نيابة طيوي وبحكم موقعها الجغرافي ولاحتوائها على الساحل والسهل والجبل والوادي فقد اشتملت على الكثير من المعالم التاريخية والدينية والسياحية والتي يمكن أن يتم تناولها على النحو الآتي: ــ
أولا: المعالم التاريخية (الآثار)
يوجد في نيابة طيوي عدد كبير من القلاع والحصون والأبراج وشتى أنواع الآثار القديمة التي توحي بوجود ماضٍ عريق لهذه النيابة؛ ومنها: ــ
أ ) مدافن الجيلة أو بما تسمى (بمقابر كبيكب): هذه المدافن توجد في (قرية الجميلة) إحدى القرى الجبلية التابعة لنيابة طيوي وهذه المدافن على شكل أبراج، ووفقاً لما تم إيضاحه عن هذه المدافن بالنصب التذكاري الذي نُصب بمحاذاتها حيث يستخلص من ذلك أنَّ هذه الأبراج هي مدافن ويرجع تاريخها لحضارة أم النار للفترة ما بين (5200-2000 ق.م) ويصل عددها إلى 90 برجاً منتشرة على مساحة عدة كيلومترات، ونظراً لأهميتها فقد اعتنت بها وزارة التراث والثقافة الموقرة وذلك بحمايتها من الانهيار من حيث القيام بترميم بعضها حيث أصبح أغلبها قائماً على أصوله وكأنها وليدة اليوم.
ب ) بيوت القرى الجبلية التراثية: تنتشر في جبال نيابة طيوي قرى تراثية جميلة كقرية الجيلة والجحل والغمب إذ توجد بها بيوت أثرية حيث تحتفظ هذه البيوت بجمالية العمارة الأثرية القديمة كونها بُنيت على الطراز المعماري القديم ، فضلا عن فلج الجيلة الذي تم إدراجه ضمن قائمة التراث العالمي.
ج ) الأبراج والقلاع الأخرى: هناك الكثير من الأبراج والقلاع التي تنتشر في عدد من قرى النيابة والتي شُيِّدت بمجهودات أهلية في تلك العصور ولعل من أهمها ( برج الشاب ــ برج الحصن ــ برج سيما ــ قلعة ميبام ــ قلعتي طيوي القديمتين اللتان تقعان على مدخل النيابة من الجهة الشرقية) .. ونظراً لعدم الاعتناء ببعض هذه القلاع والأبراج فقد اندثرت وتساوت بالأرض ولم يعد لها كيان متأثرةً بعوامل الأنواء المناخية التي تتعرض لها النيابة على ممر الفترات المنصرمة، وبعضها لا يزال قائماً.
ثانياً: المعالم الدينية: –
نيابة طيوي يوجد بها الكثير من الجوامع والمساجد حيث يبلغ عددها ما يزيد على (47) مسجداً أشهرها (جامع طيوي – جامع الفاروق ــ مسجد الرفعة ــ مسجد الحصن ــ مسجد الشاب – مسجد فيحاء – مسجد فرحات)، كما يوجد مسجداً قديماً في قرية فرحات أيضاً إذ يعتبر من أقدم المعالم الدينية في هذه النيابة.
ثالثاً: المعالم السياحية : –
موقع طيوي المتميز وأوديتها الخصبة وشواطئها الجميلة وحصونها التاريخية كل ذلك جعل منها أن تكون منطقةٍ ذات جذب سياحي، حيث يرتادها الكثير من السياح في عطل نهاية الأسبوع والعطل الرسمية من كل مكان سواءً كان من عمان أو خارج عمان وذلك بكثرة فائقة والمواقع السياحية التي تمتاز بها نيابة طيوي نذكر منها : ــ
أ ) وادي الشاب: هذا الوادي يقع على مدخل النيابة من الجهة الغربية ويشهد حركة سياحية نشطة نظراً للمقومات السياحية التي يمتاز بها الوادي ولعل من أبرزها منظره الجميل الخلاب ووفرة مياهه واحتواءه على الأشجار الجميلة المنتشرة على ضفافه، فضلاً عن اللمسات التي أضيفت إلى بعض المواقع به من قبل الجهات المعنية في الولاية والتي أضافت عليه أهم مقومات الجذب السياحي.
ب ) وادي طيوي: هذا الوادي لا يقل أهمية هو الآخر عن وادي الشاب ذلك نظراً لاتساع رقعته وطول مسافته فضلاً عن سهولة التنقل بداخله بواسطة (السيارة) حيث يتخلله طريق ممهد بالإسمنت يمتد لمسافة تصل إلى ما يزيد على عشرة كيلو مترات باتجاه القرى الجميلة القابعة على ضفافه ــ يقضيها المتجوِّل بسيارته وسط الأشجار الكثيفة المنتشرة على جنباته وبمحاذات مياهه المتدفقة من خلاله، كل هذه وغيرها من المقومات السياحية أعطت هذا الوادي طابعاً جمالياً يضفي على نفس السائح البهجة والسرور والارتياح النفسي.
ج ) شاطئ جريف: هذا الشاطئ يعتبر بمثابة الاستراحة للسواح القادمين إلى النيابة ريثما يتجهوا للأماكن السياحية الأخرى في المنطقة، إذ تزينه رماله الفضية ومساحته الكبيرة وهواءه العليل حيث يجد السائح فيه الراحة والمتعة نظرا لقربه من آثار قديمة في قرية جريف كحصن بن مقرب وآثار أخرى ــ وأيضاً لمحاذاته للمياه العذبة المنسابة من وادي طيوي والأشجار الخضراء الجميلة، فضلاً عن كونه جامع بين موج البحر وخرير مياه الوادي.
3 ) المهن والحرف التقليدية: –
يمتهن أهالي طيوي العديد من المهن كالتجارة والزراعة وتربية المواشي وصيد الأسماك والتي يعتمد عليها الأهالي كمصدر رزق لهم، كما أنّ البعض منهم يزاول حرفاً تقليدية كالمشغولات الفضية والسعفيات وصناعة الحصر، إذ أنَّ بعض هذه المهن قد اندثرت ولم تزاول حالياً.
“مجموعة صور أرشيفية عن طيوي”
☆ عزيزي القارئ الكريم: لا تزال هناك معلومات عن طيوي، سيتم تناولها في الجزء الثالث القادم من “طيوي في سطور” – بإذن الله تعالى – فترقبوا صدور هذا الجزء قريباً بإذن الله والذي سيتحدث عن طيوي والعصر الحديث فإلى ذلك الوقت أترككم في حفظ الله ورعايته.