ازدهار زراعة نخيل النارجيل بمحافظة ظفار
المناطق الساحلية لمحافظة ظفار نظرًا لتوفر الظروف المناخية الملائمة.
ويطلق البعض على نخلة النارجيل /شجرة الحياة/ لتعدد فوائدها الاقتصادية والغذائية والعلاجية والتجميلية، وهي تعتبر أحد المصادر الأساسية للزيوت النباتية ويستفاد منها في استخلاص الزيت والزبدة وصناعة أنواع مختلفة من الحلويات ومستحضرات التجميل، إضافة إلى صناعة الحبال والخيوط و(الحصر) والأسرّة
وأدوات التنظيف وإنتاج الأخشاب والأثاث، إضافة إلى الاستفادة من مخلفات الثمار والأوراق في إنتاج منتجات حرفية أو علائق علفية للحيوانات.
ولأهميتها الاقتصادية تبذل الجهات الحكومية المعنية في محافظة ظفار كافة الجهود للحفاظ على أشجار النارجيل من خلال زيادة المساحة المزروعة أو إكثار أعدادها وإنتاج شتلات محسنة عالية الجودة لزراعتها بالإضافة إلى مكافحة الآفات الزراعية التي تصيبها.
وتزدان شوارع مدينة صلالة ومواقعها السياحية كالحدائق والشواطئ والفنادق والمنتجعات والمراكز الترفيهية وبعض ولايات المحافظة الساحلية بأشجار نخيل النارجيل، وتحرص وزارة الزراعة والثروة السمكية وبلدية ظفار على الإكثار من زراعتها لفوائدها الاقتصادية وأهميتها التاريخية واستخداماتها في الحياة اليومية.
وتواصل وزارة الزراعة والثروة السمكية تنفيذ مشروع توزيع 50 ألف شتلة على مدى 5 سنوات والذي بدأ منذ أكتوبر من العام 2017م، وقد وزعت الوزارة أكثر من /12/ ألفًا و/522/ شتلة نارجيل على المزارعين والمواطنين والمؤسسات الحكومية، ويستمر المشروع حتى استكمال العدد المستهدف.
من جانبها تحرص بلدية ظفار على الاهتمام بزراعة أشجار النارجيل والإكثار منها في عدد من المواقع بمدينة صلالة وبعض الولايات الساحلية حيث قامت البلدية خلال الفترة من 2018م إلى منتصف هذا العام بزراعة /3109/ أشجار لنخيل النارجيل
على طول الطرق الرئيسية والأماكن العامة بصلالة.
وتشرف بلدية ظفار على حديقة لأشجار جوز الهند /النارجيل/ التي يوجد بها قرابة /5/ آلاف و /200/ شجرة بينما يبلغ إجمالي عدد الأشجار لدى البلدية /11/ ألفا و/740/ في مختلف المواقع والأماكن العامة بولايات المحافظة.
وتعتبر شجرة النارجيل أو جوز الهند من فصيلة النخيل التي تحتوي على 200 جنس وقرابة 1500 نوع، ويصل ارتفاعها ما بين 25 و60 قدمًا أو أكثر حسب الصنف، وتتوزع جذور النخلة وفقًا لنوع التربة وتعمل على توفير الغذاء والرطوبة وتنتج في المتوسط 12 عذقًا سنويًا، كما يمكن للنخلة التزهير وحمل المحصول طوال العام.
وتُعد نخيل النارجيل من الأشجار الاستوائية دائمة الخضرة، وهي تحتاج للشمس الساطعة مع وجود نسبة عالية من الرطوبة الجوية وكمية مناسبة من الأمطار ما بين 1300 و2300 مليميتر، بالإضافة إلى الجو الدافئ مع عدم الاختلاف الكبير في درجات الحرارة، كما تحتاج الشجرة للري المستمر خصوصًا في المواسم الجافة.
وتنمو نخيل النارجيل في أنواع مختلفة من الأراضي مع توفر الظروف المناسبة التي تسمح بنمو الجذور وتهويتها كالأراضي والسواحل الرملية، ولا تفضل زراعة الثمار مباشرة في المكان المراد الزراعة فيه بل تزرع أولاً في المشتل مع أهمية اختيار الثمار من نخيل ذات صفات ثمرية معروفة.
وتثمر الأصناف الطويلة من النارجيل بعد 6 إلى 7 سنوات بينما تبدأ الأصناف القصيرة بالإثمار بعد 3 إلى 5 سنوات، وتصل الثمار إلى حجمها الكامل خلال 6 إلى 7 أشهر، وتكون خلال هذه المرحلة صالحة للشرب، بينما تصل الثمار إلى مرحلة النضج الكامل بعد ذلك بمدة 6 أشهر أخرى، أي أن مرحلة النضج الكامل تستغرق عامًا تقريبًا.
ويمر حصاد ثمار النارجيل بـ 3 مراحل أساسية تبدأ بجمع الثمار خلال الفترة من 6 إلى 7 أشهر بهدف الشرب وهو ما يطلق عليه محليًا /المشلي/ ويستهلك معظم المحصول محليًا في هذه المرحلة، فيما تجمع الثمار في مرحلة النضج الكامل أي بعد حوالي 11 شهرًا لتجفيفها واستخدامها في صناعة الحلويات والأكلات الغذائية المختلفة، بينما تجمع الثمار لاستخراج زيت النارجيل بعد 12 شهرًا حيث تسقط تلقائيًا من الشجرة.
ويستفاد من ثمار النارجيل في مرحلة الحجم الكامل في شرب مائها الذي يعتبر من المشروبات المحببة في السلطنة وغيرها من البلدان الأخرى، وهو من السوائل المفيدة فعلاوة على حلاوة طعمه يمكن استخدامه في عملية تنشيط الكلى والمساعدة على التخلص من آلام المعدة، كما أن دهن الجسم بماء النارجيل يساعد على التخلص من الحبوب التي تظهر عليه في أوقات الحر.
أما الجزء الجيلاتيني المتبقي بعد الشرب فيضغط ويُحول إلى ما يسمى بـ (لبن النارجيل) الذي يستعمل في الشرب أو يجفف ويستعمل في صناعة البسكويت والآيس كريم والصناعات الغذائية الأخرى، إلى جانب الطهي وهو يستخدم بكثرة في الأكلات
التقليدية في محافظة ظفار.
وتوجد أصناف عديدة للنارجيل تزيد على 80 صنفًا ومعظم الاختلافات بين الأصناف عبارة عن اختلافات بيئية حدثت بسبب زراعة هذه الأصناف في بيئات مختلفة في العالم.
كما أن الكثير من الأصناف توجد في أماكن معينة تحت أسماء مختلفة غير أنها تتشابه في صفاتها، وتنقسم أصناف النارجيل في محافظة ظفار إلى ثلاثة أصناف بصفة عامة، وهي الطويلة والقصيرة /القزمية/ والمهجنة.
وتتعرض أشجار نخيل النارجيل كغيرها من النباتات لمجموعة من الآفات الحشرية والأمراض الفطرية والفيروسية وأضرار الفئران التي تتسبب بتأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الثمار والأوراق والسيقان والجذور حيث يعتبر /حلم ثمار النارجيل/ من أبرز المشاكل العالمية التي تواجه مناطق زراعة النارجيل.
وفي هذا الصدد يقول الدكتور أحمد بن بخيت الشنفري مدير دائرة البحوث الزراعية والحيوانية بمحافظة ظفار في تصريح لوكالة الأنباء العمانية: إن وزارة الزراعة والثروة السمكية بذلت جهودًا حثيثة لتطوير هذا المحصول والمحافظة عليه من خلال تنفيذ بعض المشاريع كمشروع المكافحة الحيوية لحلم ثمار النارجيل والممول من صندوق التنمية الزراعية والسمكية خلال الفترة من 2006-2011م.
وأشار الشنفري إلى قيام الوزارة بإجراء العديد من الدراسات والبرامج المتعلقة بالمسوحات الحقلية لتقييم فاعلية الأعداء الحيوية والعمل على إنتاج وإكثار فسائل عالية الجودة إلى جانب إكثار ونشر أشجار النارجيل بمحافظة ظفار في الحقول وتقييم خاصية مقاومة وتحمل أصناف النارجيل للإصابة بالآفات الزراعية.
وأوضح أن وزارة الزراعة والثروة السمكية تعمل على إنتاج وتوزيع شتلات لمختلف أصناف جوز الهند /النارجيل/ من خلال مشتل الفاكهة بمحطة البحوث الزراعية إلى جانب إصدار النشرات والكتيبات الإرشادية حول الاهتمام بشجرة جوز الهند وتربيتها
ومكافحة أهم الآفات الزراعية والمرضية التي تؤثر على نموها وإنتاجيتها، موكدًا اهتمام وزارة الزراعة والثروة السمكية بتطوير محصول النارجيل «جوز الهند» عبر توسيع القاعدة الوراثية له من خلال إدخال أصناف جديدة حيث تم استجلاب خمسة من الأصناف السريلانكية التي تمتاز بجودة الإنتاج وسهولة عمليات الحصاد والخدمة كمكافحة الآفات.
وأكد مدير دائرة البحوث الزراعية والحيوانية بمحافظة ظفار أن نتائج البحوث الزراعية أظهرت تأقلم الأصناف المستوردة من سيرلانكا مع الظروف البيئية المحلية لمحافظة ظفار وأعطت نتائج جيدة شجعت على نشر زراعتها من خلال توزيع الشتلات الجاهزة ذات المواصفات القياسية المناسبة على المزارعين والمواطنين.
جدير بالذكر أن وزارة الزراعة والثروة السمكية جلبت في العام 2010م 11 صنفًا من نخيل النارجيل من ساحل العاج والتي تمتاز بسرعة وغزارة الإنتاج وقصر طولها وتم تقييمها في محطة البحوث الزراعية بصلالة، مبينًا أن النتائج أثبتت نجاحها وتأقلمها مع الظروف البيئية والمناخية في المحافظة، وتقوم الوزارة حاليًا بتنفيذ
مشروع تطوير وتحسين محصول جوز الهند (النارجيل) في محافظة ظفار الذي يهدف إلى نشر هذه الأصناف بالمحافظة.