صالون فاطمة العلياني يستعرض القراءة النقدية لرواية أصابع مريم للكاتبة الطائية
النبأ – سيف المعمري
استضاف صالون فاطمة العلياني الأدبي الدكتورة عزة القصابية في جلسة نقدية عبر الاتصال المرئي من خلال تطبيق ZOOM بعنوان: قراءة نقدية في رواية “أصابع مريم” للروائية الدكتورة عزيزة الطائية، وأدار الجلسة أحمد البحري، وبمشاركة واسعة من الأدباء والمثقفين من داخل السلطنة وخارجها.
وتضمنت القراءة النقدية التعريف بالشاعرة والروائية الدكتورة عزيزة الطائية ومسيرتها الإبداعية وسبر منجزها الأدبي والثقافي. كما تم التعريف بعدد من الإصدارات الروائية الطائية ومنها “شعر صقر بن سلطان القاسمي: دراسة نقدية” و”ثقافة الطفل بين الهوية والعولمة” ورواية “أرض الغياب” ورواية “أصابع مريم”، ومجموعتين قصصيتين: “ظلال العزلة” و”موج خارج البحر”. كما صدر للكاتبة ديوان شعر بعنوان “خذ بيدي فقد رحل الخريف” . والتي نالت مؤخرا جائزة الشارقة لإبداعات المرأة الخليجية في مجال الشعر.
ثم قدمت الدكتورة عزة القصابية قراءتها النقدية في رواية “أصابع مريم” التي تفصح عن بوح الأنثى العمانية، حيث ترى القصابية أن الطائية ومن خلال روايتها عرجت على مكامن الحرية التي فجرتها بنات مريم في رواية “أصابع مريم”، والتي اصطدمت بجدار الواقع الاجتماعي كما هو الحال في باقي المجتمعات الخليجية، التي لا تزال تعيش في نفس دائرة المسلمات المتوارثة .
وأوضحت القصابية إن عنوان رواية “أصابع مريم” ما تحتويه من دلالات دينية منبثقة من معاني مقترنة باسم /مريم/ حسب ما ورد في الديانتين الإسلامية والمسيحية. و السورة الوحيدة في القرآن الكريم الموجودة باسم امرأة هي سورة مريم والدة المسيح – عليه السلام -، وهي اسم أعجمي بمعنى: العابدة الخادمة للرب .
وتعد بطلة الرواية (مريم) أنموذجا للمرأة الشرقية المغلوبة على أمرها، وتبين ذلك من خلال سرد الكاتبة الطائية لحكاية مريم، وهي سيدة عمانية تزوجت في سبعينيات القرن الماضي، وأنجبت أربع بنات غرس والدهن فيهن أفكار الحرية، وهذا عكس توجه مريم المنغمسة في المنظومة الاجتماعية والثقافية، والتي شكلت تفاصيل حياتها.
ثم تستطرد الدكتورة عزة القصابية في قراءتها النقدية قائلة: حددت الكاتبة الدكتورة عزيزة الطائية أحداث روايتها خلال الفترة (1970- 2018) عندما تزوجت بطلة الرواية مريم من حمد وأنجبت بناتها الأربع، ثم وفاة زوجها حمد، وتكفلها برعاية بناتها.
ولقد وظفت الطائية السرد التناوبي لبناء نسيج الحدث، وذلك من خلال سرد قصة تتبعها بقصة أخرى، ثم تعود إلى القصة الأولى والثانية وهكذا دواليك. وتجمع بين الشخصيات والأحداث قواسم مشتركة.
ويتقرب السرد في هذه الرواية من القالب الدرامي لتعاقب الأحداث وتواليها من قصة إلى أخرى، مع توظيف لغة السرد المكثفة، والمعاني العميقة ، والجمل التفصيلية المرتبطة بواقع الشخصيات حيث الأم /مريم/ تسرد عن ذاتها بصحبة بناتها الأربع، وتتداخل معهن قصص نساء أخريات من نفس العائلة.
وينطلق الحدث من مريم، وسرعان ما يهرول سريعا إلى حياة بناتها، فقد تمكنت الكاتبة من سرد حكايات بنات مريم اللاتي أردن أن يتمردن على السائد والمألوف. وتتقارب نهايات القصص الأنثوية الواردة في ثنايا هذه الرواية ، إذ أن معظمها ينتهي بطريق مسدود. وفي الغالب لا ينصفهن الرجل / المجتمع الذي يحاصر المرأة بمجموعة من /التابوهات/ ويسعى إلى تحوليهن إلى قوالب نمطية .
هكذا بدت شخصية /مريم/ في مجتمعها ملتزمة بالقواعد الذكورية، في حين أن بناتها الأربع تمردن ليصبح لهن بصمات مختلفة في الحياة.
وعن حكاية مريم ترى القصابية أن الطائية تسرد قصة مريم عندما أنهت الثانوية في ولاية صور حيث الطبيعية البحرية الأخاذة، ثم تزوجت من حمد من ولاية نزوى ذات التاريخ العريق. ورغم انتماء حمد لبيئة محافظة، إلا أن سنوات دراسته في روسيا حولته إلى إنسان مختلف، فقد عاد محملا بالفكر التنويري، العلماني المتحرر. لذلك من الطبيعي أن يكون هناك تضاد واختلاف فكري وديني بين مريم المحافظة، وحمد المتحرر الذي يريد أن يعيش حياته بطريقته الخاصة التي تمنحه السعادة.
ثم تتعمق الدكتورة القصابية في الحديث عن شخصية مريم في رواية الكاتبة الدكتورة عزة الطائية كونها الشخصية المحورية التي يتشكل الحدث حولها. وقدمت الكاتبة هذه الشخصية بصورة المرأة العربية المظلومة اجتماعيا، وهي نموذج شائع، وخاصة في المجتمعات الخليجية التي تحاصر المرأة وتقدس الرجل، ثم الحديث عن شخصية حمد في الرواية و هو زوج مريم ووالد بناتها الأربع، ينتمي إلى ولاية نزوى التي تتميز بعراقة تاريخها وجمال طبيعتها. وسافر حمد إلى روسيا للدراسة وعاد وهو محملا بكم من الأفكار الاشتراكية العلمانية، وانعكس ذلك على مظهره الخارجي، عندما رفض ارتداء الزي العماني التقليدي، ثم الحديث عن أصابع مريم الأربع ، وهو عبارة عن سرد قصصي مكثف عن بنات مريم الأربع اللاتي ارتبطن برجال غرباء مختلفين في القبيلة والمذهب والجنسية. وكانت والدتهن مريم لهن بالرصاد وسعت إلى التخلص من هذه العلاقات كونها تتنافي مع ما تؤمن به.
ثم الحديث عن جدلية الصراع بين الذكر والأنثى ، وحرية المرأة وفكرة الاختلاف المذهبي بين أبناء المجتمع الواحد، وأزمنة الرواية بين الواقع والمتخيل، كما تمت التطرق لصلة الحدث الروائي بالواقع العماني الاجتماعي والدلالات الإنسانية والنفسية والتاريخية لمكان حدوث الرواية، وما ظهر في رواية “أصابع مريم” من ملامح التمرد على التقليدية في الكتابة، ومحاولة البحث عن شكل جديد برؤى عصرية تقع في مرحلة وسط بين التقليدية والحداثة. والتمست الكاتبة عزيزة الطائي في هذه الرواية مفرداتها من المراحل الزمنية التي عاشتها شخصياتها. وتمكنت من التوغل في نسيج المجتمع العماني، مع الحرص على إبراز الجدل بين المسلمات الاجتماعية المتوارثة ، بحكم التنوع القبلي والمذهبي للمجتمع العماني.
واختتمت الجلسة النقدية بفتح النقاش مع الدكتورة عزة القصابية حول رواية أصابع مريم للروائية الدكتورة عزة الطائية، وقد تداخل حول ما جاء في القراءة النقدية والرواية عدد من المثقفين من داخل السلطنة وخارجها.