ملح غاندي
سيف نبهان حمود العبري
حدثني أحد الأصدقاء أنه يتمنى أن يرى النور لجمعية تعاونية عُمانية بحتة منظمة ومرتبة أو مركز تجاري يملكه عُماني، وضرب مثلاً لمركز تجاري لأحد الوافدين وكيف كان صاحبه ثم ماذا صار عندما بدأ من الصفر.
الكلام ببدايته جميل ويبحر بنا الخيال معه أن نجد بكل ولاية من ولاياتنا نموذجًا لسلسلة من المراكز التسوقية الاستهلاكية والتموينية، نستغني عنها عن ملح غاندي. سألته لماذا لا يصنع العماني للعماني مركزًا تجاريًا دون أن يخسر شيئا من جيبه، ربما نجد مركزًا تجاريًا عمانيًا يخدم الجميع من صناعتنا نحن؟!
لو بحثنا عن السلع الأساسية التموينية من المحلات التي يملكها العماني وكانت بعضها بفارق بسيط يتعدى الريال في الزيادة كالأرز والطحين والزيت وكل ما تطاله أيادينا من بقالة هذا المواطن. ونشجع غيرنا على ذلك بالترويج وندعمه ونساعده بالتوجيه بكل ما يتعلق بسبل النجاح التي يغفل عنها، ربما لأوصلناه لأبعد من مجرد مركز تجاري نحلم به.
فقصصت لصديقي الحديث الذي دار بيني وبين أحد الأصدقاء الإيرانيين في شيراز وكنت دائما أعزّز من هذه القصة للعبرة عن أهمية التكاتف والفكر الاقتصادي للدعم المحلي و الوطني لتاجر ابن البلد.
– سألته: وهو من أصول عربية ومدينة أخرى تختلف عنها ولكن يعمل كمترجم للسياح، لماذا لا تقوم بفتح محل تجاري في حالة لا يوجد زبائن للترجمة ؟
-قال : إذا فتحت أي تجارة وبعت بأرخص الأسعار عن المحلات المجاورة لن يشتري مني أي أحد شيرازي، ثم قال بسبب أنّ لديهم ثقافة لا يشترون من تاجر غير شيرازي ولو كان إيرانيا مثلهم فهم لا يحبذون الدخيلين عليهم وكذلك بعض المدن معهم تتعامل بنفس الطريقة.
ولو استوعبنا قليلا لأدركنا أنّ ملح غاندي كحال أي ملح يذوب مع الماء، ولنكن يوما ماء يذوّب تلك الأملاح العالقة في مخيلتنا بعدم القدرة على الإنجاز وبوجود منافسين ربما يحشروننا في زاوية ضيقة من قوة الرأسمالية للأسواق التنافسية التي تحد من تفوقنا على أنفسنا بالسيطرة التامة، أولاً: يجب على مجتمعنا أن يعزز من ثقافته التسوقية والاستهلاكية، وثانيًا: يجب أن يدرك أنَّ الأوطان تُبنى بالتكاتف لبقاء رؤوس الأموال داخل الوطن.
أما ملح غاندي هو مجرد مثال رمزي للقدرة على الاستقلال التجاري والاعتماد على أبناء البلد، و أما غاندي هو مسيرة الألف ميل التي اعتمدها لاستقلال بلاده عن الاحتلال البريطاني وقتها.