مقال : عشوائية متطلبات

محسن الحاتمي
لكل مؤسسة سواءاً أكانت حكومية أو خاصة لها قسم يعنى بالدراسات و التخطيط لأجل منفعة مستقبلية أو لغرض تقديم عرض مغري و حافز لموظفيها من أجل الإستمرارية في الإنتاج و الإبداع و التدرج في جميع السلالم التعليمية و الوظيفية لكي يتم النهوض بمستوى موظفيها، بل و أكثر من ذلك حتى لا يضر بسمعة تلك المؤسسة من تدني خدماتها و تضجر موظفيها منها من سوء إدارة وإعتماد هيكل تنظيمي سيئ للغاية أو بمعنى آخر غير منسق ولا منظم..،،أما الآن و ما نراه مجرد تخطيط مؤقت بغرض التجربة أو لمدة محددة و بعد ذلك يتم تغير مسماه أو الإستغناء عنه من إحلال بدل عنه بموظفا وافد، بينما في المقابل هناك تكدس أو بمعنى آخر أصبحت تخمة تخصصات تنتظر التعينات لخدمة هذا الوطن و أبنائه .
سأذكر لكم على سبيل المثال نرى بعضا من كليات التربية تم تحويلها إلى كليات تطبيقية مع إدراج تخصصات تطبيقية لتقوم بتدريسها و بعد فترة ليست بطويلة تم العودة بها إلى مسماها السابق ككليات تربية، ولا نستبعد في الوقت القريب من إغلاقا لتلك الكليات و الجامعات أو حتى إقحامها في مشاريع خدمية فاشلة ليست من ورائها منفعة ولا طائلة مرجوة…،، حتى مسمى (التربية) للكليات أبعد عنها وهذا تمهيدا يعتبر لإلغاء مهنة المعلم وليس إكراما بحقه، إنعداما لتبجيل و إنسانية المربي و المعلم لقد ضاعت رسالته و تشوهت جراء إستبدال هذا بتلك وأصبحت التربية ليست لها خانة شاغرة بين الكليات والجامعات…!!
لا نعلم هل هي لدواعي تجربة من مخرجات التعليم العالي وصولا بالإكتفاء الناقص، ولا ندري حتى التخصصات التربوية و التطبيقية أصبحت لا تلبي احتياجات سوق العمل و تعتبر فائضا متراكم غير مرغوب فيه..، هنا هل سيقع اللوم على التخصص المختار أم الحلم المستقبلي الضائع لإحتضان الوظيفة..؟؟
إلى متى سيبقى هذا المواطن يحمل شهادة في تخصص ما لا يجد له عملا..!؟؟ إذا و ما الجدوى من ذلك..؟؟ بينما في الجانب الآخر نرى وافدا يتم إحلاله محل المواطن المنتظر سنوات كي يتمكن من تحقيق مستقبله من بناء أسرة و تلبية لإحتياجاته من متطلبات الحياة اليومية التي أصبحت هاجسا آخر يؤرقه ويؤن مضجعه ..،، في خلاصة القول أكن صريحا جداً لا نعلم ما الذي يجري داخل أروقة وزارتي التربية والتعليم العالي من مخططات عشوائية غير محسوبة النتائج لا تخدم حتى الطالب و لا المعلم ولا الباحث عن عمل..،،لا زلنا نرى أطوارا تجريبية و بالأحرى حقول تجارب عديمة الفائدة..،، ناهيك عن الأموال الهائلة التي صرفت و ضاعت حيال ذلك و إهدارا للوقت مع وضع موارد بشرية ليست في مكانها الأنسب …!!
دائما وأبداً المواطن يعول و يضع أمله على الجهات المعنية بالأمر ليجدها قد مدت له طوق النجاة لإخراجه من تأزمه المحبط،، لكن للأسف الشديد تزيده غرقا و مشقة، نتيجة لعشوائيات غير مدروسة و أملا منها تؤتي أكلها مستقبلاً …!!
abu3lhasan@gmail.com