نهج السلام الذي وضعه السلطان الراحل وقدّره العالم
مسقط-العمانية
لقد أسفر إيمان السلطنة بنهج السلام واتباعها لمقتضياته في علاقاتها ومواقفها مع مختلف دول العالم عن توسيع نطاق هذه العلاقات على مختلف المستويات خليجية وعربية
وإقليمية ودولية وفي داخل المنظمات الدولية والإقليمية .
وتتمثل هذه الأطراف في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية ورابطة التعاون للدول المطلة على المحيط الهندي والأمم المتحدة والمنظمات والهيئات التابعة لها والمنبثقة منها .
ويُعد انعدام أي خلافات مبدئية أيديولوجية أو سياسية بين السلطنة وأي طرف آخر سببًا في اتساع وتمتين علاقاتها مع الجميع يضاف الى ممارستها لنهج السلام الذي تؤمن به وأنها لا تتردد في بذل جهودها الخيرة ومساعيها الحميدة للإسهام في حل أي خلافات أو منازعات بين
طرفين أو أكثر خاصة عندما يطلب منها الأطراف المعنية ذلك ” فهي عادة لا تفرض نفسها على أحد ولا تبحث عن دور ولا تتطفل على أية مشكلة أو خلافات داخل المنطقة أو خارجها كما أنها تحترم خصوصيات الآخرين ولا ترغب في الإعلان عن جهودها لصالح الآخرين إلا إذا أعلن المعنيون
أنفسهم ذلك .
والأكثر أهمية أن السلطنة لا تتاجر بجهودها ومساعيها لصالح الآخرين ولا تقوم بتوظيفها لصالحها ولا لصالح أية أجندة أخرى ولعل هذا من أهم الأسباب التي جعلت وتجعل الآخرين يثقون في مصداقية أدوارها فليس مصادفة أن يؤكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أكتوبر من العام 2018 وبعد زيارته للسلطنة أن السلطنة ” لا تبيع ولا تشتري بالقضية الفلسطينية وأن بوصلتها ثابتة ” .
ومما يؤكد ثبات الموقف العماني تصريحات معالي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية يوسف بن علوي بن عبد الله خلال الاجتماع الوزاري الطارئ الذي انعقد حول ” صفقة القرن ” والذي أكد فيه أن موقف السلطنة من القضية الفلسطينية ” ثابت وداعم لحقوق الشعب الفلسطيني
المشروعة وحقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ” .
ومما له أهمية ودلالة عميقة أن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – أكد أنه سيسير على خطى السلطان الراحل معتمدًا الثوابت التي اختطها لسياسة بلادنا الخارجية القائمة على
التعايش السلمي بين الأمم والشعوب وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير واحترام سيادة الدول وعلى التعاون الدولي في مختلف المجالات ” كما أكد أن السلطنة ” ستبقى كما عهدها العالم في عهد المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ” رحمه الله ” داعية ومساهمة في حل الخلافات بالطرق السلمية وباذلة الجهد لإيجاد حلول مرضية لها بروح من الوفاق والتفاهم والمواصلة مع الأشقاء قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية للإسهام في دفع مسيرة التعاون بين
دولنا لتحقيق أماني شعوبنا ولدفع منجزات مجلس التعاون قدما إلى الأمام.
وقد أكد جلالته / أيده الله / أن السلطنة ستستمر في دعم جامعة الدول العربية ومواصلة دورها كعضو فاعل في الأمم المتحدة والعمل مع الدول الأعضاء على تحقيق السلم والأمن الدوليين وبناء علاقات مع جميع دول العالم على تراث عظيم خلفه السلطان الراحل عليه رحمة الله ومغفرته ”
أساسه الالتزام بعلاقات الصداقة والتعاون مع الجميع واحترام المواثيق والقوانين والاتفاقيات التي امضيناها مع مختلف الدول والمنظمات .”
ولأن السلطان الراحل ” طيب الله ثراه ” عمِل على مدى سنوات حكمه على تحقيق السلام والاستقرار ليس فقط للشعب العماني ولكن لمختلف الدول والشعوب الشقيقة والصديقة على امتداد العالم فلا غرو أن يشعر العالم قادة وشعوبا بالخسارة الفادحة لرحيله وأن يعبر الكثيرون عن
تقديرهم وإدراكهم لعظمة الإسهام الذي قام به – رحمه الله.
وقد حرص السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور ” طيب الله ثراه ” منذ توليه مقاليد الحكم في الثالث والعشرين من يوليو عام 1970 على وضع مبادئ وأسس لعلاقات السلطنة مع الدول والشعوب الاخرى وبما يكفل التعاون الإيجابي والمثمر مع الدول التي تبادل السلطنة مبادئها وقيمها في
هذا المجال وهي القيم والمبادئ والأسس التي تتفق مع قواعد القانون والشرعية الدولية وتحافظ على سيادة كل الأطراف وتكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية وحل الخلافات والمنازعات بالطرق السلمية، وبما يحقق
القدرة على بناء علاقات أفضل بين الشعوب وأجيالها المتتابعة في الحاضر والمستقبل .
وشكل الإيمان العميق بالسلام كنهج وكغاية وكسبيل لبناء العلاقات مع الدول الأخرى دوما وفي مختلف الظروف على مدى الخمسين عاما الماضية مفتاحًا أساسيا لفهم أبعاد ومواقف جلالة السلطان الراحل ” طيب الله ثراه ” وبالتالي لمواقف السلطنة حيال كل الأحداث والتطورات التي جرت في المنطقة وفي العالم من حولها .
ولم يكن إيمان السلطان الراحل ” غفر الله له ” بالسلام كقيمة وكسبيل وكغاية نظريًا لكنه كان إيمانا وممارسة عملية عبر عن نفسه في العديد من المواقف وفي التعامل الواضح والصريح والشفاف كذلك مع مختلف القضايا
والتطورات في المنطقة ومن حولها وهو ما عمق الثقة من جانب مختلف قادة الدول في المنطقة وعلى امتداد العالم في مواقفه بل وجعل العديد من قيادات الدول في المنطقة والعالم تحرص على الالتقاء بجلالته والاستنارة
بتقييمه ورؤيته للأحداث والتطورات وهو ما عبر عنه قادة ومسؤولون كبار في دول عديدة على امتداد العالم.
وإذا كانت مواقف السلطنة العملية وما أكده السلطان الراحل ” طيب الله ثراه ” في الكثير من خطاباته ولقاءاته الصحفية تشكل إطارًا ومرجعًا بالغ الأهمية فإنه أكد منذ وقت مبكر على أن السلام ” مذهب آمنا به ” وأن السلطنة ” دولة سلام ” وأن ذلك السلام هو ” سلام الأقوياء الذين يعدون للأمر عدته ” والذي يقوم على الحق والعدل والانصاف.
وفي هذا الإطار بنّت السلطنة علاقاتها مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة وبما يرسخ الاحترام المتبادل واحترام السيادة ونبذ الحروب وحل المشكلات والمنازعات بالطرق السلمية وبما يفسح المجال لبناء علاقات طيبة ومفيدة
مع الجميع بما يدعم السلام والأمن والاستقرار في المنطقة ويحافظ على مصالح كل الأطراف .
ولأن إيمانه / رحمه الله / بالسلام ومواقف السلطنة المنبثقة عن ذلك والمترجمة له عمليًا قد اتسمت بالثبات والاستمرارية على مدى الخمسين عامًا الماضية فإنه ليس مصادفة أبدًا أن تحظى السلطنة وقيادتها بالاحترام والثقة والتقدير من جانب كل الدول في المنطقة وعلى امتداد العالم .
لقد تمكن السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور – طيب الله ثراه – خلال 50 عامًا من تشييد دولة عصرية حديثة ارتكزت على دعائم قوية وأسس راسخة ضمنت لها انطلاقة متواصلة وتنمية مستدامة على كافة المستويات ستتواصل بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم / حفظه الله ورعاه / الذي أكد / أعزه الله / السير على نهجه القويم والتأسي بخطاه النيرة التي خطاها بثبات وعزم إلى المستقبل والحفاظ على ما أنجزه
والبناء عليه لترقى عُمان إلى المكانة المرموقة التي أرادها لها وسهر على تحقيقها.