د. حسين كاظم الوائلي
رئيس مجموعة ابحاث الطاقة المتجددة وتكنولوجيا الاستدامة.
أستاذ مشارك وخبير طاقة – جامعة صحار
من الرائع ان يعلم القاريء الكريم أن رؤية عمان 2030 و 2040 لنسبة مشاركة الطاقة المتجددة هي 20 ٪ و 35-39 ٪ على التوالي. فإذا اعتبرنا أن استهلاك الطاقة الكهربائية في سلطنة عمان في ديسمبر 2017 ، وهو 32349 جيجاواط ساعة، فإن حصة الطاقة المتجددة ستكون 6469.8 جيجاواط ساعة و 11322.15-12.616.11 جيجاواط ساعة في 2030 و 2040 على التوالي. هذا الوضع يعني أن مشاريع الطاقة المتجددة واسعة النطاق يجب أن تبدأ الآن. ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أن أولوية الطاقة المتجددة في عمان هي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح كما ورد في دراسة هيئة تنظيم الكهرباء التي نشرت في مايو عام 2008 والتي تناولت مصادر الطاقة المتجددة في سلطنة عمان لفهم الخيارات والأولويات. وقد وجدت الدراسة أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح هي في أولويات عُمان للمرحلة القادمة. وهذا لا يعني أنه يجب تجاهل المصادر الأخرى. هذه الدراسة تعتبر مهمة جدا لانها تراجع المصادر والتحديات والفرص ولكن تجدر الاشارة ان الدراسة لم تتعرض للعديد من المصادر الأخرى من قبيل:
– طاقة الرياح داخل البحر لم يرد ذكرها في الدراسة. ومع ذلك ، فمن الضروري أن تأخذ هذه كاحد اهم الخيارات اسوة بالدول الاوربية علما ان عمان لديها ساحل يمتد حوالي 3000 كم.
– تم تجاهل طاقة امواج البحر كخيار بدون تبرير علمي واضح. وأيضًا تم تحديد طاقة حرارة باطن الأرض (جيوثيرمل) كمصادر محدودة لإنتاج الكهرباء ، وهذا غير صحيح إذا أخذنا في الاعتبار التكنولوجيا الجديدة “محطات الطاقة الثنائية”. أيضًا ، لا تستخدم طاقة حرارة باطن الأرض فقط لتوليد الكهرباء ولكن أيضًا للتدفئة (الهواء والماء) والتبريد وتكييف الهواء للاستخدامات المنزلية والتجارية والصناعية ، إلخ.
– لم تاخذ الدراسة طاقة المد والجزر وتحويل الطاقة الحرارية للمحيطات (OTEC) كخيار وبعضها لم يذكر في الدراسة. ومع ذلك وجد بعض العلماء والباحثين والمستثمرين في عمان في الاعوام الاخيرة أن هناك فرصة ممتازة للاستثمار في مصادر الطاقة المذكورة. وهذا التصحيح والاضافة مهم جدا.
الأمثلة المذكورة أعلاه مهمة لاستنتاج إنه يجب علينا ألا نتجاهل أيًا من مصادر الطاقة المتجددة في عُمان لانها ثروات موجودة، وهي كثيرة. ايضا تجدر الإشارة إلى بعض التوصيات التي ذكرتها في دراستي عام 2011 والتي نشرت في السيفير، والتي تتوافق مع الرؤية 2040 واقتبس هنا: “(1) يجب إجراء المزيد من الدراسات لاستكشاف طاقة الرياح داخل البحر، وطاقة حرارة باطن الأرض، والمد والجزر ، وامواج البحر، وطاقة OTEC. (2) دعم وتنفيذ مشاريع رائدة في مجال الطاقة المتجددة الصغيرة وخاصة التي تخدم الناس في المناطق الريفية. (3) الدعم المالي للدراسات التي تؤدي إلى دراسة الطاقة المتجددة في عمان وتطبيقاتها. (4) إدخال السخانات الشمسية الحرارية في المباني العامة لإنتاج الماء الساخن لمختلف الاستخدامات. (5) دعم برامج لدراسة البكلوريوس والماجستير في مجال الطاقة المتجددة كقوة عاملة ومحفز في تشجيع زيادة استخدام الطاقات المتجددة في عالم يتحرك تدريجيًا نحو استخدام أكثر وعيًا ومستدامًا لمصادر الطاقة. (6) دعم وتشجيع ورعاية مشاريع السنة النهائية في مجال الطاقة المتجددة. (7) هناك حاجة إلى وضع مبادئ توجيهية ومعايير تتعلق بالبرامج الأكاديمية وإنشاء نظام للاعتماد، ويفضل أن يكون عالميًا، لتعلم المخاطر في تخصصات أكاديمية مختلفة مرتبطة بالطاقة. ”
وفي هذا المجال تجدر الاشارة الى اهمية برنامج الدعم الذي يوليه مجلس البحث العلمي للمشاريع الطلابية، ومن جانب اخر من الجيد أن ننظر إلى الحفاظ على الطاقة ، وحفظ الطاقة في المبانى، ورفع كفاءة الطاقة اخذت بعدا مهما وخصوصا في البرنامج الستراتيجي للطاقة المتجددة. وعلى سبيل المقارنة نجد أن معدل الاستهلاك للفرد في الولايات المتحدة يصل 12000 كيلووات-ساعة من الكهرباء سنويًا، وهو ما يساوي تسعة أضعاف المتوسط العالمي. ومع ذلك ، فإن استخدام الطاقة في عمان قريب من الاستخدام الأمريكي وهذا مرتفع جدا، مما يعني أن هناك حاجة إلى تحسين وتطويروهناك الكثير من الافكار والطرق للتطوير وحفظ ورفع كفاءة الطاقة في عمان، وبعض الاقتراحات البسيطة هي للمواطن والشركات المرتبطة بحفظ الطاقة:
– تقليل وإعادة استخدام وإعادة تدوير التكنولوجيا والنفايات كجزء من برنامج لحفظ الطاقة.
– تدقيق الطاقة لتحديد أفضل الفرص والرهانات. من الجيد أن يبدأ هذا البرنامج مع الشركات والصناعة.
– استخدام حاسبة الطاقة والتي تستخدم لتحديد تلك المناطق التي تستخدم أكبر قدر من الطاقة – تجدر الاشارة ان تبريد المنازل والبنايات يستهلك 60 ٪ من االاستهلاك الكلي للطاقة!
– من المناسب وضع خطط وتحديد بعض الأهداف واشراك الأسرة بأكملها لتقليل الاستهلاك. فنحن بحاجة إلى تثقيف الناس وتغيير عادات الناس في التعامل مع الطاقة وهنا ياتي دور كبير للاعلام.
– مقاييس ذكية للطاقة لجميع الأجهزة مع استخدام العدادات الذكية ، والتي ستمكن من إدارة استهلاك الكهرباء بشكل أفضل.
– الجمع بين الحرارة والطاقة (CHP) باستخدام منظومات هجينة. أيضا استخدام سخانات المياه بالطاقة الشمسية وتكييف الهواء بالطاقة الشمسية.
– تشريع حوافز الطاقة المتجددة مع قوانين تنظم هذا القطاع. علما انه تم تشريع قوانين لتثبيت النظام الكهروضوئي الشمسي على السطوح بناءً على اللوائح الجديدة المنشورة في مارس 2018. وتجدر الإشارة إلى اهمية مراجعة وتقييم وتحسين هذه اللوائح لتشجيع الجمهور والمستثمرين. أيضا ، يمكن أن يساعد برنامج ساهم في تعزيز هذا القطاع.
– من الامثلة البسيطة لحفظ الطاقة تغيير مصابيح الاضاءة التقليدية إلى مصابيح الفلورسنت المدمج أو LED ، يمكن حفظ الطاقة وتوفير مبالغ كبيرة!
هي دعوة للاكاديمين للبحث والتطوير والتعاون لوضع تصورات علمية وفنية تقنية لمصادر الطاقة من حيث الاسس والتطبيقات والفرص والتحديات، من جانب اخر التعاون بين المؤسسات المعنية والاكاديمين والخبراء لتطوير قطاع الطاقة المتجددة مهم جدا، اما المواطن فله دور كبير في التعاون وتثقيف الاسرة بثقافة الطاقة، واخيرا وليس اخرا نتطلع الى مشاركة الاعلام بصورة ايجابية اكبر لنشر وعي وثقافة الطاقة وتسليط الضوء على التجارب الناجحة في مجال الطاقة.
ان تعاون الجميع من اكاديمين ومؤسسات ومجتمع واعلام سيقود بالتاكيد الى تحقيق برنامج الطاقة المتجددة في رؤية عمان 2040.