في ثاني أمسياتها الرمضانية .. الغرفة تناقش سياسات وخطط تنظيم سوق العمل والتشغيل وتأثير القطاع الخاص على المؤشرات الاقتصادية

مسقط – النبأ
_ فيصل الرواس: تنظيم سوق العمل يسهم تحسين بيئة الأعمال وتوسيع قاعدة التنويع الاقتصادي وجذب الاستثمارات
_ محمد العنسي: التعليم المهني من المسارات التي تفتح أبواب الفرص في سوق العمل وتنمية المحافظات أساس تحقيق التوازن الاقتصادي
_ محمد الخالدي: تحليل المؤشرات الاقتصادية للعمل والتشغيل يعتمد على عدد مؤسسات القطاع الخاص ومعدل الباحثين عن عمل
_ عمار السعدي: تولى سلطنة عمان بحوكمة القطاعات الاقتصادية لإدارة ملف التشغيل بهدف تعزيز توظيف الكوادر الوطنية
نظمت غرفة تجارة وصناعة عمان “12 مارس 2025” أمسيتها الرمضانية الثانية بعنوان “تنظيم سوق العمل والتشغيل”، تحت رعاية سعادة الشيخ فيصل بن عبدالله الرواس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان، بحضور عدد من أعضاء مجلس إدارة الغرفة، وممثلين من الجهات الحكومية والخاصة، وأصحاب وصاحبات الأعمال، وذلك في فندق جي دبليو ماريوت مسقط. ناقشت الأمسية سياسات وخطط تنظيم سوق العمل والتشغيل، ومساهمة القطاع الخاص في سوق العمل والتشغيل، وتأثير القطاع الخاص على المؤشرات الاقتصادية.
وصرح سعادة الشيخ فيصل بن عبدالله الرواس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان قائلا: تلعب الغرفة دورا محوريا في تقديم المقترحات والحلول الهادفة إلى تنظيم سوق العمل، حيث تسعى إلى تحقيق التوازن بين العرض والطلب على القوى العاملة، وهو ما يسهم في تعزيز الإنتاجية وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام، كما أنه أحد أدوات جذب الاستثمارات وتعزيز بيئة الأعمال، إن تنظيم بيئة العمل يشجع على الابتكار وريادة الأعمال، وهذا ما يتماشى مع التوجهات الاستراتيجية للغرفة المتمثلة في تحسين بيئة الأعمال وتوسيع قاعدة التنويع الاقتصادي. وأضاف سعادته: من خلال التفاعل المستمر مع الحكومة والقطاع الخاص، تعمل الغرفة على تقديم رؤى تساهم في مواءمة السياسات الاقتصادية مع المعايير الدولية، مما يعزز من بيئة الأعمال في سلطنة عمان ويجعلها جاذبة للاستثمارات المحلية والدولية.
وأكد سعادة الشيخ أن الغرفة تركز على دعم القطاع الخاص وتمكينه من لعب دور أكبر في عملية التشغيل، مما يساهم في توفير فرص عمل جديدة للمواطنين وتعزيز استقرار السوق، إضافة إلى ذلك تسهم الغرفة في تفعيل المبادرات التي تهدف إلى تطوير مهارات القوى العاملة العمانية، بما يتناسب مع احتياجات السوق وتوجهات الاقتصاد الوطني.
وأوضح سعادة الشيخ أن الغرفة وباعتبارها أحد أطراف الإنتاج الثلاثة في سلطنة عمان (المتمثل بالحكومة والقطاع الخاص والقوى العاملة) فإنها تحرص على الحوار المشترك مما يعزز من سمعة سلطنة عمان على المستوى العالمي ويضمن توافق سوق العمل مع الاتفاقيات الدولية.
الاهتمام بالتعليم المهني
من جانبه أكد سعادة محمد بن حسن العنسي رئيس لجنة سوق العمل في غرفة تجارة وصناعة عمان على أهمية التعليم المهني، خاصة وأنه بات واحدا من أهم المسارات التي تفتح أبواب الفرص في سوق العمل، كما أن هناك العديد من المجالات التي تسجل طلبا عاليا لمخرجات التعليم المهني، مثل التقنية والمعلومات، والمهن الحرفية، والتصميم والإبداع، والرعاية الصحية، والتجارة، والخدمات، وغيرها.
وبين سعادته أن التعليم المهني يكتسب أهميته من كونه جسرا حيويا يربط بين التعليم الأكاديمي وسوق العمل، حيث يوفر المهارات العملية والمعرفة التقنية المطلوبة في العديد من القطاعات، كما أنه يركز على التدريب العملي والتطبيقي، مما يجعل مخرجاته جاهزة للانخراط في سوق العمل، ويعمل أيضا على تقليل الفجوة بين العرض والطلب في سوق العمل كونه يلبي احتياجات القطاعات التي تعاني من نقص في القوى العاملة المؤهلة، بالإضافة إلى كونه داعما لريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة فالمهارات التي تتلقاها المخرجات تمكنها من تأسيس مشاريعها الخاصة.
وأوضح سعادة العنسي أن تنمية اقتصاد المحافظات تعتبر أساسا لتحقيق التوازن الاقتصادي في سلطنة عمان، حيث تساهم في توفير فرص عمل للمواطنين، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي، كما أنه من خلال الاستفادة من الميزة النسبية لكل محافظة في سلطنة عمان يمكن دعم القطاعات المحلية وتحفيز النمو الاقتصادي، بما يتناسب مع أولويات رؤية “عمان 2040”.
وأضاف سعادته أن العامل الأساسي في توليد فرص العمل يتمثل في تحفيز النمو الاقتصادي، حيث إن زيادة الإنتاجية وتعزيز الجذب الاستثماري يقود إلى نمو المؤسسات الاقتصادية، كما أن المحتوى المحلي يقوم بدور مهم وحيوي في توفير فرص العمل، فاعتماد الشركات على الموردين المحليين يعمل على توفير وظائف مباشرة في التصنيع والخدمات وأيضا وظائف غير مباشرة من خلال الأنشطة المصاحبة للمشروع مثل النقل، والصيانة، والخدمات اللوجستية. موضحا أن توطين الصناعات يساهم في نقل المهارات والتكنولوجيا إلى القوى العاملة المحلية، ما يزيد من كفاءتها ويعزز من عملية إحلالها محل القوى العاملة الوافدة.
المؤشرات الاقتصادية
وقدم المهندس محمد بن علي الخالدي مستشار التطبيق الاستراتيجي بالاتحاد العام لعمال سلطنة عمان ورقة عمل بعنوان “دراسة تحليلية عن أثر القطاع الخاص في المؤشرات الاقتصادية (الناتج المحلي الإجمالي ومعدل الباحثين عن عمل)، استعرض خلالها عددا من المؤشرات الاقتصادية، مثل الإنتاجية والتي تشمل إنتاجية العمل، وإنتاجية رأس المال، وإنتاجية العامل الواحد، والإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج، والإنتاجية الحدية لرأس المال، بالإضافة إلى الكفاءة الإنتاجية.
وتطرق المهندس إلى مفهوم القوة الشرائية من حيث التعادل وسعر الصرف والتضخم، حيث تمثل القوة الشرائية كمية السلع والخدمات التي يمكن شراؤها بالدخل المتاح، بينما يعكس مؤشر تكلفة المعيشة مدى ارتفاع أو انخفاض الأسعاء في منطقة معينة مقارنة بسنة مرجعية.
وأكد المهندس الخالدي أن تحليل المؤشرات الاقتصادية المتعلقة بالعمل والتشغيل يعتمد على عدد المؤسسات في القطاع الخاص، ومعدل الباحثين عن عمل، ومساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي. مشيرا إلى أن النموذج الاستشرافي التفاؤلي للعام 2040 يرى أن معدل نمو الطلب على إجمالي المشتغلين سيبلغ 5%، فيما سيبلغ نمو الطلب على الأيدي العاملة الوطنية 6%، ومتوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي سيكون 4.5%، في حين سيبلغ معدل النمو في مساهمة القطاع الخاص 7%.
سياسات تنظيم سوق العمل
من جانب آخر قدم عمار بن سالم السعدي مدير عام المديرية العامة للعمال بوزارة العمل ورقة عمل بعنوان “سياسات وخطط تنظيم سوق العمل والتشغيل”، أكد خلالها أن وزارة العمل تبني سياساتها وخططها من خلال عدد من المحددات تتمثل في التخطيط الإستراتيجي، ومستهدفات رؤية عُمان 2040، والخطة الخمسية لوزارة العمل، والخطة السنوية للوزارة.
وبين السعدي أن السياسات التشغيلية والتمكينية تتضمن تشكيل لجان حوكمة القطاعات الاقتصادية لإدارة ملف التشغيل، حيث تولي سلطنة عمان اهتماما كبيرا بحوكمة القطاعات الاقتصادية لإدارة ملف التشغيل، بهدف تعزيز توظيف الكوادر الوطنية وتحقيق التنمية المستدامة، وقد تم في هذا السياق إنشاء منظومة لجان حوكمة التشغيل في القطاعات الاقتصادية، والتي تضم 17 لجنة متخصصة، تعمل بتنسيق وثيق بين القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني، تحت إشراف أصحاب السعادة المشرفين على القطاعات ذات الصلة، مشيرا إلى أن أهداف لجان حوكمة التشغيل تتمثل في تعزيز القيمة المحلية المضافة، وتحقيق مستهدفات التشغيل القطاعية، وتطوير السياسات والإجراءات.
وتطرق السعدي إلى مشروع التدريب المقرون بالإحلال في القطاع الحكومي، الذي يستهدف إحلال عدد من الوظائف التي تشغلها القوى العاملة الوافدة بالوحدات الإدارية المطبقة لقانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية، من خلال تدريب وتأهيل الباحثين عن عمل الذين يتم اختيارهم لشغل الوظائف المستهدفة، وذلك وفقا لمتطلبات شغل تلك الوظائف، على أن يتم التثبيت المباشر بعد إنهاء المتدرب فترة التدريب المقررة. كما تحدث السعدي حول مشروع الإحلال في القطاع الخاص، حيث تعمل الوزارة على تعزيز عملية الإحلال في القطاع الخاص لتوفير فرص عمل للقوى العاملة الوطنية، والذي يعتبر جزء من الاستراتيجية الشاملة لتعزيز الاقتصاد الوطني وضمان استدامة التنمية، وقد قامت الوزارة بالعديد من الإجراءات التي ساهمت في ذلك، ومنها: نظام تصنيف المهن على حسب الفئات، وبرامج التدريب والتأهيل، كما تعمل الوزارة على دراسة سياسات الاحلال في القطاع الخاص ومدى إمكانية تطبيقها ومواءمتها مع السوق العماني.
وفيما يخص السياسات التشغيلية والتمكينية المنظمة لسوق العمل، أكد السعدي أن وزارة العمل تعمل على استدامة حزمة العمل الحر، انطلاقا من كون العمل الحر أحد أسرع مسارات التوظيف نموا في مختلف دول العالم ، حيث تولي سلطنة عمان اهتماما خاصا بتطوير منظومة العمل الحر باعتباره أحد المسارات الوظيفية التي أصبحت تجذب اهتمام الشباب لا سيما من فئة الباحثين عن عمل.
وأكد مدير عام المديرية العامة للعمال بوزارة العمل أن من السياسات التشغيلية والتمكينية المنظمة لسوق العمل، أطلقت الوزارة برنامج التعمين النوعي الذي يعمل على تحليل الفرص الوظيفية النوعية في الوظائف التخصصية في القطاعات الاقتصادية المختلفة في سلطنة عمان، حيث تم وضع الخطة التنفيذية ورفعها لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار لرفع نسب التوطين بين الهيئات التدريسية في الجامعات والكليات الخاصة، وتوقيع اتفاقية مع المؤسسة العامة للمناطق الصناعية “مدائن” لتمكين العمانيين من شغل الوظائف الإشرافية والتخصصية، وتطوير منظومة التفتيش، والتركيز على إنشاء الشركات التخصصية. وقام السعدي باستعراض والتعريف بعدد من المنصات التشغيلية، مثل منصة توطين، ومنصة مرصد، ومنصة خطى، وتطبيق معاك.
الجدير بالذكر أن مبادرة “أمسيات الغرفة الرمضانية” تهدف إلى توفير بيئة تفاعلية تتيح لأصحاب الأعمال طرح المشكلات والتحديات التي يواجهونها وطرح الحلول العملية بالتعاون مع الجهات المعنية، بالإضافة إلى رفع الوعي بالسياسات والتشريعات بما يسهم في تحقيق التوجهات الاستراتيجية للغرفة، وتستهدف الأمسيات عددا من القطاعات الواعدة كالصناعات التحويلية والطاقة والتعدين والخدمات اللوجستية والنقل والسياحة والأمن الغذائي والابتكار والتكنولوجيا والتجارة والتعليم والصحة والمال والتأمين والتطوير العقاري.