أحببت الفكرة

خوله كامل الكردي
لا شك أن وقوف الشعب العماني إلى جانب شقيقه الشعب الفلسطيني لا يختلف عليه اثنان، وأن سلطنة عمان بمواقفها المشرفة كانت ولا تزال من أشد الدول العربية والإسلامية تأييداً ومناصرة للقضية الفلسطينية، ويذكر الشعب الفلسطيني شقيقه الشعب العماني إلا بصفحات بيضاء ناصعة من مسيرته وتاريخه في الانحياز لحقوق الشعب الفلسطيني المظلوم، في تقرير مصيره وحقه في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وعلى ذات السياق لا ينسى الشعب الفلسطيني خاصة أهل غزة توافد الأطباء العمانيين لعلاج المصابين والمتضررين من الأطفال والنساء، من وحي الاستهداف الوحشي والممنهج من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين الأبرياء في بيوتهم وخيامهم وفي الطرقات والمشافي وكافة مناطق قطاع غزة، ولن تغادر ذاكرتهم عطف الطبيب العماني والمسح على رؤوس الأيتام ومواساة المكلومين والموجوعين في غزة.
و إذا تأملنا الموقف الرسمي العماني كعادته منذ تأسيس الدولة العمانية الحديثة وإلى يومنا هذا، يشهد له بموقف قوي وصلب للدعوة إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية الهمجية على قطاع غزة، وفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية وإغاثة أهل غزة، وكما أدانت الدولة العمانية تلك الدعوات الرامية إلى تهجير الغزيين من أرضهم، بل نادت إلى تثبيت الشعب الفلسطيني في أرضه ولا يتم إلا بإعمار قطاع غزة بأسرع وقت، كما وقد ألغت سلطنة عمان أية مراسم احتفالية مثل الاحتفال بيوم المرأة العمانية وغيرها من المناسبات، ومن أقوى مظاهر التأييد لفلسطين ما صرح به وزير الخارجية العماني أن حركة حماس هي حركة مقاومة وليست حركة إرهابية. ولا نستطيع أن نغفل في هذا المقام دور سماحة مفتي السلطنة العلامة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي حفظه الله الذي أدلى بدلوه وقال أطال الله عمره وهنا اقتبس من تصريحه حيث قال: ” إننا نقف مع غزة وفلسطين والمقاومة ضد الكيان الغاشم” فلا نعجب لطالما سطرت عمان على مدى تاريخها العريق بطولات ومواقف شجاعة في نصرة دينها والتمسك بقيمها ومبادئها السامية.
مد يد المساعدة لفلسطين هو ديدن عمان حكومة وشعباً، وهو مبدأ لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتزحزح عنه شعب عمان الأصيل الطيب، وقد بدأ ذلك جلياً في إسناد أهل غزة ضد آلة القتل الإسرائيلية الدموية، وتقديم العون والإغاثة المادية والمعنوية لسكان غزة، وتلك المساندة تنوعت وتعددت أشكالها، فمنها ما هو تم في داخل القطاع بدخول وفد طبي عماني إلى غزة ومداواة الجرحي المدنيين العزل، ومنه ما تم داخل الأراضي العمانية وقد تجلت بفكرة مبتكرة والتي قام بها عمانيون بتحويل بيت قديم إلى مطعم راق ومميز، حيث تم تجديده وجعله أنموذجا معبراً بصورة حية ناطقة لنصرة فلسطين وشرح ما يتعرض له أهل غزة ويواجهونه من إبادة جماعية بشكل مبسط، فيرى الزائر أو الضيف وحتى الزبون مجسمات أنيقة معنونة بعبارات جميلة تنم عن حب فلسطين والأقصى بأدوات وإمكانيات متوفرة للجميع وغير معقدة، هو “مطعم بركة الموز” تشاهد بأركانه وتقرأ بزواياه الوقوف إلى جانب فلسطين و الأمنيات بحريته.
وفي نفس المضمار وفي شكل آخر من أشكال الدعم لغزة، شدني ذلك الدعم الجماهيري العماني في مباراة كرة القدم بين منتخب سلطنة عمان ومنتخب دولة فلسطين لغزة، حيث صدحت الحناجر العمانية بكل أطيافها بعشق فلسطين وتأييدها، فاشتعلت المدرجات إلى ما يشبه ثورة جماهيرية متعاطفة مع أهل فلسطين وفي القلب منها قطاع غزة المحاصر، الذي يمر في هذا الشهر الفضيل بأقسى حرب تجويع بسبب مروحية من حصار إسرائيلي خانق، ومضاعفة التشديد في منع إدخال شاحنات المساعدات الإنسانية الغذائية والدوائية، مع تصعيد خطير في إجراءات الاحتلال الإسرائيلي بقطع الكهرباء والمياه؛ مما أثر على قطاع الصحة وخدمات مياه الشرب والصرف الصحى.
سيبقى أهل عمان بمواقفهم العربية النابعة من عقيدتهم الإسلامية السمحاء، السند والظهر لأشقائهم في بلد مسرى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فلا جرم أن مكانة الشعب العماني تشغل حيزاً جوهرياً في عقول وقلوب شعب فلسطين، نظراً لمواقفه النبيلة والمخلصة للذود عن القدس والأقصى، والمناداة في المحافل الدولية لإعطاء الشعب الفلسطيني كافة حقوقه المشروعة التي كفلته له الأديان السماوية والدساتير البشرية.