حاورته: علياء بنت سعيد العامرية
*صحيفة النبأ الالكترونية*
الكتابة هي ذلك العالم الذي يهرب إليه الكاتب من عالمه الصاخب الذي يعيش فيه، عالم يسكنه الكاتب وقلمه وأوراقه فقط بعيدا عن ضجيج الحياة، فهي سلاح لمواجهة كل شيء. ومثال على ذلك الكاتب مصطفى الحبسي.
*من هو مصطفى الحبسي؟
**مصطفى بن أحمد الحبسي، من ولاية المضيبي من مواليد 1994،وهو طالب في جامعة السلطان قابوس بكلية الحقوق.
*متى بدأت الكتابة؟
**بدأت الكتابة منذ 7 سنوات فقط.
*ما الذي جعلك تطرق أبواب الكتابة؟
** الكتابة بالنسبة لي هي حاجة ملحة، إقتربتْ مني في لحظة كنت عارٍ أمام نفسي؛ أشعر وقتها بالوحدة، فاتخذتها وسيلة لمحاربة الوحدة، ثم تحولت إلى وسيلة لمحاربة كل شيء، فأصبحتْ جزءً مني وأنا جزء منها. وكما أقول دائما: الكتابة كالتوبة، الأولى تطهرك من الألم والمعاناة والأخيرة تطهرك من الذنوب.
* لينتج الكاتب نصا ناجحا ومؤثرا لابد أن يكون هناك فكرة ومحتوى فمن أين تستوحي مواضيع كتاباتك؟
** المواضيع والأفكار التي اختار الكتابة عنها ناتجة من كثرة التساؤل، فدائما ما يستهويني طرح الأسئلة على نفسي، والإجابة عنها من خلال البحث والاستقصاء، وهذا بدورة يجعلني أصل الى نقاط معينة دقيقة اتخذها كأفكار للكتابة والتعبير عنها.
كما أن هناك بعض الأفكار يتم استخلاصها من المجتمع، سواء من خلال تحليل بعض السلوكيات التي يمارسها الناس أو من خلال الأفكار المتداولة فيما بينهم في أحاديثهم المتكررة.
وأخيرا الذات وما يختلجها من ردات فعل، وأفعال إرادية ولا إرادية؛ فالذات أرض خصبة للكتابة.
**رائع جدا، ما المجال الذي بدأت الكِتابة فيه؟
**بدأت بكتابة الخواطر، بعدها بدأت بكتابة المقالات، ثم القصص، فالروايات.
*أتذكر أول خاطرة كتبتها؟
**كانت قبل سبع سنوات، كل ما أعرفه أنها كانت تتحدث عن ألم الوحدة، ولكن لا أعرف باقي التفاصيل.
**جميل
* ذكرت أن البداية كانت بكتابة القصة القصيرة والمقالات، هل نُشرت؟ وأين؟
** نشرت المقالات منذ فترة طويلة في جريدة وهج الخليج الالكترونية. أما القصص لم أنشر منها شيئا.
*هل شاركت في مسابقات للرواية أو القصة القصيرة؟
**شاركت في مسابقة للقصة القصيرة، كانت قد طرحتها وزارة التراث والثقافة. ولكني لم أحصل على مركز. وإلى الآن لم أشارك بروايتي في أي مسابقة.
*كتبت في العديد مِن الصحف الالكترونية، كيف كانت تلك التجربة؟
**لم ترقني التجربة، بسبب عدم وجود التفاعل الكافي وقتها.وأيضا لعدم اهتمامي الكبير بالنشر.
*إذا كيف بدأت بنشر كتاباتك وهل بدأت بنشرها مباشرة أم عرضتها على أحد؟
**نعم بالتأكيد عرضتها لأكثر من خمسة قراء، قبل النشر، فبداية القصة، أني لم أرد أن أنشر شيئا. كنت أقول لنفسي إذا أردت الخروج، فلتخرج بعمل متقن. ولكن بعد أن أنهيت المسودة الأولى من روايتي الطواف حول السطح، شاركتها لأصدقائي الذين اعتدت أن أشاركهم نصوصي، ولقد شجعوني على النشر ووقفوا بجانبي وأصروا علي وأخيرا أُذعنت لتشجيعهم.
*حدثنا قليلا عن رواية الطواف حول السطح وعن المُدة التي استغرقتها في كتابة الرواية؟
**رواية الطواف حول السطح عمل استغرق سنتين لخروجه. الرواية تحكي عن شاب عاش في ألم الفقد وتراكم الهزائم، وفي خضم تلك المشاعر المتراكمه في قلبه، تتصل به أمه للخروج إلى رحلة إلى مكة لأداء العمرة.وفي الرحلة يتصادم هذا الشاب الغاضب (مسعود) مع مرشد الرحلة الشيخ (خلفان) .
وفي تفاصيل هذا التصادم تطفوا بعض القضايا التي تتم مناقشتها خلال الحوارات، كقضية (تلبيس الرغبة لباس الفكرة) من قبل بعض رجال الدين لغرض السيطرة على الناس وإلزامهم، وقضية الطقوس والشكليات التي يهتم بها بعض المتدينين أكثر من جوهر الدين نفسه. وبين الفصول والأحداث الكثيرة يستطيع القارئ أن يصل إلى معنى (الطواف حول السطح)
* تحدثت الرواية بكل صراحة وشفافية عن بعض المتدينين الذين يمارسون بعض العبادات شكليا لا جوهريا، هل واجهت هجوم من بعضهم؟
**في الحقيقة نعم
هناك البعض – ليسوا كثيرين- ممن هاجموا الرواية والكاتب. وسعى البعض إلى نصح الآخرين بعدم اقتناء الرواية لما فيها – برأيه – من دس السم بالعسل.
*كيف كانت ردة فعلك؟
**هم يمثلون وجهة نظرهم وأنا أتبنى نظرية (موت المؤلف) أي أن لكل قارئ لأي نص المعنى الذي يستنتجه، ولا عبرة للمعنى الذي أراده الكاتب. وفي نظري الكتاب الذي يحدث جدلا، بين كفة توافق وكفة أخرى تخالف، هو الكتاب الذي يحقق نجاحا.
**رائع
* أ تُرجمت الرواية إلى لُغات أخرى؟
**كانت هناك مبادرة من أحد القراء ولكنها لم تكلل بالنجاح.لذلك لا توجد ترجمة للرواية إلى الآن.
*ما هي أعمالك القادمة؟
**أسعى لنشر مجموعة قصصية على المدى القصير، وربما هناك خطة لرواية جديدة ولكن في المدى البعيد.
*برأيك هل الكتابة مهنة أم موهبة، وهل تُعتبر الكتابة مصدر رزق الكاتب؟
**الكتابة، شيء تكتشفه باعتباره موهبة، ثم تسعى لتتطور في سلمه باعتباره حرفة، ثم مع السنوات تتحول إلى فنان.
في الدول العربية تحتاج إلى حظ كبير جدا، لتكون الكتابة مصدر رزق لك ككاتب.لذلك تجد أغلب الكتاب له وظيفة اخرى بجانب أنه كاتب.
*رغم أن تخصصك الأكاديمي حقوق إلا أن إجاباتك توحي بحرفية الأديب أو الكاتب فمن أين تشكلت هذه المعرفة أو الحرفية؟
**من خلال عدة أمور أولها المطالعة والعمل على تطوير الذات، والقراءة بكثافة وتبصر. وثانيها أنني دائما ما أتخذ مبدأ التشكيك، وهذا المبدأ ساعدني كثيرآ في الانتقال من مرحلة الى مرحلة آخرى. وثالثها التحلي بالصبر فالصبر ميزة كبيرة سهلت لي مواجهة المصاعب. وأخيرا كثرة التجربة وتكرار المحاولات وعدم الملل.
*وفي الخِتام ألديك كلمة أخيرة توجهها للكُتاب والقراء؟
**أما للكتاب فأقول إياكم والاستعجال فالاستعجال في الخروج لا يعطيك لذة الإنجاز. وعلى الكاتب أن يعمل على نفسه بكل جهد وصبر، ليصل بالتدريج إلى ما يطمح إليه. والكاتب بديهيًا يجب أن يكون قارئ أكثر من القارئ العادي، كي يقدم مستوى فكري وثقافي أعلى من الأرضية الموجودة حوله.
أما رسالتي لكل قارئ فهي: القراءة تنقذنا من كل شيء، حتى من أنفسنا، فلنقرأ حتى تنشأ علاقة بيننا وبين الورق، وبين العبارات والحروف.ولتكن القراءة في جدول يومنا كلأكل والشرب. فلربما عثرنا يوما ما على النهاية الجميلة للحياة بين دفتي كتاب.
