أنا .. والشعر
شعر : هلال بن سالم السيابي
١ كأس من الشعر لا من إبنة العنب
هذا الذي بي ، فمن للشعر والأدب !!
٢ عصرته من فؤادٍ ليس يعصره
إلا هوى وطنٍ ما زال يحفل بي
٣ وقلت ما أنت يا قلبي سوى نَفَسٍ
من شهقة ألحقت ركبي بمنتَسبِي
٤ فكيف ينهضُ كأسي بالوفاء ولو
هفا به القول من شعر ومن خطب !
٥ شادٍ ، وهل يملك العصفور غيرَ هوىً
بين الخمائلِ من ورد ومن ضَرَب
٦ غنٌَى فلم يبق من رمل ومن حجر
إلا تمايل من لهوٍ ومن طرب
٧ لا تحسبوا البلبل الصداح دونَ نهىً
وإن شدا بضروب اللهو واللعب
٨ وإنما هو في زاهي خمائله
شادٍ بمنكبه في كل مضطرب
٩ وما شدا بسوى ما في جوانحنا
خلق الحمائم في الأشجان والطرب
١٠ تكاد من صوتها تجري السفين على
بحارِها ، وتمورُ السحبُ في صَبَب
١١ هذي المقاصر من نخلٍ ومن زَهَرٍ
هي الأواصر ، فاقرأ قصة الحقب
١٢ للهِ كأس أرتنا من سلافتها
ما أحكمته الليالي من هوىً أشَب
<<>>
١٣ اللهَ يا وطني لو أنه بيدي
لكنت فوق مدار السبعة الشهب
١٤ أرمي بك الكون من سهل ومن جبل
وأبتني بك عز الدهر عن غَلَب
١٥ وأنثني بك فوق العرش من شرف
فإنما أنت أمي في العلا وأبي
١٦ يا ليت شعري كم أعجزت من عجم
– لدى الفخار – وكم فاخرت من عرب !
١٧ ارسيتها دولة شماء خافقة
اعلامها بالعوالي السمر والقضب
١٨ لكنما صارمي – يا موطني – قلم
وما الكتائب للأوطان كالكتب !
١٩ لا ينهض الشعر لو فاضت زواخره
بالأمر ، أو سال بالمرجان والذهب
٢٠ فإنما هو أصداء مرددة
من لحن واديك في مزمار ذي طرب !
٢١ لا أكذب ؛ القول هذا الشعر من كبدي
وإن بدا أحرفا بالهزج والخبب !
٢٢ فما رسمت به بيتا وقافية
إلا ومحراب قلبي أنت أو طنبي !!
٢٣ ولا اصطنعتُ حديثاً قطٌُ أو حدَثاً
إلا وعزٌُك قصدي ثم أو إرَبي
٢٤ فأنت منكبيَ الأسمى هدىً ويداً
وأنت ملتجئي في كل منقلب
٢٥ آوي إلى منكب من ساحتيك عَلٍ
وليس كل الذرى بالمنكب الحَدِب !
<<>>
٢٦ يا موطني .. يا رجال الفكر في وطني
هذي كؤوسي فهل من شاربٍ ذَرِب !!
٢٧ عصرت أكباديَ الحرٌى هوىً وأسَىً
على الكؤوس ، فهل منكم بمنتدب !!
٢٨ لا تحسبونيَ صباً دونما أفق
فإنما الشعر نجم السبعة الشهب
٢٩ وكيف ذاك ، ولم لا ، والهوى شغف
بالعبقرية في أبرادها القشب
٣٠ وليس أسمَىَ جلالاً ، أو أجلٌ سناً
من موطنٍ لم يكن إلا ضيا الحقب
٣١ فلتقرأوني حيٌَاً كنتُ أو جَدَثاً
صحائفاً ما شكت في الأمر من تعب
٣٢ وضعت شعري على الدرب السواء ، فما
ضلت ركابي بركض كان أو خبب !
٣٣ أستغفر الله ، ما قولي كذا ويدي
علية ، ويراعي غيرُ مضطرب
٣٤ أوقفته أبداً درعا لمكرمة
وإن يكن شاب بعضَ الجدٌّ باللٌعب
٣٥ فما مدحتُ أميراً كانَ أو ملكاً
ولا رثَيتُ سوى ذي الفكرِ والأدب
٣٦ شمائل قد أبت لي غير مُنتَسَبي
فليشجب الدهر ما قد شاء من شجب
٣٧ أبى ليَ الله أن تُلقى الظلال على
شعري بباطل قول ثمٌَ أو كذب
٣٨ قد صنته صونَ نفسي عن مداهنةٍ
وبت أرسله أنقى من السٌحب !!
٣٩ صافحت كف الثريا في مقاربتي
فكيف أدنيه من حمالة الحطب
٤٠ أبت ليَ الأمر آيات مطهرة
فما حديثيَ عن مال وعن نشب !!
٤١ كلا ، فما كان شعري والشبيبة في
ريعانها ، غير وهٌاج من القضب
٤٢ حسبي بأني لم أبعثه ممتهنا
عبر الأثير ، وهذا صفوة الحسب !!
٢٩ صفر ١٤٤٥ هج
١٥ سبتمبر ٢٠٢٣ م