همسات في الحياة الجزء الرابع عشر
خلفان بن ناصر الرواحي
(١) بعض الأشخاص في حياتنا شواطئ آمنة ورمالها نظيفة؛ فنركن إليهم لنستريح من تقلبات الحياة، وما أن نسمع أصواتهم أو نراهم أو نقرأ حروفهم إلا وابتسمنا وابتهجت قلوبنا؛ فنِعْمَ الصاحب من تحلى بمكارم الأخلاق وحسن العشرة…
(٢) إياك، ثم إياك أن تستخفَّ بأحد مهما كانت قدراته ضعيفة، وبداياته تائهة من وجهة نظرك؛ فربما رماه أعداؤه في جب النسيان وطمروه في رمال الطغيان وهو برىء كبراءة الذئب من دم يوسف عليه السلام، وربما قد تراه يومًا قد أصبح أفضل منك مقامًا وعلمًا ووجاهة، وما ذلك على الله بعزيز…
(٣) اعتاد أكثرنا على كثرة النِعم ولم ندرك قلتها عند غيرنا!! حتى أننا إذا سُئِلنا عن حالنا قلنا وبكل بساطة: “لا جديد لدينا!!”؛ فهل استشعر كل منا تجدّد العافية وبقاء النِعم ودوامها التي لا توجد عند غيرنا!!
(٤) إنّ قلوبنا كؤوس إن شئنا ملأناها حُبًا ومودة، وإن شئنا ملأناها حقدًا وشحناء مقيتة، وكل منا سيشرب مما وضع في كأسه، فإن أجبرتك الحياة على التلوّن فكن مثل الورود، وإن أجبرتك على السقوط فكن كزخات المطر عند الجدب لتحيي النفوس العطشى، وإن أجبرتك الظروف على الصمت فكن كسكونِ الليل؛ فالكلمة الطيبة صدقة فاجعلها من ضمن معاملاتك اليومية ولحظاتك الوقتية…
(٥) يقال: “ﻛﻠﻤﺎ ﺍﺭﺗﻔﻊ ﺍﻟﻤﺼﺒﺎﺡ ﺍﺗـَّﺴﻊ ﻧﻄﺎﻕ ﺇﺿﺎﺀﺗﻪ”؛ ﻓﺎﺭﺗﻔﻊ ﺃﻧﺖ ﺑﺪﻳﻨﻚ ﻭﺃﺧﻼﻗﻚ وتوكل على الله في كل شيء ولا تنسٓ فضل الله عليك بأن هداك لذلك الرشاد وحسن الخلق…
(٦) لا تترك أي شيء في قلبك ضد أحد، وسامح واغفر وتجاهل وأحسن الظن؛ فالحياة لحظات لا تعرف ولا تدرك خاتمتها فهي تستحق أن تعيشها براحة ثم ترحل ويبقى أثرك الجميل…
(٧) انتهزوا فرصة اللقاءات ومحطات تجربة الحياة فإنها لا تطول، ولا تفسدوها بالشقاق والجفاء والنزاع حول أتفه الأسباب بينكم، واملأوا أعيُنكم من وجوه الأحباب، وارتفعوا عن الصغائر لتجعلوا من رحلة العمر في سفينة العمر إبحارًا سعيدًا فى بحر السلام، فغدًا سوف تصل السفينة بتوفيق الله إلى مرفئها الأخير ويفترق الركاب، وربما لا تلقى أحدًا منهم وحينها لا ينفع الاعتذار أو الندم…
(٨) يزهر الإنسان مع الذي يسقيه كأس السعادة كل يوم ولو بكلمة؛ فكلما كنت جميل القلب ونقي السريرة، ستنال جميل العطايا وجميل الصحبة، وفراغات الروح لا تملؤها الأشياء المزيفة مهما كانت في تنوعها وفخامتها ورونقها؛ بل تملؤها الأشياء الصادقة مهما كانت بساطتها…