السلطنة تحتفي بالمخطوطات العمانية المهاجرة
مسقط/ العمانية
نظّمت اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم بالتعاون مع مركز ذاكرة عُمان أمس ندوة علمية حول المخطوطات العمانية المهاجرة بمناسبة الاحتفال بيوم المخطوط العربي الذي يصادف 4 أبريل من كل عام ، وذلك بقاعة المحاضرات بجامع السلطان قابوس الأكبر . وهدفت الندوة إلى تسليط الضوء على المخطوطات العمانية المُهاجرة، وتعميق الوعي بأهميةِ المخطوطات في الحياة الثقافية والفكرية، والاطلاع على أسباب وطرق انتقال المخطوطات العُمانية خارج حدود موطنها الأصلي، وكذلك لمناقشة الآراء والمقترحات التي من شأنها خدمة التراث الوثائقي والفكري العُماني.
وتحدثت في حفل افتتاح الندوة آمنة بنت سالم البلوشية مساعدة أمين اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم لقطاعي التربية والعلوم التي اوضحت في كلمة لها الأهمية الحضارية التي تشكلها المخطوطات في حفظ ذاكرة الشعوب والأمم، مشيرة إلى أن العرب أعطوا منذ العصور الإسلامية الأولى المخطوطات والكتب والمكتبات عنايةً كبيرة، وبخاصة في العصر العباسي حيث ازدهرت حركة الترجمة والتأليف، وأقبل الناس على النسخ وشراء الكتب واقتنائها والعناية بها، وقد حفلت المؤلفات العربية بكثير من المنثور والمنظوم.
وقالت إن “الأراشيف ودور الوثائق والمتاحف في دول العالم تزخر بنفائس المخطوطات العربية الإسلامية، وقد بذلت جهود كبيرة في العصر الحديث لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المخطوطات التي سلمت من الكوارث والنكبات، وعرف العالم أهمية إنقاذها وحمايتها، وترميمها، والحرص عليها؛ نظراً لما تحويه من فكر خلاق في العلوم الطبيعية والصيدلانية والرياضية والفلكية والكيميائية والأدبية واللغوية والإنسانية وغيرها، كما قامت بدورٍ بالغ الأهمية في قيام النهضة الأوروبية، بعد أن اطلع الأوروبيون عليها، ونقلوا جزءاً كبيراً منها إلى لغاتهم الوطنية، مما جعلهم يتقدمون خطوات كبيرة إلى الأمام في مضمار الرقي والازدهار”.
كما تحدثت عن ” المخطوطات العُمانية المهاجرة التي تتواجد في أماكن متفرقة من العالم، وما تمثله من معلومات مهمة جدا تخدم الفكر والتاريخ والتراث العُماني، و دعت الجميع إلى الاستمرار في بذل الجهود على كافة المستويات الوطنية للتعريف بأهمية المخطوطات العمانية عامة والمهاجرة خاصة ،ومتابعة السعي لاقتنائها، ورعايتها، وحفظها، وترقيمها، والتعريف بها وفق أفضل السبل والوسائل، وإنشاء المكتبة الرقمية للمخطوطات، التي تعد ذاكرة الأمة”.
وتم في بداية الندوة التي عقدت تحت رعاية محمد بن سليّم اليعقوبي أمين اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم تدشين العدد الأول من “مجلة الذاكرة” وهي مجلة فصلية تراثية تصدرها مؤسسة ذاكرة عُمان، وتُعنى بالتراث الفكري العُماني، كما تضم العديد من الأبحاث والمقالات الخاصة بالشأن التراثي والثقافي العُماني، بالإضافةِ إلى مواد خبرية عن المشهد الثقافي للسلطنة في مجالات التراث الفكري.
واشتمل برنامج الندوة على جلستي عمل حيث قدمت خلال جلسة العمل الأولى التي ترأسها الدكتور حميد بن سيف النوفلي مدير دائرة قطاع الثقافة باللجنة الوطنية ثلاث أوراق عمل، حملت الورقة الأولى التي ألقاها الدكتور سعيد بن محمد الهاشمي عنوان: “هجرة المخطوط العماني ـ كتاب الفوائد في أصول علم البحار والقواعد أنموذجا”، استعرض خلالها خمس نسخ من هذا المخطوط في المكتبات العربية والعالمية، كما أشار في ورقته إلى كتب ابن ماجد، حيث جاء القائد العثماني حسين الريس إلى المنطقة في بداية الخمسينيّات من القرن السادس عشر، وعكف على مؤلفات ابن ماجد لمدّة سنتين في
الهند، ليعود إلى بلاده ليفصح عن كتابه “المحيط في علم الفلك” ناقلا في كتابه بالنص عن مؤلفات ابن ماجد وسليمان المهري.
بينما قدم الباحث فهد بن علي السعدي الورقة الثانية وعنونها بـ”طرق انتقال المخطوطات العمانية إلى الخارج”، أكدّ فيها بأن العديد من دور المخطوطات العالمية تحتفظ بعدد هائل من المخطوطات العمانية، وانتقلت إليها بطرق مختلفة كالإهداء والاقتناء والاستنساخ والشراء. واختتم الدكتور أحمد بن محمد الرمحي جلسة العمل الأولى بورقته “المخطوط اللغوي العماني خارج بيئته”، تحدث فيها عن المخطوط اللغوي العماني خارج البيئة العمانية، ودور تلك البيئة في بناء منهج هذا المخطوط وفق الفنَّ الذي يتحدث عنه، ووفق الظروف البيئية خارج عُمان كالمؤثرات العلمية والفكرية وغيرها. كما تحدث في ورقته
عن التأثيرات التي تتركها المؤلفات في الحراك العلمي خارج موطنه الأصلي.
وفي جلسة العمل الثانية التي ترأسها يونس بن جميّل النعماني رئيس قسم الثقافة باللجنة الوطنية تم طرح ثلاث أوراق عمل، كانت الأولى بعنوان: المخطوطات المهاجرة،إشكالية المفهوم والدلالة”، وقدمها سلطان بن مبارك الشيباني، تناول فيها اصطلاح ” المخطوطات المهاجرة” ودقّة هذه الاصطلاح، ودلالته على المعني المرادف له، وعلى ماذا يشتمل وماذا يخرج منه. كما ضرب في ورقته العديد من الأمثلة على المخطوطات
العمانية المهاجرة لأجل الوصول إلى دلالة واضحة لهذا المصطلح.
أما الورقة الثانية فكانت حول مبادرة: “نحو خزانة رقمية للمخطوطات العمانية المهاجرة”، قدمها الدكتور صالح بن سليمان الزهيمي، تمحورت حول إنشاء منصة رقمية وطنية تجمع مختلف أنواع المخطوطات العمانية في مختلف العلوم، حيث تم إنشاؤها وفق المعايير الدولية، ووفق فهرس وطني موحد، وسوف تكون متاحة للجميع مع مراعاة سياسة الإتاحة لكل مؤسسة.
واختتمت الجلسة بعرض مرئي من شركة عكاسة للإنتاج الفني لكواليس من برنامج مخطوطات مهاجرة.