التقليد من الظواهر الخطرة على فئة الشباب
درويش بن سالم الكيومي
لقد تأثر الشباب في المجتمع العربي بالكثير من العادات الأجنبية السيئة التي نراها كل يوم تزداد انتشارا حتى أصبحت الشغل الشاغل عند بعض الشباب، وقد تأثروا بها وبمجموعة من التقاليد الدخيلة على مجتمعنا العماني وهي بلا شك ظاهرة سيئة انتشرت في المجتمعات العربية والإسلامية، وللأسف الشديد هناك تجاهل للتصدي لها من بعض أولياء الأمور، إلى أن تدرجت تلك الظاهرة بين فئات الشباب في المجتمع وخاصة بين طلبة المدارس ولاعبي كرة القدم والمشاهير من الممثلين والفنانين وغيرهم من الشباب الذين نرى فيهم القدوة الحسنة، ووصل بهم الحال إلى تطويل الشعر ولفه من الخلف متشبهين بالنساء والعياذ بالله، ولم يدركوا مدى سلبيات تلك الظاهرة على المجتمع الذي يعيشون فيه بشكل دائم!
إنّ ظاهرة التقليد الأعمى التي نتحدث عنها لم تكن موجودة بين أبائنا وأجدادنا بل المجتمع بأكمله، فلماذا نحن بالذات أصبحنا نمارس هذه العادة المنبوذة ونقبلها على أنفسنا، ألا وهي طريقة الملبس غير المحتشم والظهور به في الأسواق والمجمعات التجارية والطرقات والحدائق والرحلات وغيرها من الأماكن العامة، وكما أنه لا يليق ذلك التصرف بمسمى العائلة والمجتمع، ناهيك عن طريقة المشي وتقليد الكلام عبر المقاطع الصوتية والمرئية، وقصة شعر الرأس المنتشرة بين الشباب، وتطويل الشعر ولفه من الخلف بالمحبس، وتطويل الأظافر، والصبغ، ووضع القلائد والسلاسل باليد والرقبة.
فيا أسفاه! ماذا تركنا للبنات، وهل ممكن أن ينطبق علينا مسمى شباب ذكوري؟! أترك هذا الجواب للقارئ الغيور عبر صحيفة النبأ الالكترونية، بل لكل عاقل غيور على أسرته ومجتمعه.
عن عبد الله بن عباس- رضي الله عنه- عن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام أنه قال: ” لَعَنَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بالنِّسَاءِ، والمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجَالِ “. رواه الإمام البخاري. فهذا الحديث يكفي عبرة لمن يعتبر في الحياة الدنيا، ولكن رغم ذلك يقلدون تلك الظاهرة التي لا فائدة منها، وإنما تعود عليهم بالسمعة غير الطيبة وتسيء للأسرة والمجتمع، وللأسف الشديد بأن الحلاقة عند الشباب بالتلميس والبخار وحمام الزيت تكلف مبلغًا من المال يصل إلى (8) ريالات في كل حلقة، يتفنن بها العامل الحلاق، والعجب من ذلك بأن الشاب لا يزال باحثًا عن عمل يأخذ المصروف من جيب والده!
فتلك الحلاقة ملفتة للأنظار ومشينة على الشاب، فكيف يشارك بمنظره في مقابلة للوظيفة على أقل تقدير وهو في صورة قبيحة أمام الحضور وفي نظره بأنه يتماشى مع الموضة ولا يوجد أحد سواه يفتخر بمظهرة القبيح؟! وذلك ربما يقوده للفشل في الحصول على وظيفة، وهكذا يتكرر عنده الفشل عدة مرات ولكنه مصر على رأيه، فلا شك بأن التقليد في بعض الأحيان له فوائد فيجب علينا أن نختار منه المناسب، فنقلد آباءنا وأجدادنا وأخواننا وأصدقائنا الذين بذلوا قصارى جهودهم في العمل اليومي الشاق في خدمة المجتمع، ونقلدهم في الملبس المحتشم، وحضور المجالس العامة والتمسك بالتقاليد الوطنية، وأخذ العلوم وطريقة تقديم القهوة للضيف، وأيضًا نقتدي بالأخوة المعلمين والكتاب والأدباء وبدورهم البارز في إنشاء جيل متعلم متفتح للمستقبل، وكذلك نقلد مشايخ العلم وأئمة المساجد والوعاظ الأجلاء الذين تدرجوا في المراحل التعليمية والدينية والفقهية وارتقوا بها إلى أعلى المستويات وشاركوا ومثلوا البلد كالسفراء للوطن وقدوة حسنة، وعلينا أيضًا اكتساب الثقة في المهن الشريفة والإشهار بها في المجتمع لأنها تتعلق بكسب الرزق والدخل اليومي وخدمة الوطن الغالي الذي يتطلب منا أن نبذل له كل ما بوسعنا من جهد وطاقة، فهذا هو التقليد الذي يجب بان نمارسه في حياتنا اليومية، ولا نتجاهل مبادءناوعاداتنا وتقاليدنا وديننا الحنيف الذي حثنا على الجد والاجتهاد والأمانة والإخلاص والطاعة لله وللوطن والسلطان أعزه الله، وليس كما نراه اليوم بين شباب المجتمع، ولو سألنا أنفسنا قبل التقليد هذا السؤال؟ هل يقبل الأجانب الذين نحن نقلدهم بهذه الأفعال بأن يرتدوا على أقل تقدير الملابس العربية والخليجية أو يقلدوا عاداتنا وتقاليدنا وديننا؟ فالإجابة أعتقد بأنها معروفة لدى الجميع!
إذن لماذا لا تأخذنا الغيرة والرجولة والشهامة التي نعتز ونفتخر بها في مجتمعنا من الحضر والبدو ونحن كشباب مسلمين عرب الأصل لنا أصالتنا وعاداتنا وتقاليدنا الرفيعة ونرضى بأن نقلد الأجانب واليهود ليس في الملبس فحسب بل في كل شيء؟ أين سمعنا وبصرنا الذي نرى به مسيرة الحياة وعقلنا الذي نفكر به؟
سؤال أطرحه على أصحاب الأقلام الذين لديهم الرأي الصائب في هذا الموضوع عبر صحيفة النبأ الالكترونية بأن لا يبخلوا علينا في المشاركة للتصدي لمثل هذه الظاهرة الخطرة التي تنتشر بين فئة الشباب في المجتمع العربي، ونسأل الله أن يصلح شباب الأمة.