2024
Adsense
القصص والروايات

في معطف من الغيوم القرمزية

فتحية الفجري

فقدنا النهوض باكرا مع صوت العصافير والحمائم التي تشبة مقطوعة موسيقية عذبة ،نمر بعدها بطريق طويل للوصول إلى ذلك الصرح الشامخ الذي لطالما حلمت به ،وأخذ من عمري الكثير للوصول إليه ،

5:50
فجرا الطرقات خالية ، يعتريها السكون ،ضوء فجري فيروزي خافت ،ضباب كثيف فاتر يسكن النوافذ والمباني ،اختفت دهاليز تلك القرى ،لا أرى شيئا من الضباب الكثيف سوى الخطوط الصفراء على جانبي الطريق ،ومصابيح مدورة كأنها بلور في يد ساحرة إحدى قصص الخيال تضيء على الشارع المسفلت قريبا ولم يجف بعد ،وأضواء السيارات المارة التي لايرى منها سوى نقاطتان مضيئتان بلون الكهرمان ،
دقائق بعدها ‘ تنصب الشمس مثل إكليل نحاسي على الطرقات والمباني …
أعتقد أن الجمال توقف عند هذه المشاهد …..

أظل متسمرة أمام تلك اللحظات ومندهشة بين سحر تلك المشاهد ،أكمل يومي بالاستماع لحلقات المتحدث روبن شارما وأتجول حينا آخر إلى عطر كتبي وأنا ممتنة لكل ما أنا فيه من نعيم ونقاء ورضاء ،متنعمة محلقة بكل هذه التفاصيل الجميلة .

لن أنسى ذلك الصباح الذي أدون فيه يومياتي وانتصاراتي ،أهدافي وإحدى نصوصي وأعظم امتناني..
شوق لممرات الجامعة ..للرفاق..للفصول..للمساتره..
ارتشاف النسكافيه على مهل ،الجلوس في الساحة..غارقة منصته لصوت الطبيعية من حولي..
أشبع رئتي بهواء نقي في باحة الحرم الجامعي…

أراقب تجمع سرب من الحمام على أحد قباب الجامعة ذات الهندسة المعمارية الخلابة والمرافق المقوسة كقباب قصر في بلاد العجائب،والساحات المتضوعة بمنحوتات غاية في الدقة والبراعة كأنها إحدى منحوتات (باربرا هيبورث) وهي لطلاب الفنون …….

اعتدت أكثر أوقاتي الجلوس أمام (مبنى السويق)،وأمامه ساحه التخرج، أتسمر هناك جالسة على المدرجات وأحلم بالوصول إلى تلك اللحظةّ، ترى من بعيد تلك التحفة المعمارية في ذهول من فتنتها ،وهي تغوص في معطف من الغيوم القرمزية ،مكتبة الجامعة الشبيهة بالمتاهة في هندستها العجيبة، والتي دائما ما تغريني للتجول فيها واكتشافها ككنز ،
وكما قيل ” أن الجمال والغموض يغرقان الزائر بالصمت ،ويدفعانه للتبصر والحلم “.

قد تتخدر حين رؤيتك لتلك الأعمدة والأرفف والتقسيمات الخارجية ذات الصفائح الزجاجية المطعمة بلون الزبرجد ،تتوسط ذلك المبنى نافورة مضيئة بألوان ساحرة ،عند رؤيتك لها والمرور بقربها ،تبتسم مثل طفل وجد حل أحجية معقدة …
بجانبها مقهى يعد ألذ أنواع القهوة الساخنة والباردة ، و……أميز رائحة البن على الإطلاق…مع أطباق الحلو …

الجلوس بالقرب من ذلك ( coffee)على مقاعد صنعت من الخشب القاتم اللون كحطب العود ،ورؤيتك للنافورة الرخامية المضيئة ،واندهاشك بضوء الشمس المنصب عليها مشهد خيالي لامثيل له .

لحظة صمت وسكون ‘تاهت نظراتي في زوايا ذلك المكان الشاسع ،وفي براعة هندسته ،وسحر أنواره…

لدى رؤيتك لتلك المنحوتة الخرافيه كأنها متاهة ضخمة،والتمعن في دهاليزها وممراتها والسلالم وأبراجها ومخابئها يخيل إليك أنها لغز يصعب حله ،كأنها إحدى الحدائق المعلقة ،ومن دهشتك تتأمل المشهد بفم مفتوح…
يمر نهار ذلك اليوم الفاخر بتفاصيله معلنا الرحيل

يبتلعنا السكون إلا من صوت كعب أحذية الطالبات على الرخام الملون ،ونغمة الخلاخيل الذهبية والأساور الفاخرة ، وصوت مشرفات السكنات يتعالى بين فينة وأخرى عند وصول الحافلات مودعين بأناقتنا يوما مفعما بالجمال الباذخ…

 

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights