التفاؤل وأثره في حياة الإنسان
محمد الشرع الجساسي لـ ( النبأ ): التفاؤل ميل الإنسان لتوقع أشياء جيدة ستحصل له حاضراً ومستقبلاً
عبري ( النبأ )
صلاح بن سعيد المعلم العبري
التفاؤل هو ميل أو نزوع نحو النظر إلى الجانب الأفضل للأحداث أو الأحوال في الحاضر والمستقبل، وهو شعور يتملَّك من الإنسان، ويمكن وصفه بأنه شعور عاطفي .
وحول التفاؤل تحدث الفاضل / محمد بن حمد الشرع الجساسي، المحاضر في التنمية البشرية وتطوير الذات، لـ (النبأ) قائلاً: نلاحظ أن الإنسان الذي يتصف بالتفاؤل دائمًا لديه الرغبة المستمرة في تحقيق العديد من الأمور، وتوقع أفضل النتائج، والتفاؤل وجهة نظر في الحياة، والتي تبقي الشخص ينظر إلى العالم بنظرة إيجابية، أو تبقي حالته الشخصية في اتزان وإيجابية، كما أنه يبعث في النفس الأمل والطمانينة والسكينة، ويحفز على الإيجابية والعمل بنشاط وفاعلية.
وحول أمثلة التفاؤل يقول: من أمثلة التفاؤل الاستبشار برؤية الأصدقاء، والأحباب، والدعاء بالخير لنفسه ولأهله ولجميع الناس، ورؤية الأطفال، والاستبشار بنزول الغيث، ورؤية الوالدين، وزيارة الأرحام والمرضى، والإحسان إلى الفقراء، ومساعدة المحتاجين، وإصلاح ذات البين، ومن الأحاديث التي تدعم التفاؤل قول الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- :(بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا، وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا). [صحيح مسلم: 1732] وكان المصطفى الحبيب -صلى الله عليه وسلم- يُحب التفاؤل الحسن فعن أنس رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:(لا عَدْوَى، ولا طِيَرَةَ، ويُعْجِبُنِي الفَأْلُ: الكَلِمَةُ الحَسَنَةُ، الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ). [صحيح مسلم: 2224] كما أن التفاؤل ميل الإنسان لتوقع أشياء جيدة سوف تحصل في الحاضر المستقبل، ومن ثم فهو عبارة عن موقف عقلي يتخذه الإنسان، كما أنه يؤثر في الصحة الجسدية والعقلية، فضلًا عن أنه وسيلة يتمكن من خلالها الإنسان من التكيف مع واقع الحياة اليومية، وكذلك يمنحه الطاقة الإيجابية لمواجهة المشاكل والتحديات التي تعترض حياته.
لذلك أصبح التفاؤل في الحياة والأمل بغد أفضل، من بين أهم علامات الإنسان الناجح، والسبب يعود إلى أن الإنسان المتفائل يحاول أن يزرع الأمل في نفسه، وفي نفس كل من حوله، وكذلك يعزز ثقته بنفسه، وفي نفوس الآخرين، ولعل نظرة التفاؤل التي يحملها الشخص ما هي إلا انعكاس للرؤيا الإيجابية التي يحملها على الرغم من المصاعب الكثيرة التي تواجهه خلال مسيرة حياته.
الأثار النفسية للتفاؤل:
مشيراً إلى أن الدراسات التي أجريت على مجموعة من الأشخاص في منتصف الأعمار والمصابين بأمراض نفسية؛ تؤكد أن الأشخاص المتفائلين أقل عرضة للإصابة بالأمراض النفسية، مثل الكآبة، والقلق، والتوتر من المتشائمين، وكذلك يكون هذا الشخص في أغلب الأحيان أكثر نجاحًا في حياته، فيتفاعل بشكل كبير مع الناس المحيطين به؛ ومن ثم يستطيع التكيف مع الصعوبات الحياتية التي تواجهه، فلو أصيب الإنسان المتفائل بأي مرض من الأمراض المزمنة نجده أكثر تقبلًا للواقع، على عكس الشخص المتشائم؛ لذلك فالشخص الناجح والمقبل على الحياة يميل إلى التمسك بالتفاؤل والأمل، فهما يمثلان عنصرين أساسيين في تكوينه النفسي، قال تعالى: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا). ( التوبة: من الآية 40).
وعن أثر التفاؤل في أفراد المجتمع، يقول الجساسي: إن التفاؤل والأمل هما الوسيلة الأكثر نجاحًا لحياة صحية ونفسية واجتماعية متوازنة، فقد أصبحا من الأمور الأساسية في الحياة، فلكل من يرغب في أن يعيش حياة خالية من المتاعب والهموم، فما عليه إلا التفاؤل والتمسك بالأمل، وبأن القادم هو أفضل بإذن الله؛ لذا أصبح التفاؤل بمثابة الطاقة الكامنة التي تدفع الإنسان إلى حب الحياة، الأمر الذي ينعكس على المجتمع بأسره.
وهنالك الكثير من الأفكار الإيجابية التي يطرحها خبراء علم النفس؛ لجعل الإنسان أكثر تفاؤلًا، والتي تتسم بالكثير من البساطة، وكذلك تساعد كل شخص على أن يكون قادرا على التحول من عقلية متشائمة إلى عقلية متفائلة، ولعل من بين أهم هذه الأفكار التأكيد على الإيجابية، والحرص على تبني الأفكار التي تتصف بالإيجابية، والابتعاد عن كل ما هو سلبي، والحرص على عدم المقارنة بينك وبين الآخرين بطريقة سلبية، فالمقارنة هي القاتلة التي تجعل الإنسان في حالة من عدم الاتزان الفكري والنفسي، وقد تؤدي إلى الاكتئاب، والحرص على أن تجد الجيد والحسن في كل موقف حتى في تلك المواقف الصعبة العقلانية، والحرص على تحسين صحتك البدنية من خلال ممارسة الرياضة ولو بأبسط صورها، واتباع نظام غذائي صحي ومعتدل، والابتعاد عن العادات السيئة، كالسهر والتدخين، شيئًا فشيئًا سوف تشعر بتحسن، والحرص على الصحة العقلية؛ لذا احرص على أن تضع دائمًا عقلك في تحدّ، من خلال القراءة، أو تعلم أشياء جديدة تطور بها ذاتك.
كما أن للشعراء مواقف في الحث على التفاؤل؛ حيث اختتم محمد الشرع قائلاً: هناك من أبيات الشعر الجميلة التي قالها الشاعر إيليا أبو ماضي، والتي تدعو إلى التفاؤل؛ حيث يقول:
أيُّها الشاكي وما بكَ داءٌ
كنْ جميلًا ترَ الوجودَ جميلا
وكذلك الشاعر مصطفى الغلاييني حينما قال:
إِنّ للآمالِ في أنفسِنا
لذةً تُنعشُ منها ما ذَبلْ
لذة يحلو بها الصبرُ على
غَمَراتِ العيشِ والخَطبِ الجللْ
وفي الختام نقول:
أعلّلُ النفسَ بالآمالِ أرقبُها
ما أضيقَ العيش لولا فسحةُ الأملِ