التواصل الإلكتروني بين مطرقة الاستعمال وسندان الاحتيال..
عبدالله بن حمدان الفارسي
أنا على علم مسبق لمجرد تمحور وبلورة فكرة هذا الموضوع في ذهني الذي سوف أسرده لكم، إنها ستأخذ منحنيين بين التصاعدي من مبدأ التأييد والآخر تنازلي من حيث التنديد، وهذه ظاهرة طبيعية من النادر الإجماع والاتفاق على رأي أو شي واحد والتي قد يرى البعض إن هذه التغريدة هي خارج المساحة المألوفة أو أنني الوحيد الذي يرتدي عباءة التشاؤم، ويحاول في ذات الوقت أن يلزم غيره باقتنائها وليس بالضرورة ارتداءها.. المهم ترسخت لديه القناعة بما يمتلك كل منا.. نعم
لا يوجد اثنان في وقتنا هذا على اختلاف إلا ما ندر من حيازة كل واحد منا لا سيما طبعًا من لدية القدرة المالية المتيسرة على الجهاز النقال أو الجوال كما يحلو للبعض تسميته، وبسبب هذا الجهاز وهو حديث العهد ومن مواليد عصر التكنولوجيا المتقدمة والذي بكل بساطة ألقى هيمنة وسيطرة على الهاتف الثابت حتى كاد يلغي وجوده نهائياً من الأماكن التي احتلها طويلا..
وبالرغم أن كلمة الاحتلال هي بحد ذاتها مزعجة ومريبة للبعض، وحتى نبهج النفس ونسر القلب ولمنع الأفكار المترنحة بأن تشطح بعيداً فقد أرتأيت استبدالها بمفردة تحمل معنى أقل حدة وألطف تعبيراً وهي( إحلال )، ومن المعروف بديهياً إن القلب ليبتهج طرباً حين تلامسه هذه المفردة لما لها من دلالات ذات أبعاد لا يفقهها إلا من عاش تحت وهج الاحتلال ووطأة سطوته بكل صوره وأوصافه وأصنافه.
وحتى لا تغيب الفكرة التي أود طرحها.. دعونا في بداية الأمر أن نمتدح ونبجل وسائل الاتصالات التكنولوجية والتي هي غاية طرحي هذا على مختلف مراحل حياتها من ولادتها، وتماشياً مع نموها المتسارع حيث أنها خدمت بكفاءة الفترة التى رأت النور فيها بحسب ما لديها من إمكانيات في تلك الفترة إلى عصرنا الآني، وهي تؤدي دورها بكل تفاني لخدمة البشر من تسخير وتقريب وتوضيح وتنوير وراحة، ومن تلك الوسائل أو التطبيقات على سبيل الذكر لا الحصر ( الواتساب – الفيسبوك – تويتر وغيرها ).. إلا أنّ من وفِّرتْ لهم هذه الوسائل لتكون عامل ترفيه وتعليم وتوطيد علاقات ذات منفعة متنوعة وممتعة وخدمات لا يمكن حصرها جعلوا منها وسائل لممارسة الإجرام بمختلف أنواعه، الابتزاز والسرقات والاختلاسات وتدمير العلاقات الإنسانية والعائلية وهتك لأعراض الأبرياء واقتحام الخصوصيات، وبذلك تم تحويل هذه الوسائل أو التطبيقات إلى هاجس مريب ومخيف مقلق، وبدلاً من التعامل مع هذه الوسائل بكل أريحية واطمئنان أصبحت عاملًا مقلقًا، لا تكاد تأتيك رسالة أو اتصال من مجهول أو حتى من معروف إلا وهاجس الوسواس الخنّاس يداعب أفكارك السوداوية ويرفع ضغطك ويهبط مستوى السُكَّر لديك، كل هذا يحدث لديك وأنت في حيرة من أمرك ما بين الرد أو التجاهل لتلك الرسالة أو ذلك الاتصال، والأصعب من ذلك أحياناً قد يكون في ذلك الاتصال منفعة كبيرة لك، ولكن بسبب ما نسمع ونقرأ من تحذيرات وإنذارات نفوّت على أنفسنا فرصاً ذات أهمية بالغة..
الآن نقول ونسأل ونتساءل مَن منّا لديه الاستطاعة بالاستغناء عن هذه الوسائل والتطبيقات التي ذكرت في ظل تواجد هذه الأساليب التي لا ترقى ولا تنتمي لعالم الإنسانية.. والأهم من ذلك عندما تجيب أحدهم بأنك لا تتعامل مع هذه التطبيقات طبعاً لغاية في نفس يعقوب.. يا ترى ما نوعية النظرة التي تخرج سهامها من عينه لتخترق جبهتك أو ما هي الفكرة التي سيختزنها في ذهنه عنك( جاهل- متخلف- سلبي – بخيل )، كثير من الصفات السلبية التي سيلصقها بعباءة سلوكك أو تفكيرك بدون تأني أو تردد.. فهل فعلاً في وقتنا هذا نستطيع التكافل عنها، وما هي الوسائل البديلة المأمونة؟ وهل بينكم من عانى وانكوى بنار هذه السلبيات وتأثر بها؟