متى نرحل؟
أحمد بن موسى بن محمد البلوشي
كثيرًا ما نسمع بأن الرحيل أو الانسحاب ينقذ الموقف، وكثيرًا ما سمعنا عن خلافات وشقاق بين الإخوة أو الأصدقاء أو زملاء العمل أو الأزواج بسبب نقاش في موضوع ما ووصل بهم الحال إلى الفراق والسبب هنا هو عدم الرحيل في الوقت المناسب، ولا أقصد بالرحيل هنا المغادرة النهائية؛ بل الانسحاب من الموقف.
فالبعض يقول بأن الرحيل أو الانسحاب من أي موقف ليس أمرا صائبا، ولكن الحقيقة أنّ الرحيل في أغلب المواقف أمر جميل وصائب وإن اعتبره البعض هروبا أو ضعفا، ولكن يجب أن نكون موقنين بأنّ الرحيل في بعض المواقف يحتاج إلى شجاعة وليس ترددا؛ فاتخاذ القرار بالرحيل يعتبر قوة إذا كنت تعرف نهاية ومصير هذا الموقف.
والجميع منا يتعرض في حياته وبصورة يومية إلى مجموعة من الانفعالات والأحداث التي قد تعكر المزاج، وتثير الغضب والاستياء، والتوتر الذي يؤثر على العقل، فيتوقف عن التفكير بمنطقية وعقلانية؛ فتجنب أن تُناقش أحدا وأنت في هذه الحالة؛ كي لا تفقده، فكم من عزيز فقدناه والسبب عدم اختيارنا للوقت المناسب للنقاش، أو الانسحاب في الوقت المناسب من هذا الحوار ، وعندما تسترجع الذاكرة تجد بأن النقاش كان لشيء لا يستحق ولا قيمة له كما يقول ألبير كامو:” الانسحاب من حياة بعض الأشخاص، لا يعني الاستسلام، بل غالباً يعني أنّك صمدت طويلاً من أجل شيء لا يستحق”، فبهذا الانسحاب تكون قد حافظت على صلة الود بينك وبين من تحب، ويقول باولو كويلو :” الانسحاب الذي يحفظ كرامتك بحد ذاته انتصار”.
أخيرًا تأكد أيها العزيز بأنّ ليس كل رحيل عن الموقف ضعف وجُبن، وليس الاستمرار شجاعة، بل إنّ الرحيل الجميل عن بعض المواقف مهم جدًا كي تحافظ على العلاقات بينك وبين الآخرين؛ فيجب عليك الاهتمام والعناية بهذه العلاقات كي لا تفقدها وتفقد من تحب معها.