الاعتذار…قيمة أخلاقية.. ثقافةٌ وشجاعة…..
هلال بن حميد المقبالي
يقال إن الدين المعاملة، فمن منا لا يخطيء؟
ومن منا لم يتعامل مع أشخاص بطباع متغيرة ، وعقول مختلفة؟..
المجتمع مليء بالمرادفات والتناقضات، سواء كان في العلاقات أو في التعامل مع الآخر، وقد أوجدت الحضارات على مختلف عقائدها وأزمنتها ثقافة معينة في تعاملهم ، و علاقاتهم المجتمعية، وذلك منعاً للصراعات، والاختلافات في المفاهيم والعلاقات، و المعاملات الاجتماعية، إنها ثقافة الاعتذار، والدين الإسلامي جاء موكداً، ومكملا لهذه الثقافة الأبدية ، قال الله تعالى “الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ”. الآية 134 سورة آل عمران.
الاعتذار قيمة أخلاقية وإنسانية، ثفافة و شجاعة، تكاد تكون نادرة في مجتمعاتنا الحالية ، و ذلك لأسباب عدة منها المكابرة، والعزة بالإثم والإصرار على الخطأ وتمجيد القوة بالظلم ، ولكنه يبقى عند الآخر جوهر العلاقات، ومكنونها الأخلاقي وسبيل لثقافة التعايش مع الآخر و رقي التعامل ، فالاعتذار لا يعني أنك على خطأ فقط ، بل يعني أنك تقدّّر العلاقة مع الآخرين وتمنحها أهمية كبيرة ، و ليس الاعتذار دليل ضعف أو سذاجة كما يظن البعض و يعتقده ، بل هو ثقافةٌ و شجاعة، إرادة وثقة ، نقاء وصفاء ، حب واحترام.
إن ثقافة الاعتذار سلوك إخلاقي تحتاج أن تمارسها مجتمعاتنا بجدية تامة، و وعي مستنير ، و أن تغرس هذا السلوك الإخلاقي في نفوس الناشئة، لتكون جزءاً من ثقافتهم ، وفناً من فنون التعامل والرقي، ليعتادوا عليه في علاقتهم المجتمعية و تعاملاتهم الاجتماعية، و ممارسته بلا تردد ، و بدون الشعور بالضعف أو الخجل، فما أجمل الاعتذار حين يأتي من مخطئ إلى مخطئ في حقه، فإنه يقلب كل الموازين ويضمد جراح القلوب ، ويشفي الصدور، ويطفئ نيران الغضب المؤججة، لذلك يجب علينا الاعتذار ، ممن قصرنا أو أخطأنا في حقهم ، لكي تزداد الروابط قوة وتطيب النفوس نقاوة ، ويسلم المجتمع من غباء الجهل و العناد ، والكبر والإصرار على الخطأ ، الذي قد يدمر العلاقات المجتمعية، والأسرية على حد سواء.
أنا آسف، عذراً ، اعتذر منك، اسمحلي كلمات جميلةٌ ، و سهلة النطق و لكنها قوية في المعنى، عظيمة في النفس، نقية في القول، إذا اعتدنا عليها ستغير نهجاً في سلوك تعاملنا، كلمات لا تكلفنا شيئا، ولا تنقص من هيبتنا وكرامتنا إلا سمو الأخلاق وعلو المكانة ، و رقي التعامل، ثقافة لا بد أن نتحلى بها ، فنحن مطالبون إلى تربية نفوسنا على ثقافة الاعتذار وطلب العفو و التسامح من الآخر ، فما أجمل المجتمع الذي يتبنىٰ ثقافة الاعتذار والتسامح ، في تعاملاته مع الآخر ، و يزرع هذه الثقافة في النشئ، فكم نحن في حاجة إلى الشجاعة، و قوة الإرادة لبث ثقافة الاعتذار في مجتمعنا.