صور : سعيد بن أحمد القلهاتي
نظمت دائرة التراث والثقافة بمحافظة جنوب الشرقية اليوم – بمجلس العفية بولاية صور – ندوة ومعرض “تراث وآثار محافظة جنوب الشرقية” وذلك تحت رعاية الشيخ محسن بن غلوم العجمي مستشار الشؤون التراث بمكتب سعادة وكيل وزارة التراث والثقافة لشؤون التراث وبحضور سعادة الشيخ صقر بن سلطان الشكيلي والي صور والمشايخ والمسؤولين بالمؤسسات الحكومية والخاصة بالمحافظة وأعضاء المجلس البلدي .
تأتي الندوة نظرا لما تتمتع به محافظة جنوب الشرقية من معالم تاريخية وأثرية وقلاع وحصون ودور حضاري حيث جاءت لإبراز هذه المعالم ودور المحافظة التاريخي ، وكذلك إلى إبراز دور الوزارة في التنقيب والحفاظ على الآثار والمعالم التاريخية وبيان دور الوزارة في ربط المعالم بتاريخ وحضارة عمان ومدينة قلهات الأثرية وتوعية أبناء المحافظة في تحقيق أهداف الوزارة في التعريف بأهمية التراث الثقافي وحماية اثار المحافظة وتجسيد ما تتميز به محافظة جنوب الشرقية من تراث قلاع وحصون تاريخية وعادات وتقاليد وتوصيل أفكار إيجابية للجمهور بما يتناسب مع أهداف الندوة العلمية الثقافية وبما يعكس أثرة في نفس وحياة الفرد ويساهم في زيادة الوعي .
هذا وقد بدأت فعاليات الندوة بكلمة للمتحدث الرسمي للندوة قدمها الشيخ حمود بن حمد بن محمد الغيلاني مدير دائرة التراث والثقافة بمحافظة جنوب الشرقية تطرق من خلالها حول المسار التاريخي لمحافظة جنوب الشرقية موضحا بأن محافظة جنوب الشرقية تمثل الواجهة الجنوبية الشرقية لسلطنة عمان ، وهي تطل على بحر العرب من ناحية الشرق وبحر عمان من الشمال ، كما تتصل برمال الشرقية من ناحية الجنوب وتضم محافظة جنوب الشرقية خمس ولايات وهي صور والكامل والوافي وجعلان بني بوحسن وجعلان بني بوعلي ومصيرة ومركز المحافظة ولاية صور وكأي محافظة من محافظات السلطنة ، كان لمحافظة جنوب الشرقية مسارها التاريخي ، ولعبت العديد من الأدوار التاريخية المميزة في المسار الحضاري لعمان من فترة ما قبل الميلاد وحتى عصرنا الحاضر ويؤكد ذلك العديد من المكتشفات الأثرية التي عثرت عليها عمليات التنقيب التي تقوم بها وزارة التراث والثقافة ، فهناك العديد من عمليات التنقيب التي تسيّرها الوزارة سنويا للتنقيب في المواقع الأثرية العديدة التي تزخر بها مختلف ولايات محافظة جنوب الشرقية ، وأضاف : ويُشار إلى أنَّ مسار رحلة مالك بن فهم الأزدي من اليمن إلى عمان اتخذت مساراً برياً وبحرياً نحو أقصى شمال المحافظة وتركيزا في ولاية صور بقرية قلهات حيث استقر وبدأ منها تأسيس دولته ولقد ورد في العديد من كتب التاريخ الكلاسيكية القديمة من عهد هيردوت واسترابو وبليني ومن ثم صاحب كتاب الطواف حول البحر الأرتيري الكثير من الإشارات .. العديد من المواقع والمراكز النشطة تجارياً ، وفي العهد الإسلامي كذلك ذكرت بعض المواقع كمدينة صور وقلهات في مؤلفات كل من سليمان التاجر ( 237هـ / 851 م ) في كتابه (سلسلة التواريخ ) وأبو زيد الحسن السيرافي في كتابه ( أخبار الصين والهند ) حيث أكد أن عمان اشتهرت بالربابنة والإدلاء الذين اعتمدت عليهم المراكب الصينية والهندية والعربية والإفريقية والهمذاني (334 هـ / 945 م ) في كتابه ( صفة الجزيرة العربية ) والاصطخري ( 340 هـ/ 951 م ) في كتابه ( مسالك الممالك ) وبرزك بن شهريار ( القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي ) في كتابه ( عجائب الهند بره وبحره وجزائره ) وابن الفقيه الهمداني ( 365 هـ / 975 م) في كتابه ( كتاب البلدان ) وابن حوقل ( 380 هـ / 990 م ) في كتابه ( صورة الأرض ) والمقدسي (390 هـ / 999 م ) في كتابه ( أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ) حيث يتفقون جميعا على طبيعة عُمان الجغرافية واهتماماتها التجارية وشهرتها الملاحية.
وحول أهم المواقع الاثرية الشاهدة على مسار المحافظة التاريخي قال الباحث حمود الغيلاني لقد غطت عمليات التنقيب عن الآثار التي تقوم بها وزارة التراث والثقافة جميع ولايات المحافظة تقريبا ، وأبرزت تلك العمليات من العثور على العديد من الشواهد الاثرية تعود الى ما قبل الميلاد ، ومن أهم تلك المواقع الأثرية راس الجنز ورأس الحد والسويح وقلهات ومصيرة وكبيكب ومرتفعات كمس ( سيح الحسنات ) والكامل وخور جراما ،، وأوضح الغيلاني حول العلاقات الاقتصادية للمحافظة فقال : لقد تعددت العلاقات الاقتصادية لولايات محافظة جنوب الشرقية منذ فترة حضارة مجان وحضارة ملوخا وحضارات بلاد الرافدين ، فقد أبرزت عمليات التنقيب التي تجريها وزارة التراث والثقافة باستمرار في المحافظة عن الكشف عن وجود علاقات مع تلك الحضارات تم التعرف عليها من خلال اللُّقى الأثرية التي تم العثور عليها ، كما بينت نوعية الانشطة الاقتصادية لها كصيد الاسماك أو التجارة البحرية .
وحول الملاحة البحرية في جنوب الشرقية قال : تعتبر مهنة العمل في البحر كالملاحة البعيدة أو صيد الأسماك ، واستخراج الملح من الأنشطة التي برزت فيها ولايات محافظة جنوب الشرقية ، وخاصة فيما يتعلق بالتجارة البحرية فمنذ ما قبل الميلاد عرفت ولايات محافظة جنوب الشرقية وخصوصا ولاية صور نشاطاً تجارياً كانت لها عمليات السبق والتميز مما اعطى النشاط الملاحي العماني في مجمله ميزة العالمية في نشاطها البحري وعلاقاتها التجارية مع الصين والهند وجنوب شرق آسيا وأفريقيا ، وبرز العديد من الملاحين العمانيين في ولايات جنوب الشرقية خاصة صور وجعلان بني أبو علي ومصيرة .
تضمنت الندوة أوراق عمل وبحوث علمية عن آثار محافظة جنوب الشرقية وقلاعها وحصونها وتاريخها الحضاري على مر العصور وقسمت إل جلستين الأولى تراسها خالد بن علي المخيني وتضمنت ثلاثة أوراق عمل حيث قدمت كوثر القايدي من الدائرة القانونية بوزارة التراث والثقافة ورقة عمل بعنوان دور الوزارة في الحفاظ على التراث فيما قدم محمد بن خلفان العيسائي من دائرة التراث العالمي ورقة عمل بعنوان دور الوزارة في التعريف بتاريخ وحضارة عمان ( قلهات العالمية ) فيما قدم ابراهيم المقبالي من دائرة التنقيب ورقة عمل حول ابرز الاكتشافات الأثرية بمحافظة جنوب الشرقية ، فيما ترأس الجلسة الثانية محمد بن سعيد العريمي وتضمنت الجلسة ورقتا عمل حيث قدم عيسى بن صالح الهدابي من دائرة القلاع والحصون ورقة عمل بعنوان دور الوزارة في الحفاظ على القلاع والحصون وقدم المهندس أحمد بن محفوظ العلوي والمهندسة إيثار الحسنية من دائرة الترميم والصيانة ورقة عمل حول دور الوزارة في صيانة وترميم القلاع والحصون بعده فتح باب الحوار والنقاش حول اوراق العمل المقدمة ثم قام راعي الندوة بتكريم مقدمي اوراق العمل والمساهمين والداعمين .
وقد تخلل الندوة افتتاح المعرض التراثي والأثري المصاحب الذي ضم معروضات لتراث المحافظة بشكل عام وولاية صور بشكل خاص وبمشاركة كل من وزارة التراث والثقافة ومتحف العفية التراثي لسالم بن حميد المعمري ومتحف بيت أيهم التراثي لثاني بن سبيت الغيلاني ومتحف بيت النوخذة لأحمد بن مسلم العلوي ومتحف الباحث بدر الساني حيث يستمر المعرض يومان .
